يؤشر الوضع الأمني في الجزائر خلال شهر رمضان لهذا العام، على أنّ الأخير يعدّ الأكثر هدوءا بين سابقيه منذ تفجر الفتنة الدموية قبل 20 سنة، حيث شهد هدوءا نسبيا رافقه مقتل 7 أشخاص وجرح 14 آخرين أغلبهم من عناصر القوى الأمنية، وهو معدل أقل مما سجله رمضان الماضي الذي عرف سقوط أكثر من مائة قتيل وعشرات الجرحى والمصدومين، علما أنّ شهر الصيام خلال سنوات الفتنة الدموية (ما بين عامي 1992 و1998) عرف معدلات مخيفة تراوحت آنذاك بين 200 إلى 350 قتيل. وبدا واضحا أنّ المخطط الأمني الذي نفذته أجهزة الأمن كان فعّالا إلى مستوى كبير وساعد على تأمين المواطنين وممتلكاتهم، وهو ما تحقق بنسبة كبيرة جعلت الجزائريين يشعرون بأكثر طمأنينة خلال أيام الصيام، وتبيّن جليا أنّ تشديد السلطات إجراءاتها الأمنية على مستوى 5 مناطق «ساخنة»، والانتشار المكثف لعناصرها، حجّم بشكل كبير تحركات أتباع أمير القاعدة «عبد الملك دروكدال» المكنّى «أبو مصعب»، حيث لم يقو هؤلاء على التحرك على مدار الشهر الفضيل، ما حال دون وقوع مجازر حقيقية خلال شهر الصيام، خصوصا مع الحركة الدائبة لسائر الجزائريين وتواجدهم الكثيف في مختلف اتجاهات الحياة العامة. وكلّل الحراك الميداني بتحييد ثلاثة إرهابيين خطيرين على مستوى إحدى نقاط المراقبة بمدينة بريان بغرداية، ويتواجد بين هؤلاء الإرهابي نسيب طيب المكنى عبد الرحمان أبو اسحاق السوفي رئيس «اللجنة القضائية» والعضو في «مجلس الأعيان» لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وضمت قائمة الإرهابيين الثلاثة الموقوفين على مستوى إحدى نقاط المراقبة المنصوبة في مدخل مدينة بريان بغرداية بينما كانوا على متن سيارة رباعية الدفع في اتجاه منطقة الساحل، رئيس «اللجنة القضائية» نسيب طيب المكنى عبد الرحمان أبو اسحاق السوفي العضو في «مجلس الأعيان» لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الإرهابي، وهو من بين العناصر القديمة للجماعات الإسلامية المسلحة و الذي هو محل بحث منذ سنة 1995 وكذا اثنين من معاونيه. وأشارت المصادر نفسها إلى أن رئيس «اللجنة القضائية» يعتبر «أميرا ذو أهمية كبيرة في التنظيم (الإرهابي) بالنظر الى قربه من الأمير الوطني الارهابي عبد المالك دروكدال المدعو أبو مصعب عبد الودود». وتمثل هذه الإحرازات بمنظور مراقبين، إحباطا لخطة القاعدة التوسع خارج معاقلها التقليدية ورسم خارطة جديدة لانتشار عناصرها، بعدما جرى التشديد الخناق على تحركاتهم بمنطقة القبائل الكبرى وكذا بالشرق الجزائري، ويرى متابعون أنّ القاعدة التي تبنت نفس أسلوب (الجماعة الإسلامية المسلحة) في أواسط تسعينيات القرن الماضي، تريد التوسّع عبر مناطق غليزان، تسيمسيلت وسيدي بلعباس، نظرا للطبيعة الجغرافية التي تتمتع بها المدن الثلاثة المذكورة وتوفرها على شساعة مسالك ودروب وعرة وسط سلاسلها الجبلية.