مع حلول فصل الصّيف وعودة الأعراس بقوة سيما في هذه الفترة التي تسبق شهر رمضان، عادت عبر مختلف ولايات الشرق الجزائري على غرار باقي مناطق الوطن ظواهر مواكب الأعراس التّي تسير بسرعة جنونية تقود لمصلحة الاستعجالات أو حفظ الجثث مباشرة، فيما لاتزالت التّسمّمات تصنع الحدث أيضا عبر تقديم الأطعمة الفاسدة التّي تكاد تتحوّل لميزة لبعض المناسبات، وهو ما ينطبق على الاستخدام العشوائي للبارود الذّي يتسبب أحيانا في بعض الإصابات أو حتّى الموت. مواكب أعراس للمستشفى أو المقابر والكفن بدل الفستان الأبيض ولقد أصبحت ظاهرة تحوّل مواكب الأعراس لجنائز ظاهرة تحتاج لكثير من التّأمل والبحث والمعالجة، سيما أنّ السّرعة الجنونية التّي تتميّز بها مواكب الأعراس تعتبر السّبب الرّئيسي والأهمّ في تسجيل حوادث المرور التّي تودي في كثير من المرات بحياة العريسين أو أفراد العائلة، بينما تبقى الإصابات أخفّ الأضرار النّاجمة عن ذلك. وإذا كانت بعض الحوادث المرورية لمواكب الزّفاف تسبّب بعض الإصابات والهلع، فإنّ غالبيتها تقلب الأمور رأسا على عقب فتنقلب الزّغاريد لصياح ودموع وأحزان، وعلى سبيل الذّكر لا الحصر فإنّه وببلدية أولاد رشاش بولاية خنشلة تلقّت إحدى العائلات صدمة العمر بدل فرحة العمر، حين تسبّب حادث مروري لموكب زفات في وفاة العريس والعروس وأختها التّي لم تتجاوز21 سنة وبعض الأفراد الآخرين، وذلك بعد اصطدام الموكب بشاحنة لتهريب المازوت، وبدل أن يزفّ العريسان لبيت الزّوجية كانت وجهتهما القبر وتحوّلت سعادة العائلة لحزن لا يوصف. وبعيدا عن موكب الزّفاف فقد صدمت إحدى العائلات بديدوش مراد قبل أيّام بعد أن تسبّب حادث مروري في مقتل الأختين اللّتين توجهتا لقسنطينة بغرض إحضار فستان العرس للأخت الكبرى، التّي كانت تستعدّ لزفافها بعد يومين لم يمنحهما القدر لها، بعد أن قرّر لها ارتداء اللّون الأبيض للكفن بدل فستان الزّفاف، وسط صدمة الزّوج الذّي لم يصدّق الأمر وأصيب بصدمة جعلته في حالة هستيرية أمام مصلحة حفظ الجثث بالمستشفى، بعد أن كان يحضّر نفسه لدخول القفص الذّهبي، بينما فجعت عائلة الفقيدتين في البنتين اللّتين كانت إحداهما على موعد مع الفرح بعد يومين، والأخرى على موعد مع دخول الجامعة بعد نيلها شهادة البكالوريا هذا العام، لكن الحادث لم يمنحه أيّا منهما فرصة إتمام الحلم. بارود ورصاص الأعراس.. تذكرة نحو القبر ولا يقلّ البارود والرّصاص المستخدم تعبيرا عن الفرح في الأعراس خطورة عن حوادث المرور، بحيث لا يفرّق هذا الأخير بين صغير وكبير ولا يختار ضحاياه الذّين يكونون أحيانا من المدعوين، بينما غالبا يكونون من أقرب المقرّبين للعريس أو العروس وتلك المأساة الكبرى. ووسط الحماس والتّفاعل الذّي تشهده مختلف حفلات الأعراس فإنّ الكثيرين يفقدون السّيطرة والانتباه ويغامرون بإطلاق الرّصاص الذّي يخطئ أحيانا ويسكن صدر أو رأس أحدهم ليعلن بدء الأحزان، وبلا حصر فقد سجّلت منذ بداية موسم الأعراس هذا العام الكثير من الحوادث التّي ذهب ضحيتها أطفال وأفراد من عائلة العريس أو العروسة، اللّذان بدل أن يتذكّرا حفل زفافهما بخير فإنّهما يتذكرانه بمنظر الدّم والدّموع، ليس إلاّ لأنّ الكثيرين احتفظوا بعادة إطلاق الرّصاص أو البارود بلا تفكير في العواقب المحتملة لذلك، إلاّ بعد أن تكون الكارثة قد حلّت وحينها لا ينفع النّدم. طعام الأعراس...احذروه وفي نفس السّياق لا تخلو أعراس الجزائريين من خطر الإصابة بالتّسمم بالنّظر للحرارة وكمية المأكولات الهائلة، التّي قد لا تحفظ جيدا في غالب الأحيان أو قد يتمّ شراؤها غير صالحة للاستهلاك أساسا، وفي هذا الصّدد فإنّ الكثير من حوادث التّسمّمات التّي تكثر في فصل الصّيف تكون حفلات الأعراس مسرحا لها. والخطير في التّسمّمات بالأعراس أنّ عدد المصابين قد يفوق العشرات بل والمائة أحيانا، ممّا يعني ضرورة الحذر واتخاذ الاحتياطات سيما بالمناسبة لأصحاب العرس، ممّن يجدر بهم تجنّب الفواكه والمأكولات المحتمل تلفها، والتّي تكون غالبا السّبب الرّئيسي في تسمّم المدعوين، وكذا التّأكد من سلامة اللّحوم وحفظها جيدا، باعتبار التسمّمات النّاجمة عنها قد تكون أخطر من الأولى بكثير. والمثير في أنّ الأرقام المقدّمة من طرف الهيئات الرّسمية لا تمت للواقع بصلة، بالنّظر لاعتماد الكثيرين على علاج أنفسهم بأدوية أو أعشاب بدل التّوجه للمستشفيات. لكي لا نكون معزّين بألبسة العرس.. ومن كلّ ما قيل سابقا فإنّ بعض الحذر قد يجنب الكثير من العائلات الأسى والحزن، الذّي لا يمكن أحيانا وصفه سيما بالنّسبة للعروس التّي تفقد والدتها يوم عرسها بسبب طلقة طائشة أو والدان يزفّان الابن أو البنت للقبر بدل بيت الزّوجية، أو يحتاران هل يفرحان للابن المتزوج بينما لقي الآخر حتفه أثناء احتفاله بأخيه؟ ورغم أنّ الجهات الرّسمية قد قامت في كثير من الولايات بتنظيم مواكب الأعراس تفاديا لأيّ حوادث وهدّدت بمعاقبة كلّ من يطلق الرّصاص أثناء الاحتفال مثلما قامت بحملات تحسيسية لمخاطر التسمّم، إلاّ أنّ الوعي يبقى أهمّ من جميع المخطّطات والقوانين الرّدعية، ويكفي أن يتخيّل أحدهم إمكانية أن تقدّم حلويات عرسه في جنازة أو يعلو الصّراخ والصّياح بدل الزّغاريد، وتقدّم التّعازي بدل التّهاني من طرف المدعوين بألبسة تشير للفرح، يكفي ذلك ليفكّر ألف مرة قبل الإقدام على الإفراط في السّرعة أثناء موكب الزّفاف أو السّماح بإطلاق البارود الذّي يقتل الفرح في مهده أحيانا.