رفض بعض أرباب العائلات المعوزة بولاية قسنطينة الحصول على قفة رمضان التي اختار لها وزير التضامن الوطني السعيد بركات هذا العام اسم “طرد رمضان”، تلطيفا للمعنى، بدعوى رفضهم لأن يكونوا مطية لما سموها “صفقات مشبوهة” بين من وصفوهم ب«التجار الجشعين” و«المنتخبين غير نزيهين”، وذهب الرافضون إلى أنّ هؤلاء لا همّ لهم “سوى المتاجرة بالفقراء والمحتاجين دون أن يعطوهم نصف حقوقهم المقررة”، مثلما ورد على لسانهم. شهدت عملية توزيع قفة رمضان على المحتاجين بعاصمة الجسور المعلقة، التي شرعت فيها السلطات المحلية متأخرة، موجة احتجاجات لفريق من المواطنين الذين اتهموا كلا من رؤساء البلديات بالمحاباة وإهانة المعوزين، وفتحوا النار على الأحزاب التي تحاول بنظرهم - استغلال ذلك سياسيا وتوظيف العملية للتعبئة من أجل مصالحها الضيقة وضمان ولاء الناخبين. وأكّد الرافضون لقفة رمضان، أنّ بعض الأحزاب السياسية تسعى عبر “قفة رمضان” إلى تحقيق مكاسب انتخابية وضمان أصوات وولاءات الفقراء الذين قد يحسموا جولاتها الانتخابية في المواعيد القادمة، حيث يجتهد بعض رؤساء البلديات الراغبين في التجديد للانتخابات البلدية القادمة توفير أكبر كمية من المساعدات الغذائية، للظهور في الأيام الأخيرة بمظهر “إنساني” تهمه مصالح الفقراء قبل الأغنياء، وتحويل قفة رمضان إلى واجهة إعلانية لهم في حملة انتخابية مسبقة، وبعد أن عجزوا عن تنفيذ وعهودهم الانتخابية الكاذبة طوال السنوات الخمس الماضية، يريدون في الربع ساعة الأخير الحصول على تأشيرة الاستمرارية عبر دغدغة مشاعر الفقراء والمحتاجين والمتاجرة بعوزهم مع أصحاب المصالح والنفوذ. من جهة أخرى، سجلت مختلف بلديات قسنطينة منذ بداية عملية توزيع المساعدات الغذائية التي تقدمها السلطات المحلية سنويا على العائلات الفقيرة وضعيفة الدخل حالة غليان وتذمر للمواطنين من نوعية محتويات “قفة رمضان”، التي تشتمل على بعض المواد الأساسية كالدقيق والسكر والقهوة والأرز والحبوب الجافة وزيت الطاولة ومسحوق الحليب، وغيرها من المواد الغذائية الأساسية، حيث تتراوح القيمة المالية للقفة الواحدة بين 1500 دينار و7000 دينار تبعا لاختلاف مستوى العيش في البلديات. وتأخرت أغلب البلديات في جرد وضبط العائلات المستحقة للإعانة الغذائية في إطار برنامج “قفة رمضان” هذا العام، وذلك بسبب عدم حسم الحكومة مبكراً في صيغة تمكين المستفيدين من هذه الإعانة، وتأخر ضخ المبالغ المالية المرصودة للعملية، وقد سعت الحكومة إلى تطبيق صيغة جديدة تحفظ بها كرامة المواطن المحتاج بتحويل قيمة قفة رمضان إلى مبلغ مالي في صيغة صك بنكي، كما طالبت العائلات في المرات السابقة، إلا أن ضغط المسؤولين على المستوى المحلي حال دون ذلك بدعوى أن جهات عديدة كانت تسعى لاختلاس مبالغ الإعانات وتحويلها بأسماء وهمية. وهو ما يؤشر إلى أن السلطات عاجزة عن رقابة أعوانها حتى في المساعدات الإنسانية. وكثيرا ما تحولت الطوابير الطويلة للمواطنين الراغبين في الحصول على قفة رمضان التي اصطلح الناس مؤخرا على تسميتها ب “طوابير الجوع” إلى حركات احتجاجية ساخطة على القائمين على عملية التوزيع، سواء بعد إقصائهم أو إهانة العائلات المستحقة للإعانة من طرف المسؤولين أو التماطل في توزيع القفة التي لا تكفي لأيام، والتي لا يحصلون عليها في الوقت المناسب. وينكشف الحجاب كل سنة عن تلاعبات كبيرة في صرف قفة رمضان على مستحقيها من الأيتام والفقراء والمساكين، حيث تضمنت بعض قوائم المستفيدين أسماء لموتى ومهاجرين في الخارج، وعائلات ميسورة استفادت من القفة بطريقة مشبوهة، هذا بالإضافة إلى تموين القفة بمواد فاسدة ومنتهية الصلاحية أحيانا تسببت في حالات تسمم خطيرة، وهو ما حاولت أن تتداركه مصالح مديرية التجارة من خلال عملية إنزال واسعة لأعوان مديريات المراقبة وقمع الغش، للاطلاع بداية على سلامة المواد الغذائية والتأكد من مدة صلاحيتها واحترامها للشروط الصحية، بالتعاون مع مصالح الصحة بالبلديات، وهو ما من شأنه الحد من الأخطار التي تسببها قفة رمضان سنويا لصحة الفقراء والمحتاجين.