تحمل أجواء العيد نكهة خاصة تمزج بين صلة الرحم، التسامح والفرح الذي يعم الأقارب والأصدقاء، خاصة أن هذا اليوم يلمّ شمل الأسرة وفق عادات خاصة يتمسكون بها. يعتبر عيد الفطر من بين المناسبات الدينية التي تتمتع بمميزات مخالفة لسائر الأيام. حيث يتمسّك البعض بعادات وتقاليد خاصة في هذا اليوم حيث تتبادل الأسر الزيارات ويتناسى المتخاصمون النزاعات بينهم في لمح البصر. وما يزيد العيد بهاء طلةّ الأطفال بملابسهم الجديدة وهم يتجولون في الشوارع حاملين معهم ألعابهم طارقين أبواب منازل جيرانهم أو أقاربهم، مرددين عبارة صح عيدكم لتكون مكافأتهم القطع النقدية أو الحلوى، يبدأ صباح العيد بتوجّه المصلين إلى المساجد في أبهى الحلل وأطيب العطور لأداء صلاة العيد، في حين تشرع النسوة في إضفاء ديكور جميل لإستقبال الضيوف والأقارب، في حين تبرز أجواء الفرح بقدوم عيد الفطر بالمنازل، حيث تقوم الفتيات والنساء بتصفيف شعورهن وإرتداء ملابس جديدة وإضفاء ديكور جديد على منازلهم بوضع أجمل الأفرشة والستائر خصيصا للإحتفال بعيد الفطر، و إستقبال ضيوفهم بمظهر لائق، كما لا تستطيع الأمهات الاستغناء عن حنة العيد التي يضعها الكبار والصغار بهذه المناسبة. التسامح ميزة العيد تسود بمناسبة العيد مظاهر التسامح والتآزر بين الناس، حيث يصافحون بعضهم البعض ينسون الخصومات التي بينهم وكأنها لم تكن يوما بينهم. «السلام” شهدت حادثة صلح بمناسبة العيد بين قريبتين فرق بينهما الحقد لسنوات، ولكن ذلك النزاع بينهما تحول إلى تآزر وتصافح بين ليلة وضحاها، فكان العيد سببا في فض الخلاف، وعلى حد قول سميرة، فإن العيد قلب الصورة ودفع بها تلقائيا لمصافحة إبنة عمها بعد أن التقيتا في زيارة عائلية، وحسب قولها فإنها لم تكن تتوقع أنها ستتسامح معها يوما بسبب الأذى الذي ألحقته بها. تحرص كثير من الأسر على الحفاظ على صلة الرحم من خلال لم شمل العائلة والإجتماع على طاولة تضم أنواع مختلفة من الحلويات مع إحتساء كوب من القهوة في جو يسوده التآزر والتماسك الاجتماعي والفرح. كما تزيد حركية الزيارات بين الاقارب والأصدقاء في هذا اليوم، حيث تحمل النسوة أطباقا تحتوي على مختلف أنواع الحلويات لتذوّقها لأحبابها وتتفاخر بما تفننت به أناملها، وتفضل بعض الأسر أن تتزامن حفلة الخطوبة والزواج مع قدوم عيد الفطر لتكون الفرحة فرحتين حيث أخبرتنا إحدى العائلات التي تعالت بمنزلها الزغاريد أنهم فضّلوا أن يكون الاحتفال بخطوبة ابنتهم في أول أيام العيد كعادة متداولة عند أجدادها، وحسب قولها فإنهم يعتقدون أنه فأل جيّد للفتاة لكي تنعم بالسعادة ودوام العلاقة الزوجية. كما يقدم بعض الشباب الهدايا والمجوهرات لخطيباتهم في عيد الفطر كدليل على المحبة، وهو ما أكده لنا سمير الذي قال أنه تعوّد على شراء ملابس العيد لخطيبته. حدائق التسلية وجهة الكثيرين يوم العيد لا يفوت البعض فرصة العيد لقضاء هذا اليوم رفقة عائلاتهم بالغابات أو حدائق التسلية، حيث تتوافد عليها الأسر بشكل كبير في هذه المناسبة ليتنعموا بجوّ من الراحة والبهجة ويتمتعوا بما تحتويه تلك المرافق من وسائل تسلية وترفيه لأطفالهم. مغتربون يدخلون ارض الوطن لقضاء العيد يحرص بعض المغتربين المتواجدين بالخارج على قضاء العيد رفقة أسرهم، وقد أكّد لنا جل من تحدثنا إليهم أن الاحتفال بعيد الفطر في الجزائر له نكهة وذوق مغاير يفتقد كثيرا في ديار الغربة، وهو ما دفع بالبعض لدخول ارض الوطن خصيصا لقضاء هذه المناسبة رفقة أهلهم وأقاربهم، كما تسافر بعض الأسر للخارج قبل أيام من حلول العيد لتعانق أبناءهافي ديار الغربة بعد أن منعتهم ظروف عملهم من الاحتفال بتلك المناسبة بوطنهم، وهو ما أكدته لنا فضيلة، قبل سفرها إلى سويسرا حيث حضرت أنواعا مختلفة من الحلويات التقليدية لتذوقها لإبنها حين تجتمع به وتقضي معه العيد بعد مدة فراق دامت سنوات. زيارة المقابر ودور المسنين تقليد راسخ لازال الكثير من الناس يقصدون المقابر لزيارة موتاهم بهذه المناسبة والدعاء لهم، وهي العادة التي لا يستطيع البعض الاستغناء عنها حيث حدثتنا كريمة أنها لا تستطيع قضاء يوم العيد بارتياح دون أن تتذكر روح والدتها بقراءة الفاتحة على قبرها. في حين يفضل البعض قضاء أول أيام العيد رفقة أشخاص حرمهم مرضهم من الاحتفال بتلك المناسبة رفقة عائلاتهم، وهو ما حدثتنا عنه نادية، التي تحضّر صحون حلويات تقليدية لمقيمي دار المسنين بسيدي موسى، حيث تزورهم خلال العيد تشاركهم فرحته، حميدة هي الأخرى تقضي أول أيام عيدها برفقة الوجوه البريئة المتواجدة بدار الطفولة المسعفة بدرارية، حاملة معها بعض الملابس والألعاب لتدعمهم بدفء وحنان الأمومة التي فقدوها منذ ولادتهم، حيث أكدت لنا أنها تزرع الفرحة في قلوب هؤلاء الأطفال الذين يفتقدون الدفء العائلي بتوزيع الحلوى والألعاب التي تسليهم بقدوم عيد الفطر من كل سنة، كما تضيف أنها تخصص جزء من راتبها لتجلب لهم البهلوان الذي ينسيهم أحزانهم ويشعرهم بالبهجة والمتعة. ويبقى عيد الفطر مناسبة دينية تتجاوز معانيها الروحية ارتداء ملابس جديدة أو تناول الحلوى، بقدر ما هو مناسبة للتسامح والتعاون مع المحتاجين الذين ينتظرون من يمدّ لهم يد العون في كل المناسبات، كما انه فرصة للتعوّد على التآزر ولمّ الشمل وصلة الرحم التي تتقلص تدريجيا في كثير من العائلات .