تتنافس العرائس في أم البواقي في اختيار أغرب “التقليعات” والعادات والأساليب لاحتفالات الزواج. فبعد أن كان دخول العروسة إلى “صالة” العرس يتم بزفة الأغاني الشاوية الأصيلة المستمدة من التراث والفلكلور الشعبي الأصيل، كأغاني عيسى الجرموني وب?ار حدة والمطربة زليخة، أوإلقاء قصيدة شعبية شهيرة من الشعر الملحون تمتدح جمال العروس ونسبها أصبحت اليوم الموسيقى الصاخبة المنبعثة من أجهزة “الديسك جوكي” التي تصم الآذان تصاحب العروس إلى بيت عريسها. تقوم بعض النسوة والعجائز في الأعراس بنثر الحلوى وقطع السكر والتمر على المدعوين حتى وصولها المكان المخصص لها، وتختار بعض العائلات نثر أكياس المكسرات على المدعوين. ومن الطرق المميزة التي ابتكرت حديثًا، استئجار كل شيء من فستان الزفاف إلى الحلي والمجوهرات مرورًا بقاعات الأفراح، وحتى المدعوين يتم استئجارهم حتى يكون العدد كبيرا لأن ذلك مصدر فخر..! ومن التقاليد المنتشرة حديثًا اختيار لون موحد لكل الصالة، مثل أن تختار الفتاة اللون الأخضر أوالفضي ليكون سائدا في القاعة، من طاولات الطعام والكراسي حتى آنية القهوة والحلوى والورود ، ويمتدّ اللّون ليشمل ثوب العرس وباقة الورد التي تمسكها العروس في يدها. ولمواكب الأفراح “تقليعات” أكثر غرابة، فسيارة نقل العروس من بيت والدها إلى عش الزوجية تشبه أحياناً عربة تجرها الخيول، مرفوقة بعدد محدد من الدراجات النارية العملاقة وسيارات آخر طراز، لتمتزج الأصالة بالمعاصرة وتصبح ليلة الزفاف كأنها من ألف ليلة وليلة. أما المكان المخصص للعروسين، فله هو الآخر النصيب الأكبر من التصاميم الجديدة، فمرة على شكل قوقعة كبيرة مفتوحة أو زهرة كبيرة يجلس وسطها العروسان، وينبعث منها الدخان الأبيض والذي يتحول تدريجيًا إلى اللون الوردي فالأحمر من تحت أقدام العروسين فيبدوان وكأنهما في حلم جميل. كراسي “معاك يا الخضرة” آخر الصيحات وتختلف أسعار أماكن جلوس العروسين ليلة الزفاف وفقًا للتصاميم التي يطلبها الأزواج. فحسب رؤوف صالحي، صاحب محلات تجهيز الأعراس في عين مليلة، فالأسعار تبدأ من ألفي دينار جزائري لتتجاوز العشرين ألفاً أحياناً حسب المواد المستخدمة فيها. وتطلب أحيانًا بعض العرائس الإحتفاظ بكرسي العروسين في منزل الزوجية كذكرى لزواجها. ويعد الفضي والزهري والذهبي وأحيانا البنفسجي أكثر الألوان المطلوبة. وتعتبر كراسي “معاك يا الخضرا” آخر موضة لهذا العام، وفقًا لحديث حيدر بوعبد الله، صاحب أحد المحلات المختصة في تجهيز الأعراس في عين الفكرون، وهو كرسي خاص بالعروسين مكون من أغصان أشجار أو فروع مزينة بكريستال عليها إنارة بالأحمر والأخضر إضافة إلى اللون الأبيض، وهي ألوان لباس المنتخب الوطني لكرة القدم، ويكلّف هذا النوع من الكراسي من ألفي إلى 5 آلاف دينار، وذلك حسب التصميم والموسم الذي تطلب فيه، فهو يرتفع في فصل الصيف والمناسبات، وينخفض السعر في الشتاء وموسم الدراسة لقلة الطلب عليها. من الفرق الغنائية إلى أجهزة “الديسك جوكي” وتماشيًا مع هذا التغيير الجذري في الأعراس المحلية بولاية أم البواقي وطرق الاحتفالات بالزواج، ابتدعت طرقًا جديدة لمواكبة هذه التطورات، فأصبحت الأغاني المصاحبة للأعراس تنبعث من أجهزة الديسك جوكي عوضًا عن الفرق الغنائية المعهودة، وخاصة تلك الفرق الموسيقية الشعبية المشهورة بالقصبة والبندير، والتي كانت تضفي مسحة شعبية وطربية ممتعة وجميلة، بل كانت إلى وقت قريب هي ملح الأعراس المحلية إلى جانب فرق الخيالة وأصحاب البارود و”الكاربيلا”. وتختلف أسعار كراء أجهزة الديسك جوكي حسب الزمان والمكان، ويكون للمدة الزمنية وأيّام الأسبوع أيضاً دور في التسعيرة، كما أن نوع وحجم أجهزة الديسك جوكي التي تُؤجر لها دور في الأسعار فترتفع عندما تكون الأجهزة من الحجم الكبير، وتنخفض عندما تكون من الحجم المتوسط والصغير، ويبدأ السعر من ثلاثة آلاف ويصل أحيانا إلى 20 ألف دينار جزائري لليلة الواحدة. وأصبحت هناك أعراس خاصة تلك التي تُقام في قاعات الأفراح تعرض