«حرب البواخر المسمومة»! الباخرة كان على متنها قرابة 30 ألف طن من «الفرينة» الممزوجة بالفحم الحادثة هي الثانية في ظرف شهر بعد باخرة «الفرينة» المسمومة ب 4 مواد كيماوية قاتلة! شحنة الحبوب مستوردة من شركة «لويس درايفوس» التي تمتلك الإمارات 45 من المئة من أسهمها تمكنت مصالح الأمن المختصة، نهاية الأسبوع الماضي، من الإطاحة بمخطط لإغراق الجزائر بشحنة جديدة من القمح الليّن المسموم، وذلك إثر حجز باخرة على متنها قرابة 30 ألف طن من «الفرينة»، رست منذ منتصف ديسمبر الماضي في ميناء الغزوات بإقليم ولاية تلمسان. وفي التفاصيل، كشفت معطيات حصرية تحصلت عليها «النهار»، بأن الباخرة المحجوزة تحمل العلم البنمي، واسمها «ڤريكوس»، كانت قادمة من دولة إستونيا، وتحديدا من ميناء مدينة «موڤا»، الذي أبحرت منه يوم 20 نوفمبر الماضي. وكشفت مصادر «النهار» بأن باخرة «ڤريكوس» التي يبلغ طولها 171 متر وعرضها 27 مترا، كان مقررا أن ترسو في ميناء العاصمة، وليس في ميناء الغزوات، غربي البلاد، غير أن مسؤولين في مديرية ديوان الحبوب، طلبوا تحويل الباخرة إلى ميناء الغزوات، مبررين ذلك برغبتهم في تفادي بقاء الباخرة وقتا طويلا قبل دخول رصيف ميناء الجزائر، بسبب وجود ثلاث بواخر أخرى قبلها كانت تنتظر الموافقة على الدخول والرسو وتفريغ شحناتها من القمح الليّن. وكان ميناء الجزائر، خصوصا الرصيف المخصص لتفريغ الحبوب، قد شهد طيلة شهر ديسمبر الماضي، ما يشبه حالة شلل، في أعقاب قيام عدة مصالح تتبع لهيئات رقابية وإدارية بتشديد المسار الإجرائي لمراقبة شحنات البواخر المستوردة، وذلك بعد فضيحة استيراد باخرة حبوب ممزوجة بمواد كيماوية سامة من ليتوانيا في نوفمبر الماضي، حيث أصبحت الإجراءات الخاصة بالموافقة على رسو أيّ باخرة تستغرق قرابة أسبوعين. وبرّرت مصالح إدارية تتبع لعدة جهات حكومية، تثاقلها في تلك الإجراءات الإدارية، بحرصها على تفادي تحمّل المسؤولية في أيّ حادث متوقع. غير أن تلك العراقيل البيروقراطية تمّ رفعها بسرعة بعد توصل جهات عليا بمعرفة ما يجري في الميناء من تعطيل وتدخلها في الوقت المناسب. وتقول مصادر «النهار»، إن الباخرة الثانية كانت محمّلة بشحنة من «الفرينة» مستوردة من إستونيا، وهي ملك لشركة «لويس درايفوس»، نفس المورّد المسؤول عن شحنة القمح الليّن الفاسدة الأولى. وقد جرى، يوم الخميس الماضي، إبلاغ طاقم الباخرة الموجودة على مستوى ميناء الغزوات، بأنها ممنوعة من الإبحار بموجب أمر صادر من القضاء. ورغم أن الباخرة المحجوزة هذه المرة، عُثر بداخلها على كميات كبيرة من الفحم الممزوج ب«الفرينة»، لكن من شأن تكرار حادثة حجز بواخر «الفرينة» الممزوجة بمواد سامة، أن يطرح عدة تساؤلات حول السبب وراء ذلك، والهدف الذي تسعى من خلاله الشركة المورّدة لإغراق الجزائر بمادة واسعة الاستهلاك، مخلوطة بمواد سامة وغير صالحة للاستهلاك البشري، ولا حتى الحيواني!. الخطير في هذه القضية، هذه المرة أيضا، هو أن أكثر من 90 من المئة من الحبوب التي كانت على متن الباخرة، تمّ توزيعها على تعاونيات الحبوب في تلمسان والغزوات، في انتظار توزيعها على المطاحن، قبل أن يجري اكتشاف بأنها كانت مخلوطة بمادة الفحم السام. وتنص المادة 53 من قانون 2009 الخاص بحماية المستهلك وقمع الغش على وجوب اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية مثل الحجز التحفظي على أي منتوج إستهلاكي مستورد في حالة وجود شكوك حول صلاحيته. وزير الفلاحة: الشحنة سليمة واكتشفنا فقط 2600 طن من الفرينة مخلوطة بالفحم قال وزير الفلاحة عبد الحميد حمداني بخصوص الباخرة المحجوزة بميناء الغزوات، إن كل الإجراءات الرقابية أجريت على الشحنة المستوردة، وأن المراقبين اكتشفوا وجود 2600 طن من الفرينة ممزوجة بمادة الفحم. غير أن وزير الفلاحة شدد بالمقابل على أن القضية لا تستحق كل هذا التهويل، مضيفا أن كميات الفحم التي عُثر عليها داخل الباخرة كانت في رواسب غرف التخزين على مستوى الباخرة. وكشف المتحدث أن ديوان الحبوب قام بإبلاغ وكيل الجمهورية لدى محكمة الغزوات لحجز الباخرة، لإجبار إدارة الشركة الموردة لشحنة القمح اللين، على دفع قيمة الضمان، مثلما تقتضيه مثل هكذا معاملات تجارية. كما كشف الوزير أن مورد الشحنة الموجودة على مستوى باخرة «غريكوس» ليست شركة لويس درايفوس، وإنما هي شركة موردة أخرى، مضيفا أن باقي الشحنة تم تفريغها وهي سليمة. ي. ب