تعيش مولودية الجزائر هذه الأيام، منعرجا حاسما في المسار التاريخي لهذا النادي العريق المتأسس قبل 91 عاما، حيث يتداول الشارع الرياضي بقوة أنباء عن استعداد القطريين شراء أسهم المولودية، وهو ما يعارضه بشدة عشاق ورموز الفريق الذي يتخذ من الألوان الوطنية «الأخضر، الأحمر والأبيض» شعارا له، طالما أنّ هذا النادي الرمز ملك لكل الجزائريين، ويتعين على السلطات العليا في البلاد التدخل بشكل عاجل وصارم لإنقاذه، بعدما صار أشبه ب «كرة» تتقاذفها أرجل كل من هبّ ودبّ. ما يخشاه أنصار المولودية ومحبوها هو ضياع الإرث التاريخي الضخم لناديهم، فبيع المولودية حسبهم هو تهديد لهوية النادي وعراقته، ويرى قطاع واسع من اللاعبين والرموز المخضرمين، في قدوم القطريين إلى النادي الجزائري الأقدم، محاولة من قطر لتسويق نفسها واستغلال الشعبية الكبيرة للنادي الجزائري العريق، فالمولودية بما تكتنزه من رصيد جماهيري ضخم، هي أقصر طريق للوصول إلى قلوب الجزائريين المتوجسين من السياسة الخارجية القطرية. ويحتج «عمر بتروني» النجم الكبير للمولودية في سبعينيات القرن الماضي، على طرح فكرة بيع النادي الجزائري العريق لغير الجزائريين، مؤكدا أن محبي النادي لن يسمحوا ببيعه للغرباء، وأن النادي سيبقى جزائريا خالصا أحب من أحب وكره من كره. وانتقد بطروني بشدة المسيرين الذين يسوقون لفكرة شراء قطر لجزء من أصول المولودية ونعتهم ب»غير الأوفياء»، معتبرا أن أزمة المولودية مصطنعة وأن مشاكلها هي في بقاء أمثال هؤلاء المسيرين الذين لا يراعون قدر النادي ونزلوا به إلى الحضيض بعد أن كان الجميع يتغنى بالمولودية وأمجادها. واستغرب بطروني لجوء البعض إلى أجانب في وقت تزخر فيه الجزائر بمستثمرين قادرين على إنقاذ النادي والإبقاء على جزائريته، متسائلا كيف أن مبلغ 30 مليارا التي تمثل أصول النادي، عجز عن تأمينها الجزائريون حتى يستنجدوا بالقطريين أو غيرهم من الأجانب. وحذر بطروني من أن القطريين لهم أجندات خاصة من وراء استثمارهم في أكبر فريق جزائري، وأنهم لا يسعون لمصلحة النادي بقدر ما يريدون استغلال شعبيته الكبيرة لدى الجزائريين لتحقيق أغراض غير كروية، والنادي حسب بطروني لن يكون ظهرا يركب من أحد ولن نسمح له أن يكون مطية لتحقيق أغراض غير كروية. وأكد بطروني أن شراء القطريين للنادي الجزائري العريق سيحول المولودية إلى فريق قطري، وستزول هوية النادي الذي يشكل إرثا تاريخيا لكل الجزائريين، مشيرا أن النادي ليس للبيع ولن يسمع لاعبوه ومحبوه بأن يباع، وسنقف سدا منيعا يضيف وراء أي محاولة لطمس النادي الجزائري واستغلاله سواء كان ذلك من القطريين أو من غيرهم. ويبدو أن شهية القطريين مفتوحة عن آخرها لالتهام النادي الأعرق في تاريخ كرة القدم الجزائرية، حيث أفادت مصادر إعلامية أنّ القطريين يسعون لشراء أصول مولودية الجزائر، وأن هناك اتصالات حثيثة بين إدارة النادي ومستثمرين قطريين أبدوا اهتماما بالغا ورغبة في الاستحواذ على المولودية. على طرف نقيض، يرى «الصادق عمروس» المسير في مولودية الجزائر، إنّ الأخيرة بحاجة ماسة لأموال تخرجها من أزمتها، وقد تجد حسبه - في استثمارات القطريين ملاذا من ضائقتها بعد فشل المستثمرين الجزائريين، على حد قوله، وأوضح عمروس أنّ المولودية تحبذ أن يكون رأسمالها مملوكا لمستثمرين جزائريين، لكنها لم تتلق أي عروض جدية، في إشارة إلى «إيدير لونغار» المستثمر الجزائري المغترب، واصفا الصفقة القطرية ب»جرعة الأكسجين» لإنقاذ المولودية من الزوال. وأشار عمروس أن فكرة دخول الأجانب في رأسمال الأندية الجزائرية ليست بالخطورة التي يروج لها البعض، مادام أن القوانين الجزائرية تجيز ذلك، وفق قاعدة 51/49 الضابطة للاستثمارات الأجنبية في الجزائر، أي أن استثمار أجنبي في نادي جزائري سيضمن بقاء النادي ملكا للجزائريين. وقلّل عمروس من مخاوف البعض من ضياع هوية النادي الجزائري الأعرق في حال دخل في رأسماله أجانب، لأن ضياع هوية النادي تعني ضياع استثمارات هؤلاء الأجانب، ومن مصلحتهم الإبقاء على جزائرية المولودية وتاريخها، لأنه بفقد هذه العناصر ستضيع المولودية وتضيع معها أموال المستثمرين. وطمأن عمروس أنصار المولودية، بأن مسيري النادي لن يسمحوا بالمساس بهوية النادي الجزائري، وألوانه الممثلة للراية الوطنية، وتاريخه العريق، لأن ذاكرة المولودية من ذاكرة الجزائر. وشدد المتحدث أن بعض الأطراف التي تدعي حب المولودية لم تقدم شيئا للنادي، ولا تبالي بمصيره الذي يتجه نحو المجهول إذا استمر الوضع على ما هو عليه، مؤكدا أن مسيري النادي لا يقبلون دروسا في الأخلاق أو في حب النادي من هؤلاء، وهم رغم الظروف الصعبة يؤدون واجبهم على أكمل وجه.