فيها وصلات غنائية تقدم عن طريق آلة الأورغ أوالبيانو التي يعزف عليها عازفون من وراء الكواليس. كراء فستان الزفاف بدلا من شرائه لجأت محلات بيع فساتين الزفاف والأفراح إلى استحداث قسم للتأجير والكراء، بعد الإقبال الكبير الذي شهده هذا النظام، حيث اتجهت العديد من النساء اللاتي يقبلن على الزواج إلى نظام تأجير فساتين الزفاف بدلاً من شرائها لارتفاع أسعارها إلى مستوى جنوني. وأكدت عدد من العرائس أن ارتفاع الأسعار لا يُغري بالشراء، خاصة أن الفستان سوف يُلبس لساعات ويكون مصيره الركن في الرفوف. وأكد سمير بلوفة، صاحب محل لبيع فساتين الأفراح، أن الإقبال على تأجير فستان الزفاف أصبح في الآونة الأخيرة ملحوظًا لأسباب متعددة و مبررة، وتفضل غالبية الزبونات تأجير الفستان بدلًا من شرائه، مؤكدًا أن العرائس يمثلن النسبة الأكبر من طالبات التأجير، لأن هناك أيضًا فتيات يقمن بتأجير الفساتين لأسباب ومناسبات أخرى. من جهته، أوضح محمد فزاني من أحد محال بيع وتأجير فساتين الأفراح والزفاف، أن أسعار الإيجار تتراوح حسب موديل الفستان وعمره، وحسب مستوى الزبونة نفسها، حيث تبدأ من 4000 إلى 1100 دينار جزائري. وأضاف أن التأجير يمتد ليشمل فساتين الخطوبة وفساتين الأفراح ومختلف المناسبات الأخرى، حيث اتجهت العديد من نساء الولاية، خاصة منهن الطالبات الجامعيات، إلى نظام تأجير فساتين السهرات بدلا من شرائها لارتفاع أسعارها. ومن جانبها ذكرت (دلال.ح) أنها لجأت إلى تأجير فستان بدلا من الشراء في إحدى المناسبات العائلية لأن التأجير لا يكلف كثيرا، إضافة إلى أنه يغني عن ركن الملابس بلا فائدة في الخزائن. ويبدأ سعر تأجير فستان السهرة من 1000 دينار جزائري إلى 8000 دينار جزائري حسب تكلفة الفستان وموديله، أما استئجار فساتين الخطوبة فيبدأ من 1200 إلى 3000 دينار جزائري حسب طلب الزبونة لمستوى الفستان الذي تصل تكلفته أحيانًا إلى أكثر من 20000 دينار جزائري. وتتحكم مواسم الأفراح في حركة تأجير الفساتين، كما تقول (وسام.غ) مديرة أحد المحلات المختصة في هذا النشاط التجاري، موضحة أن العرائس هن الأكثر طلبًا للتأجير، يليهن الطالبات الجامعيات، ثم الفتيات المقبلات على الخطوبة، وتأتي فساتين السهرة ومختلف المناسبات الإجتماعية الأخرى في ذيل القائمة. أغاني رياضية في أعراس أم البواقي ولأن حديث الساعة هذه الأيام في كامل ربوع الوطن هو أشبال المدرب رابح سعدان وما حققوه من نتائج باهرة وانجازات رائعة في تصفيات كأس العالم 2010، فقد فضلت عرائس ولاية أم البواقي، إلى جانب اللون الرسمي لأفراح الزفاف وهو الأبيض، إضافة اللونين الأحمر والأخضر لتكتمل ألوان الراية الوطنية كألوان لفساتين زفافهن، أولا حبًا في العلم الوطني والمنتخب الوطني وثانيًا نكاية في مصر وفراعنتها. وفي هذا الإطار حضرت “الفجر” حفل زفاف بعين مليلة كان القاسم المشترك فيه ألوان الراية الوطنية من فستان العروس، مرورًا ببدلة العريس التي كانت بيضاء وربطة عنق حمراء وقميص أخضر، إلى سيارات موكب العرس التي كانت مزينة بالألوان الوطنية، وحتى الحلويات كانت بألوان “الخضرا”.. دون أن ننسى أيضًا الأغاني المصاحبة لمثل هذه المناسبات الاجتماعية السعيدة، فعوض أغاني العراسي المعهودة، فضل الكثيرون الاستمتاع بالأغاني الرياضية الخاصة بالمنتخب الوطني على شاكلة “وان تو ثري فيفا لالجيري”، معاك يا الخضرا.. الخ. 10 أعراس تسجل يوميًا بولاية أم البواقي ذكرت مصادر متطابقة من مصلحة الحالة المدنية ببلدية أم البواقي ل “الفجر”، أنه تم إحصاء حوالي 10 أعراس يوميًا على مستوى ولاية أم البواقي ذات الكثافة السكانية البالغة أكثر من 700 ألف نسمة، وذلك حسب إحصائية رسمية صدرت مؤخرًا، وهو ما يعني ارتفاعا ملحوظا في الإقبال على الزواج بعد تسجيل أدنى المستويات خلال العشرية الحمراء. وهو الإرتفاع الذي رافقته في المقابل زيادة معتبرة في عدد المواليد. كما كشفت ذات المصادر أن عدد الشبان الذين هم في سن الزواج بلغ حوالي 100 ألف بين الإناث والذكور.