حالة من اليأس والإحباط يعيشها سكان بلدية بني بشير بولاية سكيكدة بسبب الظروف الاجتماعية المتردية التي مست كل مناحي الحياة، فخلال زيارة معاينة قامت بها «السلام اليوم» للمنطقة، وقفنا على حياة البؤس والشقاء التي يكابد معاناتها السكان المحليون الذين عبروا عن تذمرهم لغياب تكفل حقيقي بمشاكل تعترضهم يوميا في غياب تام للسلطات العمومية التي تتغنى بإنجازات أثبت الواقع أنها مجرد حبر على ورق. مشكلة البطالة لم تعد مقتصرة على فئة الشباب فحسب بل طالت حتى فئة الكهول والشيوخ الذين وجدوا أنفسهم في تقاعد دون حتى أن يستفيدوا من معاش يحفظ لهم كرامتهم في هذه السن المتقدمة، ليس لأنه لم يعمل بل لأنه كان يقتات من أشغال يومية حتى يهرب من جحيم البطالة وشبح العوز والجوع وهو على أمل أن يجد عملا دائما، لكن السنين تمر ليصطدم بواقع مرير. أما شباب اليوم فلم يعد قادرا على الصبر، حيث تجد إطارات جامعية بطالة تجوب شوارع «بني بشير» لا أمل يحدوها في غياب آفاق واعدة. ومن جهة أخرى تساءل الشباب عن معنى فتح مناصب شغل بأعداد قليلة بولاية سكيكدة ليصطدموا أنّ من يحصل عليها هم الوافدون من ولايات أخرى، ما اعتبروه ظلما وإجحافا لأنه من غير المقبول أن سكيكدة تملك شركات ضخمة بحجم سوناطراك وأكبر مصفاة في إفريقيا ومؤسسة مينائية كبيرة وشركات عديدة، ومع ذلك تتسع دائرة الفقر والبطالة. وقد أجمع سكان بلدية «بني بشير» على أن القطاع الصحي بمنطقتهم يحتاج إلى التفاتة أصحاب القرار بالولاية، لأن البلدية يتواجد على ترابها ثلاث قاعات علاج بني بشير مركز وعلي عبد النور وجنان العناب أو العنابات، إلا أن القاعة الوحيدة التي تعمل هي تلك المتواجدة بوسط بلدية «بني بشير» وهذه الأخيرة يتواجد بها طبيب عام واحد وطبيب أسنان يحضران مرة واحدة في الأسبوع. ولا يزال مشكل السكن ب «بني بشير» يطرح بحدة رغم البرامج التي استفادت منها المنطقة، حيث كشف السكان أن 56 مسكنا اجتماعيا لم توزع و300 مسكن ريفي فردي، فيما منحت سكنات تساهمية لمن يقطنون خارج المنطقة، بالإضافة إلى استفادة مقربين من المسؤولين بسكنات، وتحدث السكان عن 30 مسكنا ريفيا منحت لأصحابها وثائق استفادة دون أن يسكنوها. ويروي السيد «س. م» البالغ من العمر 40 سنة ومتزوج، أنه من الذين عانوا من جميع المشاكل فهو متزوج ورغم حصوله على أربع شهادات في تخصصات مختلفة إلا أنه لا يزال بطالا، وقد قام ببناء بيت ب 14 مليون سنتيم لكن قامت البلدية بتهديمه، المتحدث الذي انهار وهو يسرد معاناته استنكر أن تمنح محلات تجارية لأناس لا يستغلونها. شاب آخر لم يخف ما يعانيه من أوضاع اجتماعية مزرية لدرجة أنه يوجد من اعترف أنه يتناول المخدرات باستمرار ويشرب الكحول لنسيان المعاناة. أما سكان «جنان العناب» الذين عانوا من ويلات ورأوا أبناءهم يذبحون أمامهم رفضوا العودة إلى المنطقة التي تركوا فيها منازلهم ورؤوس أغناهم واتخذوا من منطقة أخرى بجانب مؤسسة تربوية مكانا يجمعهم، حيث قال أحد الشيوخ إنه خسر الكثير ولا يفكر في الرجوع لأن الخوف مازال يسطير على الجميع. ومن جانب آخر، ندد أبناء المنطقة بالعطش المستمر الذي فرض عليهم، حيث أعربوا عن استيائهم لعدم توفر هذه المادة الحيوية، فحنفيات المنطقة لا تجود علينا بقطرات الماء ونحن على أبواب الصيف. الحقرة وبيروقراطية الإدارة حتى في استخراج شهادة الميلاد «الحقرة» هو المصطلح الذي أخذ كفايته في حديث السكان لأنهم يرونها جوهر المشاكل التي يتخبطون فيها، ومن بين التصرفات التي ذكروها صعوبة استخراج شهادة الميلاد وإجبارهم على دفع مبلغ مالي، مؤكدين أنه لا يمكن لأي مسؤول أن ينكر هذه الممارسات. السكان هددوا بعدم التوجه لصناديق الاقتراع لأنهم يعتبرون أنفسهم مهمشين ومحقورين.