قال قائد ميداني لجماعة أنصار الدين الاسلامية، إنّ مقاتلي الحركة تمكنوا صباح أمس من السيطرة على مدينة دونتزا الاستراتيجية والتي تبعد ب220 كلم عن منطقة تمبكتو على طريق باماكو. وأكّد عمار ولد حماها قائد الجماعة التي تسيطر على مناطق واسعة في شمال مالي، ما أكدته مصادر متطابقة بشأن سقوط المنطقة المذكورة في يد أنصار الدين، مشيرا إلى كون دونتزا سقطت دون مقاومة وذلك بعد حصارها ومنح المقاتلين المتحصنين داخلها مهلة عشرين دقيقة لتسليم أسلحتهم وهو ما تم بالفعل، حيث سيطر مقاتلو الجماعة على المدينة بالكامل. وصف المتحدث المدينة بأنها مهمة جدا وقد كانت تعتبر نقطة الحدود بين الشمال والجنوب بين ما سماه "دولة أزواد" وجمهورية مالي، وكانت مدينة دونتزا تحت سيطرة مقاتلي حركة تحرير أزواد قبل أن يتركوها بفعل شدة المعارك مع مليشيات الغنديز والمدعومة من الحكومة المالية، وذلك لمجابهة حركات الطوارق، والغنديز هم عبارة عن مجموعات مقاتلة مكونة من السونغاي (زنوج من سكان شمال المالي) وقام مقاتلو حركة أنصار الدين بالتنسيق معهم لكي يعلنوا الانضمام إليهم، حيث انخرط بينهم عدد كبير تلقوا تدريبات ميدانية مختلفة. وقال أحد سكان المدينة أنّ عناصر من أنصار الدين وصلوا في تسع سيارات رباعية الدفع وجردوا عناصر ميليشيا محلية تعرف باسم أبناء الأرض (غاندا ايزو) من أسلحتهم"، وأضاف أنّ عناصر التوحيد والجهاد "استولوا على كل أسلحة الميليشيا ثم قاموا بطردها"، موضحا أنّ الاسلاميين عقدوا بعدها اجتماعا مع وجهاء المدينة أكدوا فيه أن رجال "أبناء الأرض" الذين كانوا وعدوا بالتعاون معهم ليسوا سوى "خونة". وأفيد أنّ أتباع أنصار الدين يسيطرون على مختلف مداخل ومخارج المدينة، ومنذ خمسة أشهر، تسيطر حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا وجماعة أنصار الدين، الحركتان المتحالفتان مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، على المناطق الإدارية الثلاث في شمال مالي تمبكتو وغاو وكيدال. ويسعى هؤلاء الاسلاميون إلى فرض الشريعة الاسلامية في مالي برمتها. وسيطرت حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا وجماعة أنصار الدين على شمال مالي بأكمله أي ما يوازي ثلثي مساحة البلاد منذ أواخر مارس الماضي وهما تطبقان بذلك أحكام الشريعة الاسلامية. وسرع انقلاب عسكري ضد الرئيس أمادو توماني توري في 22 مارس في باماكو في سقوط المنطقة بين أيدي الطوارق وحلفائهم الاسلاميين، ولكن السلطات الانتقالية التي أنشئت بعد انسحاب الانقلابيين عاجزة اليوم عن استعادة الأراضي التي خسرتها. وبعيد سيطرتهم على شمال مالي، طرد الاسلاميون حلفاءهم السابقين الطوارق وباتوا يسيطرون على المنطقة بأكملها، حيث يرتكبون تجاوزات تحت شعار تطبيق الشريعة. وأفادت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسيف) أنهم يجندون مئات الأطفال. وفي غياب سلطة فعلية للدولة، شكلت مجموعات عديدة للدفاع عن النفس في مالي تضم متطوعين. وقد تحالف كثير منها مع مجموعة أبناء الأرض الميليشيا التي يعرف تاريخيا إنها مدعومة من الجيش وشنت في الماضي هجمات على طوارق وعرب ماليين. وكانت السلطات كشفت ميليشيا مماثلة تطلق على نفسها اسم "الموت لا العار" في باماكو واعتقلت قادتها. وقبل أسبوعين حددت الحكومة الجديدة في باماكو هدفا لها "استعادة الشمال" وإنهاء الأزمة التي نجمت عن الانقلاب العسكري والإعداد لانتخاب رئيس جديد للدولة. وقد شكل الرئيس المالي الانتقالي ديونكوندا تراوري حكومة "وحدة وطنية" بناء على مطالبة دول غرب إفريقيا. وتستعد مجموعة غرب إفريقيا لنشر 3300 جندي في مالي، لكن مهمة هذه القوة التي تدعمها دول غربية عدة على المستوى اللوجستي لا تزال غير واضحة. وفي هذا السياق، لا تزال تنتظر طلبا رسميا من السلطات الانتقالية في باماكو وتفويضا من مجلس الأمن الدولي. وكانت المنظمة الإفريقية أعدت خطة تشمل ضمان أمن النظام الانتقالي وتدريب القوات المالية قبل أي تدخل في الشمال ضد الاسلاميين. لكن باماكو رفضت أن تتولى قوة إقليمية ضمان أمن مؤسساتها.