إن شهر رمضان الكريم بما يحمل من رسالة عملية تربوية في التقوى والتهذيب والتغيير إلى الأفضل هو مناسبة قيمة للتخلي عن العادات السيئة، فهو يُعَدّ اختبارًا عمليًّا يتعلم المسلم كيف يهذب من سلوكياته وأفكاره، ويعيد النظر في بعض عاداته وتقاليده ومألوفاته، كذلك تقوية الإرادة الذاتية، وحسن المراقبة لله في كل الأعمال. والتدخين من الأمور التي لا يُقِرّها الدين، فضلاً عن العقل السليم، والتدخين فيه من الأضرار ما لا يُعَدّ ولا يحصى على الصحة والنفس والمال. وللإقلاع عنه يمكنك اتباع الخطوات التالية: قرَّر بشكل قاطع أنك تريد الإقلاع عن التدخين، فإن ذلك كما يقول الله تعالى: {مِنْ عَزْمِ الأُمُور}. حدِّد موعد الإقلاع عن التدخين، وليكن في أقرب فرصة، ولا تسمح لنفسك بالتأجيل حتى لا يؤثر ذلك على شخصيتك وقرارك. استعن بالله وادعه مخلصًا أن يمنحك القوة والتوفيق لتحقيق ذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وإذا استعنت فاستعن بالله". ضع أمام عينيك دائمًا أخطار التدخين وعواقبه الوخيمة، وتذكَّر أن الله سيسألك عن الصحة، والعمر، والمال. حاول أن تجد رفيقا لك من المدخنين لتتعاهدا معًا على تركه، فهذا أدعى للخير، ويزيدك إصرارًا على تركه، والمرء بإخوانه لا بنفسه فقط. احذر أصدقاءك الذين يحاولون تنحيتك عن الإقلاع عن التدخين، وتذكَّر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل". أبلغ زوجك وأهلك ومن تثق بهم بقرارك، فإنهم سيكونون مصدر دعم مهم لك إن شاء الله. قرِّر أن تقتطع مبلغ المال الذي كنت تصرفه على التدخين لصرفه في أشياء مفيدة. استثمر الصيام في تدعيم قرارك، فكن أكثر قربًا لله ومراقبة له. سيتولد لديك صراع داخلي للعودة إلى التدخين، فتذكر قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُون"، ولا تنس قوله: "وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم}. اذهب لطبيب الأسنان واطلب منه أن يزيل كل رواسب وأوساخ التدخين من أسنانك، للتخلص من آثاره ورائحته الكريهة. تذكر أنك في شهر الصوم، وأن ذلك يقتضي ترك الخبائث والمنكرات. اعلم أن غالبية الانتكاسات تحدث خلال الأشهر الثلاثة الأولى بعد الامتناع عن التدخين، فعليك أن تكون مستعدًّا لمواجهة كل الظروف التي كانت تدعوك للتدخين، وابحث عن وسائل معقولة ومشروعة لأن التدخين لا يساعد المخ على حل أي مشكلة، وتذكَّر أن من يتقِ الله يجعل له مخرجًا. عليك ألا تخلط بين التدخين والارتياح أو الإبداع، لأن الأبحاث والدراسات أكدت غير ذلك. تذكَّر أن قوة الإرادة والعزيمة هي عون كبير جدًّا على الإقلاع عنه والتخفيف من آثاره، فاستعن بالصبر والصلاة ولا تدع الفرصة تفوتك في رمضان. بعد إقلاعك عن التدخين ستشعر باضطرابات في النوم أو تعب أو توتر، وتأفف أو جفاف بالفم، هذه أعراض طبيعية في البداية، لأن الجسم ما زال متعلقًا بالنيكوتين، خذ قسطًا من الراحة، ولا ترهق نفسك في هذه الفترة، وامتنع عن تناول القهوة والشاي والمشروبات الغازية المحتوية على الكافيين بعد الإفطار. تجنب الأماكن التي يكثر فيها المدخنون، وتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه". إن كنت ممن يرون أن التدخين حلال، فلما لا تُسَمِّ الله قبل بداية كل سيجارة كأي شراب أحله الله عز وجل؟ وإن كنت ممن يرون أنه حلال، فلماذا لا تحمد الله بعد نهاية كل سيجارة كأي شراب أحله الله؟ إذا كنت ممن يرون أن السيجارة نعمة، فلماذا دائمًا تَطَؤُها بالحذاء عندما تنتهي من شربها؟ إذا كانت السيجارة شيئًا عاديًّا، فلماذا لا تشربها أمام والديك أو رؤسائك في العمل؟ إذا كنت ترى أن السيجارة متعة خاصة، فلماذا لا تعلمها أولادك أو توصيهم بها؟ خذ قرارك بصدق، وتأكد أن الله سيكون في عونك، وفقك الله.