الروابط التي تجمع بين الشعبين الجزائري والمغربي طويلة ومتأصلة ولا يمكن لأي حادث عرضي أن ينال منها مهما كانت درجة قوته التي يضرب بها تجاه هذه العلاقة المترابطة أبا عن جد ،وإن كانت للسياسة أفاعيلها وسحرها وتجاوزاتها الأخلاقية والاجتماعية ،ولهذا فإن الجزائر والمغرب لا يمكن للخلافات الثنائية أو اختلاف وجهات نظر الجانبين أن تقف عائقا أمام تسوية إشكاليات أخرى، في إشارة منه إلى قضية إعادة فتح الحدود البرّية بين البلدين، مجدّدا دعوة بلاده إلى إنهاء مهام المبعوث الأممي كريستوفر روس في المنطقة واستبداله بوسيط جديد لاستئناف المفاوضات. ويأتي هذا التصريح من الجانب المغربي، والذي من شأنه خلق نوع من التوتّر بين الجارتين قبل وقت قصير من تنظيم القمّة المغاربية المزمع عقدها بتونس..؟ وفي حديث خصّ به مجلّة (جون أفريك) التي تصدر بباريس وتهتم بالشؤون العربية والأفريقية جدد يوسف العمراني الوزير المنتدب بالخارجية المغربية دعوة بلاده إلى ضرورة استبدال المبعوث الأممي إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس بوسيط جديد من أجل استئناف المفاوضات. وأضاف العمراني في حديثه عن قضية الصحراء الغربية أن بلاده في حاجة إلى وسيط أممي جديد من أجل استئناف المفاوضات (والتوصّل إلى حلّ مقبول من لدن الأطراف ومبني على روح التوافق والواقعية)، واقترح في هذا الصدد (إجراء محادثات مبنية على حكم ذاتي موسّع بالصحراء). ويأتي هذا التصريح من الجانب المغربي بعد حوالي ثلاثة أيّام فقط من تجديد الأمين العام للأمم المتّحدة الثقة في المبعوث الأممي الحالي عن طريق مكالمة هاتفية أجراها مع الملك المغربي محمد السادس. ومن جهة أخرى، حذّر يوسف العمراني من أن يشكّل الخلاف بين الجزائر والمغرب حاجزا أمام حلّ مشاكل أخرى، في إشارة منه إلى مسألة فتح الحدود البرّية بين البلدين، مضيفا أن (الخلاف المغربي الجزائري حول الصحراء الغربية لا ينبغي أن يكون عائقا أمام تسوية إشكاليات أخرى). وحسب ما صرّح به الوزير المغربي فإن القمّة المغاربية المزمع عقدها بتونس خلال نهاية السنة الجارية ستتمحور حول ثلاث نقاط مهمّة تتمثّل في (حرّية تنقل رؤوس الأموال والأشخاص، إحداث منطقة للتبادل الحرّ وتوفير آليات قانونية ومالية لمواكبة الاستثمارات. من جانبه، أكّد مسؤول سامي بوزارة الخارجية الجزائرية في تصريح نقله الموقع الإخباري (كل شيء عن الجزائر) أن مسألة تعيين مبعوث أممي جديد تعدّ من مهام الأمين العام للأمم المتّحدة بان كي مون، مضيفا أن (بان كي مون تحدث مؤخّرا وبوضوح عن هذا الموضوع وأكّد أن شروط الوساطة لن تتغيّر ومبعوثه الشخصي سيواصل في تنفيذ عهدته بهدف دفع عملية التفاوض والإشراف على أنشطة حفظ السلام وفقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتّحدة). ونفى ذات المصدر وجود أيّ خلاف بين الجارتين الجزائر والمغرب حول قضية الصحراء الغربية، موضّحا أنه (من غير المناسب الحديث عن الخلاف بين الجزائر والمغرب حول قضية الصحراء الغربية لأن الأمر يتعلّق في الحقيقة بخلاف بين المغرب والمجتمع الدولي الممثّل في هيئة الأمم المتّحدة، وأضاف أنه (لا توجد أيّ دولة عضو في الأمم المتّحدة تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية). أمّا