يدعو خبراء جزائريون إلى التقشف لمواجهة أزمة خريفية مربكة تلوح في الأفق، سيما إذا ما واصلت أسعار النفط انحدارها بما قد يدخل الجزائر في دوامة شبيهة بتلك التي طالتها في أواسط ثمانينيات القرن الماضي، وبلغت أوجها في النصف الأول من التسعينيات. وتزامنا مع إعلان وزير المالية «كريم جودي» عن اعتماد الجزائر لسياسة تقشفية بغرض التصدي لرهانات القادم وزوابعه، يتقاطع كل من عبد الرحمان مبتول، عبد الكريم بهلول وبشير مصيطفى في حتمية عدم الاستهانة باستمرار تهاوي أسعار النفط في الأسواق الدولية، وذلك يمر بنظرهم عبر اعتماد برنامج تقشف تتعاطى بحذر مع متطلبات مشاريع المخطط الخماسي للإستثمار العمومي 2010/2014 . ويقوم نمط التقشف بعيون الخبراء الثلاثة على عدم المساس بالتوازنات الاجتماعية، مع التركيز على الاستثمارات المنتجة خشية حدوث اضطرابات قد لا تحمد عقباها. ويحث مبتول، بهلول ومصيطفى على مراجعة النظام الاقتصادي القائم على منح الأولوية للاستيراد»، مستدلين ب60 مليار دولار من الواردات في السنوات الأخيرة، وهي ثمرة توزيع الريع، بجانب تثمين مؤدى 1.3 مليون مؤسسة بينها 85 بالمائة مؤسسات صغيرة تعاني الأمرّين على عدة أصعدة، عن طريق رفع هامش إسهام الصناعة في الناتج الخام ب 17 بالمائة في ظلّ عجز قطاع المحروقات عن خلق وعاء معتبر من الوظائف، بما حوّل الجزائر إلى بلد غني دون وظائف، في وقت تفرط السلطات في منح المشاريع للأجانب عوض تمكين المتعاملين الوطنيين. ووفق تحليل الخبراء الثلاثة، فإنّ الجزائر يعوقها مشكل اقتصادي في العمق، فالاقتصاد لا يسيّر هكذا، لافتا إلى أنّ المناخ الحالي تطغى عليه البيروقراطية، معتبرا التعاطي الإداري الحالي يفسر كل الاحتباسات الحاصلة، وكثير من الأشياء غير ممكنة في الجزائر بسبب الإدارة، مع أنّ الحاجة ماسة إلى إدارة عصرية تسهّل الحراك الاقتصادي، والانتصار لإصلاح تدريجي بدل تغيير كل شيء، وربما هي أفضلية للجزائر بحسبه - لأنها تمتلك مقومات تغيير هادئ.