تعرف ظاهرة الغش في الامتحانات تزايدا ملحوظا عند الكثير من الطلبة والطالبات، حيث أصبحت هذه العادة منتشرة في كل الأطوار التعليمية. تعوّد الكثير من الطلبة على بعض تقنيات الغش المتطورة مع ظهور تقنيات جديدة تكنولوجية كالبلوتوث وسماعات الهاتف النقال بعدما كانوا في الماضي يكتبون على الطاولات والجدران والأيادي، في الوقت الذي اعتبره بعض الطلبة حقا مشروعا يخرجهم من مأزق الامتحانات استفسرنا عن سبب انتهاجهم لهذه الأساليب فكان رد الطالبة "س. ي" "كنت أراجع كل الدروس ولكن لا أتحصل على العلامة التي أستحقها، لهذا كثيرا ما كنت أغضب وقررت بأن لا أراجع في المستقبل وسأمتحن عن طريق (لحروز) "والكثير من الطلبة كان لهم نفس رأي "س. ي". وما أدهشنا الطالبة "م. ر" التي تكلمت معنا بكل صراحة قائلة: "أنا أعتمد كثيرا على الغش في الامتحانات وخطيبي هو الذي يساعدني على ذلك، حيث يقوم بتعبئة رصيدي وينقل لي الدروس عبر الهاتف النقال". ومن الطلبة الذكور من لا يجدون الوقت للمراجعة بسب العمل من أجل تحسين دخلهم المعيشي مثل "أمين" الذي سألناه كيفية التوفيق بين العمل والدراسة، وكيف يحضر للامتحانات بسبب ضيق وقت المراجعة أجابنا "أنا أراجع دروسي ولكن حين أتعثر أو يصعب علي أي سؤال أستعين بأصدقاء لأنه ليس لدي أي حل آخر". ويدفع الغش بعض الطالبات إلى القيام بتصرفات لا تخطر على البال، حيث أخبرتنا إحدى الطالبات أن زميلتها لا ترتدي الحجاب ولكنها تتحجب لكي تغش يوم الامتحانات فقط، وذلك بهدف وضع سماعات الهاتف النقال وبالفعل تقربنا من صديقاتها وتأكدنا بأنها ليست متحجبة بالفعل، وإنما هو مظهرها خلال الامتحانات حتى لا يفتضح أمرها. وبالمقابل نجد بعض الطلبة والطالبات الذين يتفادون الغش في الامتحانات من حيث المبدأ مثل "عمر" عندما سألناه كيف يجيب في الامتحانات، أجابنا قائلا "أنا لا أغش في الامتحانات إلا في حال عدم فهمي للسؤال فأستعين بأصدقاء". في حين أبدى الطالب "ع. و" رفضه لمثل هذه التصرفات والسلوكات التي ينتهجها الكثير من الطلبة قائلا "الطالب الذي يقدم على الغش في الامتحان في رأيي ناتج عن نقص في التربية من طرف الولدين وعادة اكتسبوها من زملائهم في الدراسة وضعف الإيمان وهذه العادة سيئة جدا، وبالنسبة لي فإن الشخص الذي يغش في الامتحان يمكن أن يغش حتى أقرب الناس إليه". أما الطالبة نسيمة فتقول "أنا لست معصومة من الخطأ ولا أكذب عليكم.. فقد كنت أحيانا أغش ولكن ليست عادة استهويها لأنني أنتهج هذا السلوك في حال عدم فهمي لسؤال معين أو النسيان، لكني دائما أتفادى الغش في الامتحانات حتى يبارك لي الله عز وجل في دراستي ومستقبلي المهني". ووجدنا الكثير من قالوا لنا "أنا أرجع الورقة بيضاء عندما أكون في حالة أو ظروف يصعب عليّ المراجعة فيها أيام الامتحان ولا أغش" مثل أمال التي حكت لنا عن تجربة مرت بها في مرحلتها الجامعية قائلة "كنت في السنة الثانية جامعي ولديّ تخصص في السنة التي بعدها وكنت على وشك اجتياز امتحان، ولا يجب أن أدخل الدورة الشاملة لكي أدرس التخصص الذي أريد رغم أنني تهيأت للامتحانات، إلا أنني يوم الامتحان أرجعت الورقة بيضاء بسبب عدم فهمي للسؤال ورفضت الغش والله سبحانه وتعالى كان معي ولم امتحن الدورة الشاملة، رغم تحصلي على أدنى علامة ودرست التخصص الذي أردت". أولياء يساعدون أبناءهم على الغش وأساتذة مستاؤون؟! يساعد بعض الأولياء أبناءهم على الغش في الامتحانات بعدم توعيتهم على أن الغش منافٍ للأخلاق والدين، وهذا ما أكدته لنا الأستاذة فتيحة مهدي بلعسلة أستاذة في علم النفس قائلة: "إن ظاهرة الغش في تزايد مستمر ومتمادية حيث أصبح الغش حقا مشروعا وعرفا مقبولا لدى الكثير من الطلبة الذين يرون أن الخطأ إذا عم صار صوابا، وأنا أتذكر موقفا لن أنساه طوال حياتي، كنت في حراسة امتحان واكتشفنا طالبا يغش وبكل جرأة كان رد فعله برفع صوته ثم هددنا برفع شكوى إلى رئيس الجامعة، ما لاحظناه في الآونة الأخيرة أن الطالب دائما يكون في حالة نفسية مهيأة للدفاع عن نفسه، في حين دفعتنا طالبة أخرى للاستغراب بعد أن كتبت على ساقيها وفي أماكن أخرى يصعب الوصول إليها، مما يصعب على أي أستاذ اكتشافها، فمسألة الغش هذه بالنسبة للكثير من الطلبة والطالبات من وجهة نظري تقع المسؤولية على عاتق بعض الأولياء الذين يكونون دائما متسامحين مع أبنائهم في هذه المواقف ويشجعونهم على الغش، وما يهمهم هو الكم الذي يتحصلون عليه من النقاط وليس المستوى المطلوب". هذا وعبر لنا الأستاذ "أحمد طيفوري" عن وجهة نظره وهو مستاء جدا من هذه الظاهرة قائلا: "الغش موجود وبعدة طرق وأساليب كاستعمال أوراق التبغ (الماصة) التي تستعمل في(الشّمة) ورغم المجهودات التي يبذلها معظم الأساتذة في الحراسة، إلا أنهم يجدون صعوبة في حراسة الامتحانات التي تكون أسئلتها على شكل النظام الأمريكي (نعم أو لا صحيح أو خطأ) وما يؤسفني هو مساعدة بعض الأساتذة غير المستديمين للطلبة على الغش بهدف كسب الطالب، ومن وجهة نظري فإن هذه التصرفات اللاأخلاقية ناتجة عن تسامح بعض الأولياء مع أبنائهم، فالتوعية الأسرية مهمة جدا لتنشئة الطالب تنشئة سليمة"