فيما يتعلّق بقمّة اتحاد المغرب العربي المزمع عقدها بتونس مع نهاية السنة الجارية فقد أوضح المسؤول الجزائري في تصريحه للموقع الإخباري أنه (من السابق لأوانه الحديث عن الأولويات وذلك لأن جدول أعمال القمّة يجب أن يكون محلّ مفاوضات على مستوى المسؤولين السامين، مع ضرورة الموافقة عليه من طرف مجلس وزراء الخارجية). الصحراء الغربية تستنجد بروس من جهتها، دعت جبهة البوليزاريو المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتّحدة إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس إلى الوفاء بالتزاماته اتجاه القضية الصحراوية والعمل على الإسراع في تحديد جدول زمني دقيق وضبط تارخ محدّد لتنظيم استفتاء تقرير المصير وإنهاء الصراع الصحراوي المغربي الذي طال أمده. أكّد امحمد خداد المنسّق الصحراوي مع المينورسو في تصريح له نقلته وكالة الأنباء الصحراوية أن جبهة البوليزاريو طلبت من مجلس الأمن التدخّل المباشر من أجل التكفّل بالقضية وتسريع وتيرة المفاوضات من أجل وضع جدول زمني دقيق وضبط تاريخ محدّد لإجراء استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي. ودعت البوليزاريو روس إلى الوفاء بالتزاماته في زيارة الصحراء الغربية من أجل تسريع وتيرة المفاوضات بين الطرفين وذلك بعد تجديد الأمين العام للأمم المتّحدة الثقة في مبعوثه المكلّف بمتابعة المفاوضات بين المغرب والصحراء الغربية، حيث أكّد خداد في هذا السياق أن جبهة البوليزاريو (تسجّل تأكيدات بان كي مون بتجديد ثقته في مبعوثه الشخصي، لتطالب كذلك المبعوث الشخصي بالوفاء بالتزاماته بزيارة المنطقة بما في ذلك الصحراء الغربية كما اتّفق عليه من قبل طرفي النّزاع ودعمه مجلس الأمن في قراره 2044 ليوم 24 أفريل 2012)، وأضاف أن جبهة البوليزاريو قد علمت بان كي مون على ثقته في مبعوثه الشخصي من أجل مواصلة مهامه المتعلّقة بالإشراف على المفاوضات بين طرفي النّزاع (انطلاقا من المهام المحدّدة من قبل مجلس الأمن بهدف التوصّل إلى حلّ عادل ودائم لنزاع تصفية الاستعمار بالصحراء الغربية، بما يضمن حقّ الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير). هذا، وقد أعربت جبهة البوليزاريو عن أملها (في المواصلة العاجلة لعملية التفاوض)، مطالبة مجلس الأمن الدولي (بأخذ مكانته اللاّئقة والتكفّل المباشر بالعملية). وشدد المنسّق الصحراوي مع المينورسو على أن تتمّ هذه الخطوة على أساس التوصيات التي نصّ عنها القانون الدولي وقرارات الجمعية العامّة للأمم المتّحدة ومجلس الأمن الدولي. وللتذكير، فقد أعلنت المغرب في وقت سابق سحب ثقتها من المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتّحدة إلى الصحراء الغربية موجّهة إليه انتقادات حادّة بالتحيّز واتّخاذ قرارات غير متوازنة في الكثير من الحالات، في حين أعربت الجزائر في تصريح سابق للمتحدّث باسم الخارجية عمر بلاني عن تأييدها لجهود المبعوث الأممي إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس الذي أوكلت إليه مهمّة الإشراف على المفاوضات الجارية بين جبهة البوليزاريو والمغرب من أجل الخروج بحلّ سياسي يرضي الطرفين ويضمن للشعب الصحراوي حقّه في تقرير مصيره.