فتحت التوجهات الجديدة لمجمع "سونطراك" من خلال قانون المحروقات الجديد وسياسة الإنفتاح التي أعلن عنها وزير الطاقة عبد المجيد عطار، الشهية وجلب إهتمام أكبر الشركات العالمية الرائدة في مجال المحروقات. و أبدت الشركة الروسية TMk اهتماما بالغا بولوج السوق الجزائرية وعقد شراكة دائمة مع مجمع "سونطراك"، تعزز مجال التعاون والتبادل الجزائري روسي . ويتزامن إهتمام الشركة الروسية TMK بقطاع المحروقات في الجزائر، في وقت تعرف العلاقات الجزائرية الروسية تقاربا ملحوظا على أعلى مستوى، ترجمتها المكالمة الهاتفية بين الرئيس عبد المجيد تبون ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، منتصف شهر جويلية، والتي اتفقا فيها على العمل على تعزيز وتعميق العلاقات في كل المجالات، تلتها بعد ذلك الزيارة التي قام بها وزير الخارجية صبري بوقادوم إلى روسيا، حيث تطرق رفقة نظيره الروسي سيرغي لافروف إلى أهمية تعزيز الشراكة الإستراتيجية وتنفيذ مشروعات جديدة مع الجزائر في كافة المجالات . فشركة TMK الأكبر في روسيا على مدار 11 سنة الأخيرة في صناعة الأنابيب الفولاذية بما في ذلك صناعة النفط والغاز، كما أنها تعد واحدة من ثلاث شركات رائدة في العالم في صناعة الأنابيب، تصدر منتجاتها إلى أكثر من 80 دولة حول العالم، أبدت إستعدادها لولوج السوق الجزائرية وتفعيل الشراكة مع شركة "سونطراك"، خصوصا أنه منذ 2002 تجاوز حجم المنتجات الأنبوبية التي تشحنها المصانع الروسية لهذه الشركة إلى الجزائر 100000 طن. وبالنظر لعدة عوامل لم تتمكن TMK، خلال السنوات الأخيرة، من الحصول على عقود شراكة في الجزائر، غير أنه وبالنظر إلى التحفيزات التي جاء بها قانون المحروقات الجديد لفائدة الشركات الأجنبية وسياسية الإصلاحات التي أعلن عنها وزير الطاقة عبد المجيد عطار، يجعل شركة TMK الرائدة عالميا في مجال الصناعات البترولية والغازية من بين أهم الشركات العالمية المهتمة والمستعدة للشراكة الدائمة في السوق الجزائرية . من جهة أخرى، تعد الجزائر أحد الشركاء التجاريين والإقتصاديين الرئيسيين لروسيا في إفريقيا وبشكل عام في العالم العربي، ففي عام 2018 حققت المعاملات التجارية إلى ما يقرب من 5 مليارات دولار ، لكنها انخفضت عام 2019 بشكل حاد بنحو 40٪ لتصل إلى 3.4 مليار دولار، بالمقابل يشدد الطرفان، الجزائري والروسي، على ضرورة تفعيل الإمكانات الكبيرة لنمو حجم التجارة بين البلدين، خصوصا في مجال الطاقة من خلال إعادة بناء شراكة مستدامة بين كل من TMK و Sonatrach . وبدون شك، سيؤدي إدراج مصانع TMK في قائمة الموردين المعتمدين لشركة SONATRACH إلى توسيع إمكانيات وتنوع المشتريات والخدمات ، ودعم الأعمال والاقتصاد في الجزائر، وهو ما سيعود بالإيجاب على العلاقات التجارية والإقتصادية بين بلدين، لاسيما وأن الجزائر تمتلك ثالث أكبر إحتياطي للغاز الصخري في العالم، كما يمكن أن يصبح هذا النوع من الطاقة مكملاً لإنتاج الغاز التقليدي، غير أنه في ظل الظروف الحديثة ونظرًا لإرتفاع تكلفة الإستكشاف الجيولوجي والصعوبات الفنية، فإن إنتاج الغاز الصخري يبقى غير مستغل . وفي المقابل، تملك شركات النفط والغاز الروسية خبرة في مجال استخراج هذا النوع من الطاقة النفط بطرق جديدة لإنتاج الهيدروكربونات فعالة، تستدعي مجموعة كاملة من الأنابيب عالية التقنية والتجهيزات الملولبة ، والتي يتم من خلالها ربط هذه الأنابيب في قطار أنبوب واحد، وتعد TMK واحدة من رواد العالم في هذا المجال. و واكبت شركة TMK التطور العلمي والتكنولوجي والحلول المبتكرة في قطاع النفط والغاز، التي تواجه ظروفًا متزايدة الصعوبة لإنتاج الهيدروكربونات. حيث رفعت الشركة الروسية التحدي من خلال الاستثمار المستمر في تطوير الابتكارات والتطورات الجديدة ، اذ إفتتحت العام الماضي في موسكو المركز العلمي والتقني الوحيد في روسيا والخامس فقط في العالم ، مدعم بمعدات بحثية فريدة من نوعها تخص إختيار مقاومة منتجات الأنابيب في هذا المركز. و يتم اختبار منتجات الأنابيب من حيث القوة والمرونة والضغط الداخلي والخارجي والعديد من الخصائص الرئيسية الأخرى، كما تعمل على تطوير تقنيات أنابيب جديدة، وهو ما تمت الموافقة عليه واعتماده بالفعل في أوروبا ومناطق أخرى كشمال إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا. وبالعودة إلى العلاقات الاقتصادية الجزائرية الروسية وسبل تعزيز التعاون بينهما، تجدر الإشارة إلى الارتباط التاريخي بين البلدين في مراحل التعاون التي جمعت بينها، كاستفادة الجزائر من بناء أكثر من 90 منشأة اقتصادية ومساعدات في مجال التنقيب عن المعادن ، وبناء المؤسسات الصناعية وتدريب الكوادر الفنية والهندسية، ما مكن الجزائر من تنظيم إستخراج خامات الحديد والرصاص والزنك .