في الوقت الذي يجتهد أساتذتنا في إيجاد السبل التي تضمن النجاح لإضراباتهم وحركاتهم الاحتجاجية من أجل ''الصوردي'' والزيادة في الأجور بدءا بإضراب لمدة 4 أيام، ثم إضراب مفتوح رغم مرور شهر فقط على الدخول المدرسي الحالي. نسجل في الجهة المقابلة 'تلامذتنا' الذين لا حول ولا قوة لهم، يضعون حدا لحياتهم بالانتحار والشنق في وضح النهار، لأسباب عديدة كالطرد من مدارسهم، لأنهم لم يجدوا أحدا يدافع عنهم وعن أبسط حق لهم وهو التمدرس.. وعليه فوجب على الجميع دق ناقوس الخطر، على اعتبار أن في ظرف 5 أشهر فقط تم تسجيل 10 حالات بين محاولات انتحار وعمليات انتحار ناجحة وسط التلاميذ. حالتا انتحار و3 محاولات أخرى بولايات الجنوب.. بسبب الباك وكان الطفل سيف الدين البالغ من العمر 11 سنة، وضع حدا لحياته ببلدية حساني عبد الكريم بالوادي بواسطة حزام سرواله شنقا، بعدما خالف الوالدان وعدهما بشراء دراجة عند نجاحه! فبعدما عمت الفرحة كل أفراد العائلة خاصة الطفل سيف الدين بتلقيه خبر نجاحه وانتقاله للسنة الخامسة خلال الموسم الماضي، انقلبت هذه الفرحة إلى حزن وبكاء، عندما أقدم الصبي على وضع حد لحياته شنقا بواسطة حزام السروال، بعد تأكده من الوعد الزائف الذي قطعه الوالدان بشراء دراجة هوائية كجائزة للنجاح، حيث أصيب التلميذ بخيبة وإحباط، جعلته يقدم على الانتحار شنقا. وكانت مصالح الحماية خلال فترة التحضير لامتحانات البكالوريا السنة الماضية، سجلت 3 محاولات انتحار لفتيات من بلدية البياضة وأميه ونسة وأحد أحياء عاصمة الوادي، واللواتي تحججن بصعوبة البرنامج الدراسي وعدم تمكنهن من التركيز في عملية المراجعة، الأمر الذي أدخلهن في حالة من اليأس أدت بهن إلى محاولة وضع حد لحياتهن بتناول كميات من الأدوية دفعة واحدة أو مواد تنظيف ''مكشط''. وبمنطقة جانت بولاية إليزي، شهدت إحدى الابتدائيات حالة انتحار لطفل لا يتجاوز 13 سنة، حين قام بشنق نفسه، لأسباب تبقى مجهولة، والذي نُقل إلى العاصمة لتشريح جثته. وحسب مصادر خارجية، يُعتقد أن السبب في ذلك كونه يعيش ظروفا أسرية سيئة، مما جعله يقدم على الانتحار. 3 حالات انتحار بولاية باتنة.. بسبب الفصل من الدراسة وأما بولاية باتنة، فقد تم تسجيل 3 حالات انتحار وسط التلاميذ، حيث تم العثور في منتصف شهر رمضان الماضي أي شهر أوت، على تلميذ يبلغ من العمر 12 سنة معلقا عند الشباك الحديدي لمنزله العائلي الكائن بحي كشيدة. وتم العثور في أواخر رمضان أيضا على تلميذ يبلغ من العمر 11 سنة مشنوقا أمام بيته ببلدية بومقر بدائرة نڤاوس. وإلى حد كتابة هذه الأسطر فإن التحقيقات لاتزال جارية لكشف ملابسات القضية، بالإضافة إلى حالة الانتحار التي نفّذها تلميذ يبلغ من العمر 10 سنوات، الذي وضع حدا لحياته بمئزره بسبب طرده من المدرسة بعد تغيبه عن الدراسة. وبولاية وهران، أقدم مؤخرا تلميذ على حرق نفسه بصب كمية من البنزين على جسده، وأشعل النار فيه، حيث أصيب بحروق على مستوى الظهر الرأس والصدر، ولولا تفطن عمال ثانوية سوسح الهواري بالولاية حيث كان يدرس للقي حتفه