لا يزال مسلسل الإهمال واللامبالاة متواصلا في مستشفيات الجزائر، حيث لقيت امرأة مصرعها شهر جويلية الماضي، بسبب عدم احتواء الطاقم الطبي للصدمة الدماغية التي تعرضت إليها، بالمستشفى الجامعي فرانس فانون بالبليدة. وقائع الحادث المرير، تعود إلى نهاية شهر جويلية، عندما قامت مصالح الحماية المدنية بنقل المريضة إلى مصلحة الاستعجالات الطبية على مستوى مصلحة الأعصاب، حيث كانت في حالة غيبوبة تامة ومصابة بشلل نصفي، ليتم توجيهها إلى قاعة العلاج، وحسب ما أوضحته عائلة الفقيدة ل ''النهار''، فإن المصلحة كانت شبه مهجورة كون ذلك اليوم كان مصادفا ليوم الجمعة، بالإضافة إلى ذلك، كان القيء يغمر المريضة من كل مكان حتى المناشف لم تكن متوفرة على مستوى القسم، على الرغم من أن الوزارة الوصية خصصت مبالغ مالية ضخمة لاقتناء المستهلكات الطبية، إلا أنها في الواقع منعدمة، في قسم من المفروض أن تكون كل الوسائل متاحة على مستواه، كل ذلك كان يحدث أمام مرأى الأطباء المقيمين، الذين وقفوا دون تحريك أي ساكن، بحجة عدم توفر أدوات قياس الضغط، بالإضافة إلى ذلك لم تلمح عائلة المريضة أي ممرض للعناية بها، على الرغم من الحالة الحرجة التي كانت عليها، إلا أن الطبيتين المناوبين لم تكلفا نفسيهما حتى عناء القيام باستشارتها وتشخيص ما كانت تعاني منه، وأضاف زوج الفقيدة، أن إحدى الطبيبتين طلبت منه اقتناء سيارة لنقلها من أجل القيام بأشعة سكانير، وبعد توسلات طبيب الكلى الخاص الذي كان رفقة الزوج، جاء سائق سيارة إسعاف المستشفى الذي قام بنقلها على أساس أنه سيسدي للعائلة معروفا، على الرغم من أن النقل من أبسط حقوق المريض، وحسبما نقلته إلينا عائلة الضحية، فإنه لا يمكن تصوّر الوضعية التي كانت عليها السيارة التي يمكن أن تكون أي شيء سوى سيارة إسعاف، أثناء ذلك، طلبت الطبيبة من الممرض حقن المريضة بجرعة من ''الأدرينالين''، لولا تدخل طبيب الكلى الذي قال لها أنها تعاني من عجز كلوي. بعدها أعيدت المريضة إلى المصلحة، فقالت لهم الطبيبة المقيمة، أنه لا وجود لأسرّة، فتم وضعها داخل غرفة مع امرأة توفيت لتوّها في انتظار أن تقوم عائلتها بإخراجها، حيث بقيت هناك لمدة 36 ساعة لتفارق بعدها الحياة. بقاط: ''الإهمال الذي تعرضت إليه المريضة مسؤولية الطبيب والمستشفى'' كشف الدكتور بقاط بركاني، رئيس عمادة الأطباء الجزائريين أن ما تعرضت إليه المريضة بمستشفى البليدة، من إهمال تتحمل مسؤوليته كل من إدارة المستشفى التي تقع على كاهلها مسؤولية توفير الوسائل التي تساعد الطبيب في القيام بعمله، مشيرا في هذا الصدد، إلى أن الطبيب المناوب يتحمل هو الآخر قسطا من المسؤولية كونه ملزم باستشارة أي مريض يدخل قسم الاستعجالات من جهة، وبحكم أخلاقيات المهنة التي تفرض على الطبيب التدخل العاجل عند رؤية أي مريض في حالة حرجة. وذكر بقاط أن عدم وجود أدوات لقياس الضغط، لا يمكن أن يكون مبررا لعدم متابعة حالة طارئة، مضيفا أن الأطباء المقيمين يعملون دون أن يتم حتى تأطيرهم من طرف طبيب مساعد، يوجههم أثناء مهامهم، وهو الأمر الذي حدث مع المريضة عندما أمرت الممرض بحقنها بجرعة من ''الأدرينالين'' دون التأكد من الموانع الطبية، كونها مصابة بالفشل الكلوي ومجرد الحقن، يفضي إلى تعقيدات لا يحمد عقباها، وبالنسبة للنقل من مصلحة إلى أخرى، قال بقاط أنه من أبسط حقوق المريض توفير سيارات إسعاف. إدارة مستشفى فرانس فانون لا تجيب! .. حاولت ''النهار'' مرارا وتكرارا الاتصال بإدارة المستشفى للاستعلام حول الظروف التي كانت تقف وراء وفاة المريضة، وعدم التكفل بها من طرف الأطباء المقيمين، إلا أنه لم يجب أحد على اتصالاتنا.