شخص هادئ، يستقطب فضولك ويجعلك ترغب في التعرف على أدق تفاصيل حياته، تمكن بفضل عزمه وإصراره على النجاح من تدعيم ريادة ''جازي''، أول مؤسسة للهاتف النقال بالجزائر، حيث تخطت حاجز 16 مليون مشترك أردنا اليوم الولوج إلى عالمه الخاص والعودة إليكم بهذا الحوار الذي نسلط فيه الضوء على الحياة الخاصة لثامر المهدي مدير مؤسسة أورواسكوم تيليكوم الجزائر. متى بدأت قصتك مع الجزائر؟ أنا التحقت بعملي كمدير عام لشركة جازي منذ 3 سنوات ولكن تاريخي مع الجزائر بدأ منذ 40 عاما مع القصص التي كان يرويها لي خالي وأنا طفل عن ثورة الجزائر. حيث أنّ خالي ''جمال السنهوري'' كان يعمل كمراسل لإذاعة ''صوت العرب'' وأمضى حوالي عام بصحبة قيادات الثورة الجزائرية، حيث أنّه كان يعمل على التغطية الإعلامية للثورة الجزائرية في مراحلها الحرجة. هذه القصص عن شجاعة وحماس هذه المجموعة من الشباب الذين قادوا بلادهم إلى الحرية لا طالما ألهمتني وشوقتني لزيارة الجزائر والتعرف عن قرب على تاريخ هذا البلد العظيم. من هو ثامر المهدي؟ يبتسم..أنا رجل مسلم عربي مصري، في 44 من عمري متزوج منذ حوالي 15 سنة، أب لطفلين، أكبرهم ''هيا'' ذات 11 سنة، و''أدهم'' صاحب 9 سنوات، طموح وأحب إتقان عملي، بصرف النظر عن الشيء الذي أقوم به. ولدت في انجلترا، من أب جراح في المخ والأعصاب و ضابط في القوات المسلحة المصرية، كان ضمن الفريق الطبي خلال حرب 1973، ولدي أخوين الأول أستاذ في جراحة المخ والأعصاب بمستشفى جامعة القاهرة و الأصغر أيضا اختار الجراحة ويعمل كجراح عظام بانجلترا، ما يعني أنني الوحيد الذي خرج عن القاعدة و اختار مجالا مختلفا عن تخصص العائلة، وهذا بعد أن لاحظت أن الجراحيين الذين يأخذون عملهم بجدية كبيرة يعيشون حياة مليئة بالقلق والتوتر، خاصة أن عملهم يتعلق بحياة البشر. ما هي هوايتك؟ أحب ممارسة الغطس والصيد، حيث كنت أقوم بهذه الهواية في أوقات فراغي قبل أن تزداد مهامي، فقد كنت أقوم برحلات الغطس والصيد في البحر الأحمر. أين قضيت مراحل دراستك؟ درست بانجلترا في المرحلة الابتدائية، ثم انتقلت بعدها إلى مصر، حيث حصلت على شهادة الهندسة في الاتصالات، ومن بعد ذلك انتقلت إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية لأكمل دراستي العليا، أين تحصلت على ثلاث ماجستيرات، الأول في هندسة الاتصالات، الثانية في إدارة الأعمال والثالثة في إدارة المشاريع، وبعد ذلك عملت في العديد من شركات الاتصالات العالمية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. ونحن في شهر رمضان، أيمكن أن نتعرف على أهم الطقوس والعادات التي تقوم بها خلال هذه الأيام المباركة؟ لا أخفيك أنني أرتاح كثيرا في رمضان هنا في الجزائر، حيث أن رمضان في الجزائر يتميز بالهدوء عكس مصر، أنا أسعى إلى تقسيم وقتي بين العمل والعبادات والعائلة، حيث أكمل عملي عند الرابعة أو الخامسة مساء، أنام بعدها لمدة ساعة أو ساعتين ومن ثم أفطر مع عائلتي الصغيرة التي تقضي هذا الشهر معي، وأخيرا أذهب لأداء صلاة التراويح، ثم أسرع للنوم بعدها لأستطيع القيام لصلاة الفجر وتلاوة بعض آيات القرآن الكريم. نفهم من كلامك أنك لا تسهر خارج البيت في رمضان؟ أنا من النوع الذي عادة لا يحب السهر، ولكن في شهر الغفران أسعى إلى ضبط وقتي بدقة ما بين العمل، الصلاة وقراءة القرآن، ولكن في بعض الأحيان أستمتع باستضافة بعض الأصدقاء لتناول وجبة السحور. أين تؤدي صلاة التراويح؟ أنا أؤديها بمسجد قريب من المنزل يحتوي على ساحة خارجية كبيرة يسعى الجميع إلى الصلاة فيها حتى الإمام، حيث أستمتع بتلاوة المقرئ لآيات القرآن الكريم، وبالأخص أن الجو في وقت العشاء يكون جميل جدا. هل لك أن تصف لنا طاولة إفطارك؟ طاولة إفطاري بسيطة تتميز بالشوربة والبوراك، إضافة إلى أطباق خفيفة تحتوي على الخضر أكثر شيء. وأختم فطوري بالشاي وبعض الحلويات. تعرف أيام رمضان بعرض أكبر عدد من المسلسلات، أين أنتم من متابعة ما يعرض خلال هذا الشهر؟ أنا أتابع مسلسلين فقط وهما ''علي مشرفة'' الذي يبث حاليا على قناة ''النيل دراما''، الذي يحكي قصة حقيقية لكفاح ونجاح عالم مصري في بداية القرن الماضي، كما أنّني أيضا أتابع برنامج ''كاميرا شوربة'' في التلفزيون الجزائري. ما هي أهم الأكلات الجزائرية التي تحب تناولها أو نالت إعجابك؟ تعرفت على الكثير من الأطباق الجزائرية، كلها لذيذة و لكن أفضلهم بالنسبة لي الرشتة، البسطيلة، الدوبارة و طبعا الكسكس بالخضر أو العسل. ما هي أهم المناطق الجزائرية التي زرتها وشدت انتباهك؟ في إطار عملي وحرصي الدائم على لقاء عمال الشركة في المناطق المختلفة في الجزائر، قمت بزيارة العديد من المدن مثل قسنطينة، عنابة، حاسي مسعود، وهران وتلمسان، حيث انبهرت بجمال هذه الأخيرة و السرعة التي تمت بها إعادة تطويرها. هذا يعني أنه لم تكن لك فرصة زيارة الجزائر على سبيل السياحة؟ للأسف لا؛ لكن يبقى هذا مشروعي للسنة المقبلة، حيث أعتزم القيام به مع أولادي لدى نزولهم في عطلة الشتاء إلى الصحراء مثل'' تمنراست، جانات وتيميمون'' ثم في الربيع سأذهب إلى منطقة القبائل ''بجاية''، أما في الصيف فسوف تكون على مستوى شواطئ الساحل الجزائري ''القالة و''غزاوات''، خاصة وأن طبيعة الجزائر مميزة، ويمكنها أن تتنافس مع أهم المناطق السياحية في العالم. ما هو نوع الموسيقى الجزائرية المفضلة لك؟ أنا أحب الموسيقى التي تعزف في الأعراس الجزائرية حيث اكتشفت عدّة أنواع مثل الشعبي، الحوزي، المالوف. ومن هو مطربك المفضل جزائريا وعربيا؟ على المستوى المطربين الجزائريين، فأنا أستمع إلى الهاشمي ڤروابي، الشيخ الغفور والطاهر الفرڤاني، أم عربيا فأنا من عشاق العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ. هل حاولت الانقطاع عن العالم الخارجي وعدم استعمال وسائل الاتصال يوما؟ بالنسبة لي، طبعا لا.. حيث أنني لا أستطيع الانقطاع لأكثر من ساعة، فأنا أحس وكأنه شيئا هاما ينقصني ولا بد أن أعود لإحضاره. وماذا عن لونك المفضل؟ لأحمر، لوني المفضّل فهو يرمز للقوة والنجاح، وهي أمور أساسية بالنسبة لي. هل تشعر بالغربة في الجزائر؟ البداية كانت صعبة، خاصة وأن عائلتي تعيش في مصر حيث مدارس أولادي، كما أنّي شديد الارتباط بوالدتي و والدي، ولكن مع الوقت تحسن الوضع، حيث أنني أزورهم في مصر، وكما تمكنت أيضا من تكوين صداقات قوية وصلت إلى حد الأخوة مع أصدقاء جزائريين. تقفون على رأس مؤسسة اقتصادية هامّة وهذا يتطلب قوة صبر وتحمل كبيرة، كيف يمكنكم التوفيق بين حياتكم الشخصية والمهنية؟ أنا أتمتع بنعمة من الله، وهي أنني أحب عملي كثيرا، فأنا أمارسه كهواية، حيث أنّني أستمتع بالنّجاح، لأنّه عادة ما يكون جائزة العمل الجاد، فبالرغم من الضّغط ومشاكل العمل فإنّني تعلمت كيف أفصل بين حياتي الشّخصية و المهنية. ما هي أهم تجربة فشل مرت عليك؟ الحياة مجموعة من التجارب بعضها ينتهي بالفشل و البعض الآخر بالنجاح، ومن المهم عدم تضييع الوقت في الحسرة على الفشل، ولكن يجب الاستفادة منها في عدم تكرار نفس الأخطاء. ما هي أهم تجربة نّجاح مرت عليك في الجزائر؟ مساعدة بعض الشركات الجزائرية للوصول إلى العالمية و تصدير خدماتها إلى الخارج عن طريق إعطائها الفرصة لتنفيذ مشاريع وتقديم خدمات لشركة جازي، والتي كانت في الماضي حكرا على الشركات الأجنبية، وهذا انطلاقا من إيماني العميق في قدرات الشركات والإطارات الجزائرية والتزامهم بتقديم أعلى جودة في الخدمات عند إعطائهم الفرصة للإبداع. ما هي طموحاتك في الحياة وهل ينتابك شعور بالنّدم على شيء فاتك ولم تحققه؟ أنا أنعم بالرضا على كل ما أحققه، ولا أندم أبدا على أي شيء فاتني، أما فيما يخص طموحي في العمل، فأنا دائما أسعى أن أكون في القمة من خلال العمل الجاد، و على صعيد طموحي الشخصي فأهم شيء بالنسبة إلي هو دعم نجاح أولادي في حياتهم ودراستهم، فهذا هو أفضل استثمار. كيف تعايشت كشاب مصري مع ثورة 25 يناير؟ لا أظن أن يكون هناك مصري يمكن أن يكون معارضا لمطالب الثورة التي كانت عادلة وتطالب بوقف الفساد، و لكني حاليا قلق جدا على مستقبل بلدي وأتمنى أن تتمخض هذه الثورة عن حياة أفضل لكل المصريين. كيف تنظر إلى محاكمة مبارك؟ أنا لا أتابعها، لكنّي أؤمن بمحاكمة عادلة، والتركيز على إعادة البناء وحشد هممنا من أجل تطوير مصر، وعدم تضييع الوقت في الاهتمام الزائد بهذا الموضوع، حيث أنه مسؤولية القضاء المصري. أهم الأعمال التي تسعى مؤسسة أوراسكوم تيليكوم إلى تطوريها في الجزائر؟ نحن في انتظار طرح رخصة الجيل الثالث والرابع، والتي سوف تسمح ليس فقط برفع عدد مشتركي الأنترنت الفائق السرعة، بل ستوفر أيضا قاعدة تكنولوجية وتقنية حقيقية لتوسيع دائرة استعمال الأنترنت للأفراد والمؤسسات و الذي بدوره سوف يوفر فرص عمل عديدة ويسمح بنقل خبرات تكنولوجية جديدة للجزائر وتطوير الصناعة المحلية لخدمات المضمون. هل من كلمة أخيرة توجهها إلى الشعب الجزائري و نختم بها هذه الجلسة الرمضانية؟ أولا أحب أن أقول ''صح رمضانكم'' وأشكر كل مشتركي جازي الذي وصل عددهم اليوم إلى أكثر من 16 مليون مشترك، وأحب أيضا أن أشكر كل عمال جازي على المجهود الكبير الذي بذلوه لإنجاح هذه الشركة. كما أحب أن أأكد أنّنا ماضين قدما في تدعيم ريادة جازي لسوق الهاتف النقال بغض النظر عن مالكها، و التركيز على ثلاث محاور أساسية ألا وهي: أولا: تطوير و تنمية الموارد البشرية، ثانيا: السعي دائما للوصول إلى الامتياز في تقديم أحسن الخدمات إلى مشتركينا وثالثا: الريادة دائما في تقديم الخدمات الجديدة وأحدث التكنولوجيات. بتنفيذ هذه القواعد نجحنا في خلال السنوات الماضية، في خلق منظومة اقتصادية كاملة تنطلق من قطاع الاتصالات لتنعش باقي المجالات وتوفر فرص عمل جديدة للشباب مثل خلق مؤسسات صغيرة ومتوسطة، عوضا عن اللجوء إلى المؤسسات الأجنبية، بالإضافة إلى الاعتماد على الإطارات المحلية لتكوينهم، قصد تسليمهم المشعل و تكوين إطارات جزائرية محترفة في مجال التكنولوجيات الحديثة.