لتوه، حيث هرع إليه الأساتذة الذين كانوا حينها داخل الأقسام يلقون دروسهم، وقاموا بنزع عنه قميصه لتجنيبه التعرض للإصابة بدرجة حروق خطيرة، احتجاجا على قرار فصله عن الدراسة بعدما رفضت المؤسسة السماح له بإعادة السنة؛ نظرا لكبر سنه؛ كونه من مواليد سنة 1992. .. وتلميذ آخر في النهائي يحاول الإنتحار حرقا.. بتلاغ في بلعباس كما قام تلميذ آخر بمدينة تلاغ بسيدي بلعباس، بمحاولة إضرام النار بجسده، احتجاجا على قرار منعه من إعادة السنة الدراسية في القسم النهائي لشعبة الرياضيات بثانوية النقيب عبد الهادي. وقد تدخّل أفراد الأمن الذين تنقلوا على جناح السرعة إلى عين المكان بالقرب من الثانوية بعد الاتصال بهم وإبلاغهم بمحاولة أحد التلاميذ الانتحار حرقا، حيث تمكنوا من إحباط محاولته في الوقت المناسب. متخصص في علم النفس التربوي: اللجوء إلى الانتحار كذريعة للتعبير عن مشاكل اجتماعية قاهرة ونفسية اعتبر عصام ضيف الله، متخصص في علم النفس التربوي، في تصريح ل ''النهار''، أنه لا بد من التكفل بالتلاميذ بشكل جيد، خاصة من الناحية النفسية لتفادي إصابتهم بأمراض عصبية ونفسية، مؤكدا بأن عوامل كثيرة قد تدفع بالتلميذ إلى محاولة الانتحار أو حتى الانتحار وليس فقط قضية التمدرس. وأضاف المتخصص في علم النفس التربوي، بأن حالات لجوء التلاميذ إلى محاولة الانتحار أو حتى الانتحار التي تم تسجيلها في بعض ولايات الوطن، تحتاج إلى دراسة معمقة ودقيقة لكشف الأسباب الحقيقية، التي دفعت بهذه الفئة من المجتمع، ''تلاميذ صغار'' إلى الانتحار، مؤكدا: '' لا يمكننا ربط انتحارهم بجانب التمدرس فقط، على اعتبار أن مشكل 'التمدرس' أو طردهم من مؤسساتهم التربوية وعدم السماح لهم بإعادة السنة، أحد العوامل وليس العامل الحقيقي للإشكالية، كما يمكن أن يكون هو الدافع الرئيس، ومع ذلك لا بد من التحقيق في الموضوع''، يضيف محدثنا، في الوقت الذي أوضح بأن التلميذ، في هذه الحالة، تجده يلجأ إلى استخدام 'الانتحار' كوسيلة للتعبير عن مشاكل قد تكون اجتماعية أو نفسية أو غير ذلك. ودعا عصام بن ضيف الله إلى ضرورة التكفل التام بالتلاميذ المتمدرسين، وتهيئتهم من الجانب النفسي لكل الاحتمالات، من خلال الاستعانة، مثلا، بمستشاري التوجيه المدرسي والمهني، الذين باستطاعتهم مساعدة التلميذ، خاصة في سن المراهقة، على تجاوز أزمات ومشاكل عديدة من خلال الإنصات له، مؤكدا بأن غياب الاتصال بين المربي وتلامذته، خاصة وأن المعلم في الوقت الحاضر أصبح لديه بعد 'تدريسي' فقط لا أكثر ولا أقل، يكتفي بتلقين الدرس، في حين أنه في السابق كان 'المربي' ذا أبعاد اجتماعية وثقافية، يتابع التلميذ حتى خارج القسم والمدرسة. وطالب محدثنا عصام بن ضيف الله، السلطات الوصية، بضرورة تنظيم ملتقى وطني حول 'وضعية تمدرس أبنائنا'، من خلال طرح المشاكل التربوية الكبيرة، ومعالجتها ودراستها بشكل موضوعي، للخروج بنتائج قابلة للتنفيذ في أقرب الآجال. فيدرالية أولياء التلاميذ: 15 بالمائة من التلاميذ مصابون بأمراض نفسية وعصبية من جهته، أوضح أحمد