تحولت أقسام العديد من المستشفيات إلى حلبات مصارعة، ضحيتها الأولى الطبيب المشرف والممرضون، حيث كشف تحقيق جديد حول ظاهرة العنف في المستشفيات الجزائرية، أن طبيبا يتعرض للضرب كل ساعتين من طرف مرافقي المرضى بمصالح الاستعجالات والتوليد بالدرجة الأولى. في هذا الشأن، أوضح علي خميس رئيس الاتحادية الوطنية لمستخدمي الصحة العمومية بالنيابة في اتصال ب ''النهار''، أن التحقيق الذي قامت به الهيئات النقابية الممثلة للمستخدَمين في 400 مؤسسة استشفائية وصحية عبر كامل التراب الوطني خلال أسبوع، كشف أن في كل ساعتين يتعرض طبيب للاعتداء بالضرب أو السّب والشتم من قبل مرافقي المرضى بالدرجة بالأولى. وأضاف خميس أن الولايات التي احتلت الصدارة من حيث ارتفاع نسبة الاعتداءات فيها هي ولاية العاصمة وضواحيها، خاصة في بلدية باش جراح، بالإضافة إلى كل من ولايتي عنابة وخنشلة، فيما كانت نسبة الاعتداءات متفاوتة في الولايات الأخرى، حسب الكثافة السكانية، مشيرا إلى أن مصالح التوليد والاستعجالات الجراحية كانت أكثر المصالح التي سُجلت فيها أكبر النسب. وحول الأسباب التي تقف وراء هذا الرقم المخيف قال محدثنا أنّ أكثرها هي طلب الأطباء إجراء فحوصات مقطعية، وكشف الموجات فوق الصوتية، التي كثيرا ما تكون في الفترة الليلية. وبالنظر إلى استحالة إجرائها وعدم توفر الوسائل المادية لدى أهالي المرضى لإجرائها في القطاع الخاص، يدخل هؤلاء في جدال مع الأطباء المناوبين، تصل إلى درجة اتهامهم بالتقصير خاصة من النساء. وحسب ذات المصدر، فإن العديد من الأشخاص الذين يقصدون مصالح الاستعجالات، عادة ما يكونون مخمورين ومتعاطين لحبوب مهلوسة، ما يزيد من تعقيد الوضعية، بالنظر إلى المضايقات الكبيرة التي يتعرض لها الطاقم الطبي، فضلا عن صعوبة الإشراف على علاج مثل هذه الحالات. وما يزيد الطين بلة مشكل الانقطاع المتكرر في الأدوية، وافتقار العديد من المؤسسات الصحية والاستشفائية للعتاد اللازم للقيام بالكشف الطبي. وفي سياق متصل، أظهرت نتائج التحقيق أنّ المرضى يتعرضون لسوء الاستقبال والمعاملة من طرف الأطباء، وهو الأمر الذي يستفز المرضى وذويهم، ويتسبب في دخولهم في ملاسنات شديدة معهم، تكون نهايتها ضرب الطبيب! 90 من المائة من الطبيبات يبعن مناوبتهن الطبية مقابل 5 آلاف دينار وعلى صعيد ذي صلة، أوضح مديرو المستشفيات الجامعية ممن تحدثت إليهم ''النهار''، أن 90 بالمائة من الطبيبات يبعن مناوبتهن مقابل 5 آلاف دينار، من أجل تفادي وقوع اعتداءات عليهن خلال تلك الفترة. وأضافوا أنهن يقمن بإخطار الإدارة بتغيير المناوبة مع زملائهم، بناء على اتفاق مسبق معهم، لضمان الخدمة في الاستعجالات. وأوضحوا أن السبب الذي يقف وراء ذلك تزايد وتيرة العنف في المستشفيات، خاصة من طرف المرافقين. وكان وزير الصحة والسكان جمال ولد عباس قد أعلن في وقت سابق عن اعتماد مخطط جديد، يشمل تسخير شرطي في كل مراكز الصحة الجوارية والمستشفيات، وهو الأمر نفسه الذي سيمس الصيدليات المناوبة، على أن تطبَّق القرارات الجديدة بداية من شهر سبتمبر الماضي، على خلفية تعرّض طبيبة عيادة متعددة الخدمات بالعناصر بالقبة، لطعنات متعددة من قبل مختل عقليا! بقاط : تزايد العنف ضد الأطباء سببه عدم توفر الوسائل الضرورية للعلاج من جهته، قال الدكتور بقاط بركاني رئيس عمادة الأطباء الجزائريين، أن سبب تزايد العنف في المستشفيات هو عدم توفر الوسائل لعمل الأطباء، الذين يجدون أنفسهم بين مطرقة النقائص وسندان أهل المريض. وقال الدكتور في اتصال مع ''النهار'': ''إذا كان الطبيب يتعامل ببرودة مع المرضى ولا يقوم بمهامه على أتم وجه، فيتعين على المريض رفع شكوى ضده على مستوى عمادة الأطباء بدل التعرض له بالضرب الجسدي والسب والشتم، مع ضرورة جلب شهود لتأكيد الوقائع!''.