ضبطت الكثيرات ساعاتهنّ على توقيت البرامج الرمضانية التي تبثها الفضائيات بمناسبة الشهر الفضيل، وتسببت ترسانة المسلسلات المعروضة على مدار ساعات اليوم في خطف عقول الجزائريات اللائي يستهلكنّ الساعات وهنّ متسمرات أمام شاشاتهنّ، وسط حيرة بعض بنات حواء جرّاء السيل العرم من الوجبات الدرامية الرمضانية. وبإعلانات مغرية متشدقة بما يسمى “الحصرية” وتباهيها بأسماء بارزة في سماء الدراما العربية، سعت كل فضائية لخطف أكبر عدد ممكن من المشاهدين، وهو ما دوّخ الكثيرين سيما الجنس اللطيف، فثقافة “الزابينج” حاضرة في كل البيوت، فيما وجد البعض ملاذه في باقات معيّنة ليكون متتبعا وفيّا لها إلى غاية حلقاتها الأخيرة. ”السلام” ارتأت من خلال هذا الإستطلاع معرفة موقع المتفرج الجزائري من هذا الزخم الإعلامي. النساء والتلفزيون متغيّران أساسيان لعلاقة وطيدة تبرز أكثر خلال رمضان، فالدراما الرمضانية سرقت عقولهّن وهذا ما نلمسه من خلال حديث بنات حواء حول أحداث أكثر المسلسلات شهرة، في هذا السياق تقول نادية: “أنا من المتتبّعات لمجموعة “ام بي سي” التي تأتي بالجديد في كل سنة، وأجد لذّة خاصة في متابعة كل المسلسلات وحتى وإن لم أتمكن من ذلك خلال ساعات وجودي في المطبخ، فلا شيء يشغلني عن مشاهدة الإعادة ولو كان ذلك في ساعة متأخرة”. الشغف نفسه وجدناه عند خديجة التي أكدت قائلة: “إن النهار طويل جدّا وأنا أقوم بمختلف أشغال البيت بعد الفطور، لذاأتفرغ في الفترات الصباحية لمشاهدة مسلسلاتي المفضلة”. وأبرزت المتحدثة وفاءها الكبير لبعض المسلسلات السورية، لكنها اعترفت أنها في حيرة من أمرها حول القناة التي تثبت على مشاهدتها، في ظل شدة المنافسة بين مختلف الفضائيات سواء ما تعلقّ بالمسلسلات المصرية السورية وحتى الخليجية، دون أن ننسى المشاهد الفكاهية وكذا ما يُعرف ب«السيتكوم”. وحسب البعض، فإنّ أغلب تلك الأفلام لاقت رواجا كبيرا لأنها تهتم بواقع المشاهد العربي وتعنى بقضاياه الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسيّة، فقد عرفت بعض المسلسلات التي قاربت بعض الثورات العربية إقبالا كبيرا من طرف المشاهدين. اللافت، أنّ الدراما السورية تصنع الحدث في أغلب القنوات الفضائية العربية، وحسب بعض من تحدثن إليهن في الموضوع، فإنّ هذه المسلسلات تمكّنت من نيل إعجاب الجمهور الجزائري نظرا لتوفّرها على عنصر التشويق، فهي أعمال متفرّدة على حدّ قول ليندا، التي أعجبت كثيرا بالجزء الثاني من الفيلم السوري “الولادة من الخاصرة”. وتقول ليندا بهذا الشأن: “إنّ هذا العمل مشوّق جدّا وأنا أحب مشاهدته دون غيره فهو يجسّد صراع الخير والشر ويحمل معاني الظلم، الحب، الخيانة وغيرها من المشاعر الإنسانية التي تحوط بالعلاقات الاجتماعية التي تم تجسيدها”. بدورهم، يحظى نجوم الدراما الخليجية بإقبال بعض المتفرجات، وخلال سبر الآراء الذي قمنا به، وجدنا متتبعات وفيات للمسلسلات الخليجية على غرار “حلفت عمري” الذي نال إعجاب سمية كثيرا، تبعا لتجسيده مكانة المرأة الخليجية في مجتمع ذكوري مائة بالمائة، وكيف تحرم الأنثى من حقوقها في التعليم وفي اختيار شريك الحياة، كما تجد نفسها مجبرة على تحمّل تسلط وظلم زوجها، لأنّ أسرتها لا تقبل حتى أن تبيت ابنة متزوجة ليلة واحدة في بيت أهلها، أما كل من لمياء، أمينة ونجاة فهنّ من متتبعات مسلسل “كنّة الشام وكناين الشامية” الذي لا يقل تشويقا عن سابقه. المسلسلات المصرية لها نصيبها عند بعض المشاهدات، حيث أكدت سميرة أنّها من متتبعات مسلسل “ابن النظام” الذي يرمز إلى توريث الحكم في مصر بطريقة كوميدية ودرامية. أما المسلسلات الدينية، فصنع مسلسل “عمر بن الخطاب” الحدث، إذ يُحظى باستقطاب مشاهدين كُثر من جميع الفئات ومن كلا الجنسين رغم الجدل الذي دار حول هذا العمل. وبخصوص الإنتاج الوطني، فقد أجمع الكل أنّه غائب تماما، منهم كمال الذي ابتسم ضاحكا لما سألناه عن الأعمال الرمضانية المحليّة، حيث اعتبر أنّ المسلسلات التي تبثها القنوات الوطنية لا ترقى للمشاهدة، أما فيما يخّص “السكاتشات”، فأكّد البعض أنّ القنوات الخاصة خطفت الأضواء هذه المرة وأخذت أغلب سلسلات الكاميرا الخفية. تلفزيون في المطبخ دليل على المشاهدة الكثيفة ”إذا أردت أن لا تأكل طعاما محترقا وفي الوقت المناسب، عليك بتلفاز في المطبخ”، كانت هذه النصيحة التي عمل بها كثير من الرجال لتفادي كل ما قد ينجر عن إهمال المرأة للمطبخ أمام الكم الهائل من المسلسلات. هذا ما عمد إليه سمير الذي قام بتخصيص تلفاز صغير وضعه فوق الثلاجة من أجل موازنة زوجته بين واجباتها في المطبخ، وبين إشباع حاجتها من تلك الأعمال التلفزيونية. المسلسلات كثيرة، أحداثها مغرية وتشّد كل من يقابل التلفزيون ما جعل الكثيرات في حيرة بين متابعة ما يعرض في السهرات الرمضانية وبين أداء صلاة التراويح، ما يضع بنات حواء في مدّ وجزر لا متناه إلى نهاية الشهر الفضيل.