خالد رئيس فيدرالية جمعية أولياء التلاميذ، أن تسرب ظاهرة الانتحار إلى أوساط التلاميذ ينبئ بالخطر، داعيا الوزارة إلى ضرورة إيجاد أطباء نفسانيين لمتابعة التلاميذ نفسيا قبل وقوع الكوارث. وطالب المسؤول الأول عن فيدرالية أولياء التلاميذ، بإلغاء القرار الذي يمنح الصلاحيات لمجلس الأساتذة لطرد من يشاء وإعادة من يشاء، على اعتبار أن هناك ظلما يمارَس ضد التلاميذ بمدارسنا، خاصة أن بعض المديرين يرفضون حتى استقبال الأولياء والتلاميذ، في الوقت الذي اقترح تحويل الصلاحيات لمديري المؤسسات شرط اعتمادهم على مقاييس محددة قبل اتخاذ أي قرار في حق التلاميذ. وكشف رئيس الفيدرالية أن نسبة 51 بالمائة من التلاميذ يعانون من أمراض نفسية وعصبية نتيجة التعسف في المعاملة والطرد، مجددا تأكيده بوجود أزيد من 500 ألف تلميذ مطرودين من المؤسسات التربوية عبر الوطن، وهم حاليا في الشارع، وقد يصابون في أي ظرف بانهيار عصبي، أو قد يلجأون إلى الانتحار أو حتى قد يتحولون إلى منحرفين يتعاطون المخدرات والكحول. فيما تراوحت نسبة الإستجابة للحركة الإحتجاجية في يومها الثاني ما بين 90 و95 من المائة وزارة التربية تدعو الأساتذة إلى التعقل ونقابات التربية تصرّ على مواصلة إضرابها المفتوح قررت نقابات التربية المستقلة مواصلة حركاتها الإحتجاجية التي بدأت أول أمس الإثنين، ولن توقف إضرابها إلى غاية انعقاد مجالسها الوطنية، بالمقابل فقد دعتهم وزارة التربية الوطنية إلى التعقل وتوقيف الإضراب واستئناف الدراسة حفاظا على مستقبل التلاميذ، باعتبار أنها قد استجابت لكل مطالبهم. وأوضح عبد الكريم بوجناح، الأمين العام للنقابة الوطنية لعمال التربية، في تصريح ل''النهار''، أنه قد تم تسجيل نسبة استجابة للإضراب الذي دعت إلى تنظميه هيئته في اليوم الثاني 87 من المائة، مؤكدا في ذات السياق بأن النقابة الوطنية لعمال التربية لن توقف حركتها الإحتجاجية إلى غاية انقضاء 4 أيام، في الوقت الذي شدد أن المجلس الوطني للنقابة الذي سينعقد يوم غد الخميس هو الذي سيحدد مواصلة الإضراب أو توقيفه باعتبار أنه هو السيد في اتخاذ القرارات. وأضاف المسؤول الأول عن النقابة، بالإضافة إلى الأساتذة والمعلمين الذين قاموا بشل المؤسسات التربوية خلال اليوم الأول والثاني من الإضراب، فإنه حتى المساعدين التربويين قد ساهموا بقوة في إنجاح الحركة الإحتجاجية. من جهته أوضح مسعود بوديبة، الأمين الوطني المكلف بالإعلام والإتصال على مستوى المجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، أن نسبة الإستجابة للإضراب في يومه الثاني على مستوى ثانويات الوطن، قد تراوحت ما بين 90 و95 من المائة، معلنا في ذات السياق عن مواصلة الإضراب المفتوح وعدم التراجع عن قرارهم. وأضاف المسؤول الأول عن الإعلام، بأن المجلس الوطني للكناباست الذي سينعقد اليوم هو الذي سيحدد إن كان سيتم مواصلة الإضراب المفتوح أو توقيفه. وأما مسعود عمراوي، الأمين الوطني المكلف بالإعلام والإتصال بالإتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين.