زارت ''النهار''أمس منزل عائلة الانتحاري''بن جمعة توفيق''، مفجر مقر الأمن ببرج منايل أول أمس، بقرية أولاد زيان ببلدية لقاطة الواقعة شرق ولاية بومرداس، والتي ينحدر منها أخطر العناصر الإرهابية الناشطة بزموري والمناطق المجاورة لها، من بينهم الإرهابي المقضي عليه ''تاجر محمد'' المكنى موح جاك، وشقيقه ''زهير'' المكنى حذيفة، الذي لازال ينشط بسرية زموري إلى جانب عناصر أخرى، من بينهم أفراد من عائلة الانتحاري، حيث راح ضحية الإعتداء استشهاد شرطي وعامل نظافة بالبلدية وجرح أزيد من 15 شخصا. وجهتنا كانت البحث عن منزل به جنازة، فلم نصادف أي موكب جنائزي، رغم توغلنا في الأحراش الغابية وملاحظتنا لمنازل شبه مهجورة، بسبب الوحشة الموجودة بالمكان، إلى أن التقينا بشخص على متن سيارته، فدلنا على المنزل. منزل الانتحاري قروي قديم موجود وسط الأحراش ولا أثر للجنازة أو المعزين دخلنا ساحة منزل قروي الكائن بين الأحراش، حيث استغربنا عدم وجود معزّين لا من الجيران ولا من الأقارب ولا حتى الأصدقاء، أين استقبلتنا فتاة فسألناها عن العائلة، فنادت بدورها امرأة أخرى في عقدها الخامس علمنا فيما بعد أنّها والدة الانتحاري، حيث رحبت بنا وأدخلتنا هذه السيدة إلى المنزل وجلسنا برفقتها وسط ''الحوش''، بينما كان باقي أفراد العائلة منشغلين بأعمال المنزل الذي هو عبارة عن أحد بيوت القرى الفلاحية البسيطة التي شيدت منذ سنوات السبعينات. وعندها تجاذبنا أطراف الحديث معها وقد أخبرتنا الوالدة أنه لم يتم تحديد هوية الانتحاري، وبالتالي فهي لا تعلم إن كان ابنها أم لا، عندما فتحنا سيرة ابنها كظمت أحاسيسها التي اختلطت وتباينت، ولم تعرف كيف وصل بها الحال إلى ما هو عليه اليوم. والدة الإنتحاري:'' ابني عاش طفولة محرومة وصعبة انعكست على شخصيته'' والدة الانتحاري وهي تحدثنا عن ابنها، لم تستطع اخفاء دموعها، فأخبرتنا أن ابنها توفيق البالغ من العمر 22 سنة، هو أصغر أبنائها الذكور، لديه ثلاثة أشقاء وأربع شقيقات، كان ملتحيا يتسم بالهدوء والانطواء، لا يكثر من الكلام والحديث. حيث عاش هذا الانتحاري حياة صعبة في صغره، بعدما أصيب والده بمرض ألزمه الفراش، ولشدة الفقر والحرمان كان يقتات على الخبز والماء، وتوقف مشواره الدراسي في السنة الخامسة ابتدائي، عندها توجه إلى العمل في الفلاحة، وبدأ في زراعة أرضهم وتربية الأبقار، وتحسنت حالتهم الاقتصادية بعد أن كبروا وتماثل والدهم للشفاء وعاد للعمل بإحدى الولايات الداخلية. سبق للإنتحاري دخول سجن الحراش عن قضية إرهابية هذا الانتحاري سبق وأن دخل سجن الحراش في 2009 عندما تم توقيفه على أساس أنه كان على علاقة بالإرهابي ''تاجر زهير'' المكنى حذيفة، حيث وردت معلومات تفيد بكونه شاهد هذا الأخير وساعده بالمؤونة، ولم يبلغ عنه وبعد المحاكمة برأته المحكمة. عندها وحسب تصريحات والدته لم يكن يبدو طبيعيا، وبدأت تظهر عليه تغيرات في سلوكه، وبعد مرور شهرين من خروجه من السجن وتحديدا في شهر ديسمبر الماضي، توجه أفراد من الأمن إلى منزله بغرض سؤاله عن بعض الأمور، ومن وقتها رفض التوجه إلى مصالح الأمن وخرج من منزلهم العائلي، حيث أكدت والدته أنها لم تشاهده ولم تسمع أخباره من وقتها. والدة الانتحاري لم تتعرف على الأشلاء وتمنت أن لا تكون ابنها تروي السيدة بن جمعة أنها وككل سكان ولاية بومرداس سمعت بالتفجيرين الانتحاريين اللذان هزا برج منايل، فتنقل إليها عناصر الأمن ليخبروها أن الشكوك تحوم في كون مفجر مقر الأمن هو ابنها توفيق، حيث علمت من الأمن أنه وبمجرد وقوع الانفجار كان بالمكان أحد معارفهم والذي أخبر مصالح الأمن أنه ''بن جمعة توفيق'' الذي التحق بصفوف الجماعات المسلحة منذ 8 أشهر، وعندما تنقلت والدته وشقيقه للتعرف عليه، لم يكن قد نجا من الجثة سوى الرأس الذي أخبرتنا أنها لم تحس بأنه لابنها، فتم أخذ عينة من لعابها ولعاب ابنها الثاني لإجراء فحص الحمض النووي للتحقق من أن الانتحاري هو نفسه ابنها. كما لم يتم المقارنة بين الانتحاري وابنها توفيق، لكون هذا الأخير لم يكن يحب الاحتفاظ بصوره وكان يقطعها جميعها، متمنية والدة الانتحاري أن لا يكون ابنها وراء العملية.