تشهد وزارة الموارد المائية، هذه الأيام، حالة استنفار حقيقية إثر العطب الذي طال المضخة الثانية لسد بني هارون، بشكل هدّد ست ولايات بأزمة عطش حادة، ودفع ما يحدث في سد بني هارون بالوزير «عبد الملك سلال» إلى برمجة زيارة استعجالية لولاية ميلة، قصد معاينة وضعية سد بني هارون والوقوف على حجم العطب والجهود المبذولة لإصلاحه. كشفت مصادر عليمة ل»السلام»، أنّ جولة سلال سيبحث السبل الممكنة لتجاوز الأزمة، سيما وأنّ العطب المذكور مسّ المضخة الثانية قبل أيام، وهو ما يعني أنّ مخزون ولاية ميلة سينفذ في أجل أقصاه عشرة أيّام، فيما أطلق مواطنون وفعاليات المجتمع المدني بست ولايات يمونها سد بني هارون بمياه الشرب والسقي، مخاوفهم من احتمال حدوث كارثة حقيقية إذا ما استمر العطب، وهي ذات المخاوف التي أطلقها قسنطينة بخصوص تأثير العطب الذّّي أصاب سد بني هارون على تزوّدهم بالمياه الشّروب، وفي السياق أكد أكّد مدير الرّي بالولاية أنّ هذه الأخيرة لن تتأثّر بهذا الخلل الذّي أصاب المضخّة الرّئيسية. وأضاف المسؤول أن ولاية قسنطينة تعتمد على مخزون مائي يكفيها لأكثر من شهرين بسبب اعتمادها على موارد مائية إضافية غير سد بني هارون. وكانت المضخّة الرّئيسية لسدّ بني هارون قد توقفّت عن العمل منذ ما يقارب الأسبوع، وهو ما جعل مجموعة من الخبراء يعملون على إصلاحها بعد أن تمّت الاستعانة أيضا بالخبرة الأجنبية بالإضافة إلى الجزائريين. كما أنّ هذه المضخّة تعدّ أكبر مضخة لأكبر سدّ في الجزائر، وسبق لها أن تعرضت للاحتراق قبل عامين وهو ما أدّى لتوقفّها حينها بصفة مؤقتة. وجرى استلام سد «بني هارون» الأكبر من نوعه بالجزائر عام 2009، وتربو سعته عن 960 مليون متر مكعب وتستفيد منه 6 ولايات شرقية، علما إنّ الجزائر شهدت حركة بناء متواصلة للسدود منذ استقلالها العام 1962، أين كان عددها آنذاك لا يتجاوز أربعة عشر سداً، قبل أن تقفز إلى 39 سدا سنة 1990 ثم 57 سداً أوائل السنة الفارطة، واللافت إنّ القدرات المائية لهذه السدود ارتفعت إلى مستوى خمسة مليارات و704 ملايين متر مكعب. وأكدت مصادر مسؤولة بوزارة الموارد المائية للسلام، إنّ الأخيرة حريصة على تفعيل مخطط «مائي» واسع لإقامة تجمعات سكانية تستوعب 300 ألف نسمة، وتمتد من جنوب البلاد حتى منطقة الهضاب العليا، على أن تتوسع هذه التجمعات ليقطنها أربعة ملايين ساكن بحلول عام 2040. وتجد المسألة خلفية لها في تركّز أزيد من 80 بالمائة من سكان الجزائر البالغ عددهم 34 مليون نسمة، في المدن الكبرى شمال البلاد، ما أورث اكتظاظا مفرطا وأفرز اختلالات اجتماعية واقتصادية بالجملة، أبرزها أزمة مياه استفحل مداها خلال السنوات السبع الأخيرة، ميزها انخفاض مخزون هذا العنصر الحيوي إلى 45.65% على المستوى المحلي. ويتعلق الأمر استنادا إلى شروحات مسؤولين حكوميين، بتطوير مجال استغلال المياه الجوفية في الجزائر، حيث تراهن السلطات على الاستغلال العقلاني للمياه الجوفية بالصحراء التي يقدّر مخزونها حوالي 40 ألف مليار م3.