الدعاء من أعظم القربات التي تصل العبد بخالقه. فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الدعاء هو العبادة) رواه أبو داود. وذلك لما يجتمع في الداعي من صفات الذل والخضوع والالتجاء إلى من بيده مقاليد الأمور. ولما كان الدعاء بهذه المرتبة. أمر الله عز وجل عباده أن يدعوه في كل أحوالهم وبين لهم سبحانه أن من الوسائل التي يكون معها الدعاء أرجى للقبول. الدعاء بأسمائه وصفاته. فيشرع للداعي أن يبدأ دعاءه متوسلاً بذكر أسماء الله عز وجل وصفاته التي تتعلق بذلك الدعاء. فإذا أراد المسلم الرحمة والمغفرة. دعا الله باسم الرحمن. الرحيم. الغفور. الكريم. وإذا أراد الرزق دعا ربه باسم الرزاق. المعطي. الجواد. وهكذا يقدِّمُ الداعي بين يدي دعائه ما يناسبه من أسماء الله. وصفاته. فإن ذلك من أسباب قبول الدعاء. والتوسل بالدعاء على أنواعٍ. فمنه التوسل المشروع ومنه التوسل الممنوع فمن أنواع التوسل المشروع: التوسل إلى الله عز وجل بصالح الأعمال التي عملها العبد. قال تعالى: {ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار} آل عمران فتأمل كيف توسل هؤلاء بإيمانهم بربهم جلا وعلا. وقص رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا - فيما رواه البخاري ومسلم - قصة ثلاثة نفر كانوا يمشون فنزل المطر الغزير. فلجأووا إلى غار في جبل يحتمون به. فسقطت على باب الغار صخرة منعتهم الخروج. فحاولوا إزاحتها فلم يقدروا. فاجتمع رأيهم على أن يدعوا الله عز وجل بأرجى أعمالهم الصالحة التي عملوها. فتوسل أحدهم ببره لوالديه. وتوسل الآخر بحسن رعايته واستثماره لمال أجيره. وتوسل الآخر بتركه الزنى بعد تمكنه منه. وكلما دعا أحدهم انفرجت الصخرة عن باب الغار قليلا. إلا أنهم لم يستطيعوا الخروج. حتى أكمل ثالثهم دعائه فانفرجت الصخرة عن باب الغار فخرجوا يتماشون . فيُشرع للمسلم إذا أراد أن يدعوا الله عز وجل أن يتوسل بأحب الأعمال الصالحة التي يرجو أن تكون خالصة لله. ومن أنواع التوسل المشروع: طلب الدعاء من الأحياء الصالحين. وذلك أن العباد يتفاوتون في الصلاح وفي قربهم ومنزلتهم عند الله. لذلك كان الصحابة يحرصون على سؤال النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء لهم رجاء القبول والإجابة. ومن أنواع التوسل المشروع التوسل بذكر حال السائل وما هو عليه من الضعف والحاجة. كأن يقول: اللهم إني الفقير إليك. الأسير بين يديك. الراجي عفوك. المتطلع إلى عطائك. هبني منك رحمة من عندك. والدليل على هذا النوع من التوسل دعاء زكريا عليه السلام. فهذه بعض أنواع التوسل المشروع. التي ينبغي أن يحرص عليها المسلم. ويستفتح بها دعاءه. طالباً من الله قضاء حاجته. وهناك أنواع من التوسل يفعلها الناس - منها ما يبلغ حدّ البدعة ومنها ما يبلغ حد الشرك - ظناً منهم أنهم يتقربون إلى الله سبحانه بها. وما علموا أن التقرب إليه إنما يكون بما شرع لا بالأهواء والبدع.فمن أنواع التوسل البدعي طلب الدعاء من الميت. فهذه أنواع التوسل في الدعاء وأحكامه. فينبغي للمسلم أن يحرص على المشروع منه. وأن يجتهد في دعاء الله في أحواله كافة. حتى يعلم الله منه صدق افتقاره إليه فيجيبه ويغيثه. وعلى المسلم أيضاً أن يجتنب التوسل البدعي. وأن يبتعد كل البعد عن التوسل الشركي. فإنه الأخطر على دين المسلم وعقيدته.