أطاحت مصالح الأمن لولاية الجزائر بأخطر شبكة دولية لتهريب العملة الصعبة ينحدر أغلب عناصرها من وهران، اشتبه في بعضهم بالانتماء إلى عصابة تدعم الجماعات الإرهابية. وانطلاقا من التحقيقات القضائية التي باشرتها السلطات الإسبانية، وتبعا للشكوى المقيدة من قبل مصالح الجمارك الإسبانية وبالتنسيق مع نيابة الجمارك الجزائر في الخارج، تم تحديد هوية أكبر شبكة دولية تنشط في عمليات تهريب العملة الصعبة عبر البحر والجو انطلاقا من الجزائر إلى الدول الأوربية، تضم 46 مهربا مشتبها فيهم، يوجد 9 منهم رهن الحبس المؤقت، 33 تحت الرقابة القضائية وآخرون استفادوا من انتفاء وجه الدعوى و4 في حالة فرار، اتخذوا من ميناء وهران ومطار هواري بومدين الدولي لتهريب الملايير بطريقة غير قانونية نحو البنوك الأجنبية، وبناء على مصادر موثوقة ل''النهار'' يوجد ضمن المتورطين تجار منحدرون من ولاية وهران، تم سماعهم من قبل القضاء الإسباني سابقا في ملف تفكيك عصابة تدعم تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي، لاسيما بعد توقيف المدعو ''ط. ع'' المقيم ببرشلونة للاشتباه فيه وكذا استجواب المدعوين ''ب. ف'' و''ب. أ'' وإخلاء سبيلهم بعد التحقيقات المنجزة، ليتورطوا في تهريب العملة الصعبة رفقة موظف بمستشفى مصطفى باشا، محضر قضائي وصاحب شركة بإمارة اندورة بإسبانيا وكذا مغتربين بدول أوربية، وسماسرة العملة الصعبة بالسوق السوداء، حيث كانت الأموال تهرب في الفترة الممتدة بين سنة 2005 إلى غاية 2008، وتمديدا للتحقيق القضائي وتولي عميد قضاة التحقيق بمحكمة سيدي امحمد بالغرفة التاسعة التحريات والبحث تبين أن المشتبه فيه ''ق. ع'' اعترف من الوهلة الأولى بالتصريحين الجمركيين المنسوبين إليه، حيث قدرت قيمة المبلغ الأول 209,000,00 أورو، معترفا بتهريب المبلغ من ميناء الجزائر إلى إسبانيا مرورا بميناء ''أليكانت'' وهذا تبعا للتعليمة التي تلقاها من صهره، كونه يزاول النشاط معه منذ سنة 2005، وكان يتولى عملية ترتيب المبالغ المالية حسب فئات 200 أورو و500 أورو ثم يدفعها في حسابات بنكية إسبانية تبعا للتعليمات التي يتلقاها من صهره، وكانت البنوك الإسبانية التي يتم إيداع المبالغ المالية فيها ''كاجاكس'' و''ستاردام''، وأما عن الرحلات فقد كانت تتم عبر ميناء وهران ومطار هواري بومدين، اعتمد من خلالها على تهريب مبالغ تراوحت بين 45,000,00 أورو و7500,00 أورو، بعد إخفائها في أحذيته للتملص من المراقبة المشددة. وساعد اعتراف أول متهم في التوصل إلى باقي أفراد الشبكة، بعد أن استعمل أمن ولاية الجزائر تقنياته الخاصة في الكشف عن المهربين من خلال أرقام الهاتف والمراقبات الدقيقة لتحركات الشبكة، حيث تضمن تصريح المدعو ''ب. أ'' الذي حقق معه سابقا في قضية عصابة تدعم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، أن رحلاته كانت بين مطارات برشلونة ومدريد، وبخصوص تصريحاته الجمركية فقد وصلت إلى أعلى نسبة قدرت ب 2,255,000,00 أورو، وأن تهريب الأموال كان بصفة شكلية، لاسيما أنه لم يعبّر بها الحدود الجزائرية وإنما غرضه شخصي في إطار تمكينه من طرف السلطات الإسبانية من الحصول على تأشيرات السفر والإقامة بإسبانيا بسهولة. وتميزت تصريحات باقي المتهمين بالإنكار محاولين إبعاد الجنح المنسوبة إليهم، وباتباعهم كافة الإجراءات القانونية، لاسيما أن مبالغ العملة الصعبة يتم شراؤها من السوق الموازية ''كلوزال'' أو ساحة بور سعيد، ويقومون بأخذ المبالغ المالية إلى خارج التراب وفقا لكشوفات الحساب البنكية والمصرح بها للجمارك الإسبانية، والتي سهلت لهم المهمة بالتصريح الشفهي دون الإطلاع على حجم المبلغ المالي أو تفتيشه، إلا أن التحريات الدقيقة أثبتت أيضا سحب مبالغ مالية من بنوك أجنبية ببروكسل وبرشلونة باستعمال بطاقات بنكية مزورة، خاصة أن معظم المتهمين يملكون حسابات وأرصدة بنكية بالخارج بالملايير، وحاول معظم المتهمين التركيز على نقطة تمثلت في أن الجمارك الإسبانية لا تراقب المبالغ المالية بدليل أنها تمنح للمسافرين الاستمارات لتملأ من طرفهم مع الاعتماد على طريقة رفع المبلغ المالي المصرح به للحصول على التأشيرة وبالتالي المبالغ المهربة إلى الخارج لا تفوق القيمة المخول بها قانونا، إلا أن عمليات التهريب السرية للعملة الصعبة حسب الملف سمحت للتجار المهربين بتكوين ثروات وفتح شركات داخل الوطن وبإسبانيا أدت إلى توريطهم في تهمة مخالفة الصرف وتبييض الأموال والمشاركة فيها، جنحة مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، يذكر أن التحقيقات القضائية استكملت وتم مؤخرا إحالة الملف من قبل قاضي محكمة سيدي امحمد للمحاكمة، في انتظار تفاصيل أكثر لاحقا.