كشف «بشير مصيطفى» الخبير الاقتصادي، أمس، أنّ استمرار تهاوي أسعار النفط في الأسواق الدولية، سيدفع بالحكومة الجزائرية إلى اعتماد برنامج تقشف قد يتم عبره تحجيم بعض الاستثمارات العمومية التي باشرتها في إطار البرنامج الخماسي لرئيس الجمهورية 2007-2014، بسبب عجز الموازنة العامة للدولة عن تمويلها. وفي تحليل خص به «السلام»، أكد مصيطفى أنّ الحكومة في مجابهتها انهيار أسعار النفط، بحوزتها خياران أحلاهما مر من أجل الحفاظ على موازنتها العامة، إما التخلي عن الإنفاق الاجتماعي والزيادات في الأجور ومنح التقاعد والتحويلات، وإما التنازل عن بعض المشاريع العمومية، ويبدو الخيار الثاني في نظره الأكثر احتمالا، بسبب الظروف الإقليمية الراهنة التي ستجعل من السلطة متحفظة عن المساس ببعض الامتيازات الاجتماعية خشية حدوث اضطرابات قد لا تحمد عقباها. ويرى الخبير أن الميزانية ستتأثر حتما بالتهاوي المسجل في أسعار النفط، فحتى مع سعر 120 دولار للبرميل سجلت الميزانية عجزا ب 55.5 مليار دولار في السنة الماضية، فكيف إذا وصل السعر انحداره إلى 82 دولار؟، مؤكدا أن كل دولار نازل في سعر البرميل، سيكبّد مداخيل الصادرات الجزائرية 450 ألف دولار يوميا، وبالتالي فإن نزول البرميل كما هو حاصل في هذه الأيام ب 40 دولار (انتقل السعر من 122 إلى 82 دولار)، سيفقد الجزائر ما قيمته 12 مليار دولار من قيمة الصادرات التي بلغت في السنة الماضية 73 مليار دولار، وتشكل المحروقات 97 بالمائة منها. وقلل مصيطفى من حجم التفاؤل المسجل بعودة التعافي إلى أسعار النفط بعد خطة الإنقاذ الأوربية الجديدة لمساعدة البنوك الإسبانية والإيطالية وإنقاذها من الانهيار، أو تلك الإجراءات المتخذة بتخصيص 120 مليار دولار من أجل تحفيز النمو الاقتصادي في منطقة الأورو، حيث ذكر أن انعكاساتها محدودة في فترة زمنية قصيرة جدا، ثم ستعود الأمور إلى ما كانت عليه، لأن الأزمة برأيه تتعلق ببنية الاقتصاد العالمي التي تحتاج إلى إعادة نظر، وليس مجرد إجراءات تسكينية لا تلبث أن تزول لتعود نفس الآثار إلى منظومة اقتصادية مريضة. وحسب مصيطفى، فإن منظمة الأوبك فقدت بريقها ولم تعد تحظى بالإجماع كمنظمة قادرة على التحكم في أسعار النفط، باعتبار أن أغلبية الدول داخلها لا تحترم الحصص المخصصة لها، ما أدى إلى تسجيل فائض يومي من النفط في الأسواق يقدر بثلاثة ملايين برميل يوميا، ساهم بقدر كبير في خفض الأسعار، وليست السعودية مسؤولة لوحدها عن عدم احترام الحصص، فحتى إيران أصبحت تلجأ إلى بيع البترول عبر شحنات «سبوت» فورية من أجل التملص من العقوبات المسلطة عليها، ولا يوجد حاليا داخل المنظمة سوى الجزائر التي تحترم حصص إنتاجها.