سجلت المصالح الأمنية قرابة 140 احتجاج على مستوى ولاية باتنة، خلال الأربعة أشهر الأولى من السنة الجارية، وأضيفت لها موجة الغضب الشعبي التي طالت الولاية خلال الأسابيع القليلة المنصرمة، صنفت في خانة الإخلال بالنظام العام، من بينها 63 حالة قطع لطرقات وطنية، ولائية وبلدية، و8 تجمهرات أمام مقرات البلديات و20 إضرابا عن العمل. أكدت الأرقام المقدمة من قبل عناصر الدرك الوطني بباتنة، أن جل هذه الاحتجاجات ارتبطت بمطالب تتعلق بالسكن، الكهرباء، الغاز والتهيئة، وهو ما يعكس نتائج تقارير هيئات وطنية رفعت للسلطات العليا منذ أشهر أظهرت وجود قطيعة شبه كاملة بين السكان، والإدارات العمومية التي تتولى تقديم الخدمات بسبب غياب الإعلام بعدما أظهرت الإحصائيات الوطنية ارتفاعا ضخما في عدد حالات قطع الطرق على المستوى الوطني السنة الماضية، أين وصلت إلى 2493 حالة لأسباب تتعلق بمطالب اجتماعية، مرتفعة من 705 حالة فقط في سنة 2008، مقابل أكثر من ألف حالة خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية فقط، وهو ما يؤشر على استمرار الاحتقان، وارتفاع حدة الغضب في الشارع. النتائج المتوصل إليها تؤكد ضعف الإعلام في أوساط العامة ما أنتج ضبابية، وعدم وضوح أهداف مشاريع ضخمة في ذهن السكان منها ما أنجز ومنها ما يتم التحضير لإطلاقها من خلال البرامج الخماسية منذ نحو 15 سنة بكلفة 300 مليار دولار، وضع فرض على السلطات المحلية بباتنة إطلاق استشارة شملت فاعلين على صلة ببرامج التنمية المحلية بمن فيها بعض رجال الإعلام بهدف تشخيص النقائص ووضع سياسة إعلامية تقوم على مبدأ المعلومة لدى الجميع، من خلال الترويج للمشاريع الضخمة التي استفادت منها الولاية في إطار برامج التنمية المحلية، خاصة تلك التي توجد قيد إطلاق أشغالها وتلك المقررة في الآجال القصيرة والمتوسطة لاستباق الاحتجاجات. هذا واستنفر والي الولاية حسين مازوز، طاقمه منذ أسابيع، وشرع في خرجات ميدانية مكملة لتلك التي بدأها بعد تنصيبه على رأس الولاية مباشرة إلى الدوائر 21 ببلدياتها، فارضا على المديرين التنفيذيين التواجد مبكرا في مواقع الزيارة، لشرح أهداف المشاريع التي تعطي إشارة انطلاقتها، وإعلام الجميع عن طريق المطويات مع الحرص على تواجد الإعلاميين لنقل ما يتقرر من برمجة مشاريع تنموية للسكان. واستفادت الولاية من برامج ضخمة في مجال السكن الذي يمثل الانشغال الأول للسكان لحساب الخماسي الحالي، والمتمثل في إنجاز 23 ألف وحدة، ثلثها من النمط الاجتماعي الموجه للفئات الهشة، حيث أعطى الوالي إشارة انطلاق أشغال ألف منها منذ أيام فقط، إلا أن أغلب المطالبين بهذا النوع من السكن يشنون عمليات التخريب وحرق الممتلكات في الشوارع، كلما تم الإعلان عن توزيع كوطة مقررة في البرامج السابقة أعطيت فيها الأولوية لأصحاب الملفات القديمة، ما يعني أن أغلبهم يجهل أن الولاية تملك برامج إضافية ضخمة يمكن أن توفر لأغلب المستحقين منهم سكنا. وفي مجال مشاريع الربط بشبكة الغاز الطبيعي الذي تجاوزت نسبته 60 بالمائة، يوجد سكان عشر بلديات على قائمة البرامج المقررة حتى سنة 2014 وهو ما يعني تغطية أكثر من سبعين بالمائة من الطلبات خاصة في القرى، والأرياف التي شن سكانها حركات احتجاجية متكررة الشتاء الماضي، في حين استفادت الولاية من مشاريع كبيرة في ميدان الري منها مشاريع سدود إضافية على المدى القريب، ومشروع إيصال مياه سد بني هارون إلى سد كدية لمدور أفاق 2014 بميزانيات ضخمة ما يسمح برفع نسبة تزويد مدن الولاية، التي تعرف ثورة العطش بالماء الشروب، وزيادة مساحة الأراضي الزراعية المروية خاصة على مستوى سهول الشمرة التي احتج فلاحوها أكثر من مرة على نقص المياه، في حين تم الانتهاء من تسطير برامج لإعادة تهيئة أغلب أحياء مدينة باتنة وأغلب عواصم التجمعات السكانية التي شن سكانها حركات احتجاجية خلال الأيام الأخيرة فقط. ويبقى الأمر حسب متابعين لشؤون التنمية المحلية مرهونا بنجاح السياسة الجديدة، ومرتبط أكثر بالتزام السلطات المحلية على مختلف مستوياتها بإنجاز ما تقرر في الآجال المحددة دون تأخير.