علمت “السلام”، أنّ مصالح وزارة الفلاحة والتنمية الريفية ستستأنف مخططها الخاص بتوظيف المياه المستعملة في سقي المساحات المزروعة، ويتعلق الأمر بتطهير وتصفية المياه القذرة لأجل سقي المنتوجات الزراعية، وأتى الإجراء كمحاولة من طرف الحكومة الجزائرية لتجاوز المآزق المترتبة عن حالة الجفاف التي تضرب البلاد هذا الموسم، وتوجسات المزارعين من أثر ذلك على مستوى منتجاتهم ونوعيته. وقال حسين نسيب وزير الموارد المائية إنّ الجزائر ستشرع في تطهير نحو 86 بالمائة من إجمالي المياه المستعملة – ما يعادل 375 مليون متر مكعب – تحسبا لاستغلالها في القطاع الزراعي، علما أنّ بيانات رسمية تحدثت أنّ الجزائر كانت تستخدم في السابق 90 مليون متر مكعب من المياه المستعملة دوريا لأجل أغراض زراعية، وتعادل هذه الكميات المسترجعة، ما تستوعبه عشرة سدود متوسطة السعة. وإذا كانت الحكومات السابقة اختارت توظيف المياه المستعملة زراعيا عبر 6 ولايات نموذجية، فإنّها تنوي تعميم العملية عبر كامل مناطق البلاد اعتبارا من العام القادم، فور استكمال تأهيل 20 محطة تطهير مائي، وإنجاز أربعين محطة جديدة، وبناء خمسين محطة بِركية، مع الإشارة أنّ الجزائر تريد رفع عدد محطات التطهير المقدرة حاليا ب28 محطة، إلى ما يزيد عن المائة محطة في آفاق العام 2010، بما سيكفل بلوغ طاقة التطهير المائي لما يربو عن 600 مليون متر مكعب سنويا. وتتولى عدد من الشركات المحلية والأجنبية، الإشراف على تسيير محطات التطهير المائي، في وقت تراهن الجهات الوصية على تكوين يد عاملة مختصة يكون بمقدورها القيام بأشغال الصيانة، بجانب إجادة استعمال ورقابة المخزون المائي المستعمل، ضمن تصور يرقى إلى تفعيل الاقتصاد المستدام للمياه. وتريد الجزائر كسب معركة تطهير المياه بغرض الانتفاع بها زراعيا، بعدما ظلّت المسألة على مدار سنوات طويلة مراوحة لمكانها، بسبب الأفضلية التي منحتها السياسات العمومية للتزويد بالماء الشروب، وتذرع دوائر القرار بعدم كفاية الآليات ونقص الوسائل المالية المخصصة لتسيير هياكل التطهير واستغلالها وصيانتها. وبفضل الدينامية التي تم بعثها منذ افتتاح مخطط دعم النمو، تضاعف طول شبكات التطهير المحلية بأكثر من 80 %، بحيث بلغت 38.000 كلم، وقد أدى هذا إلى تحسن واضح في نسبة التوصيل بشبكة الصرف، كما جرى إدراج منظومات عصرية لجمع المياه المستعملة ومعالجتها، مثلما هو الشأن في ولايتي الوادي وورقلة اللتين كانت الزراعة بهما، تحت طائلة تهديد صعود المياه. وساد الجزائر مؤخرا، قلق شديد، بسبب مشكلة ندرة المياه التي ألقت بظلالها على اقتصاد البلد ومنظومته الزراعية، تبعا للشح الكبير الذي ميّز الكميات المتساقطة من الأمطار، وانخفاض المخزون المائي إلى 45.65% على المستوى المحلي، كما أنّ إجمالي السدود ال59، لم تتعدّ نسبة امتلائها حدود 51.70 بالمائة، ما حال دون النهوض بالقدرات المائية لهذه السدود التي ارتفعت قبل عام إلى مستوى خمسة مليارات و704 ملايين متر مكعب. ويدعو خبراء الماء في الجزائر، إلى توخي تصور شامل لاستراتيجية جديدة تضمن إعادة هيكلة وتأهيل منظومة المياه الجزائرية، ويلحون بهذا الصدد على ترشيد استهلاك المياه، طالما إنّ 70% منها يذهب إلى القطاع الزراعي، مع الإشارة إنّ إنتاج الجزائر السنوي من مياه الشرب يبلغ 1.7 مليار متر مكعب من بينها 450 مليون متر مكعب قادمة من مخزون السدود، في وقت يبلغ مستوى العجز في إنتاج مياه الشرب بنحو 400 مليون متر مكعب في العام أي ما يعادل 29% من القدرات المتوافرة فعليا. وأعلنت الحكومة قبل فترة، عن شروعها في أكبر خطة مائية في تاريخها، تقوم على تحلية مياه البحر وضخ 2.8 مليار متر مكعب سنويا، في حين كثفت الدولة الجزائرية من عمليات حفر الأبار العميقة قصد التخفيف من الضغط المسجل على طلب المياه الصالحة للشرب. في موضوع آخر، شدد حسين نسيب وزير الموارد المائية على ضرورة تحسين الخدمة العمومية المقدمة من قبل أعوان الإدراة لتلبية احتياجات المواطنين والسعي للتخفيف من معاناة المواطن في مجالات الحياة. كما دعا الوزير القائمين على القطاع إلى مواصلة الجهود وضمان مخطط إستعجالي لتزويد سكان البليدة الكبرى التي تضم بلديات بوعرفة، البليدة، أولاديعيش بالمياه الصالحة للشرب يدخل ضمن التحويلات الكبرى من بودواو إلى مرمان بهدف إيجاد حلول لمشكل تذبذب في عملية التوزيع. وخلال معانته لأشغال مشروع إلتقاط المياه من منابع وادي الشفة، اعتبر الوزير أن المشروع يعد من بين المشاريع الهامة من شأنه تخفيف الضغط على البلديات، وأضاف أن الوزارة ستلبي مستقبلا احتياجات في مجال إلتقاط المياه، الأنقاب، المشاريع التنموية إضافة إلى تزويد بمضخات دفع جديدة. في سياق ذو صلة أعطى الوزير إشارة انطلاق مشروع توسيع وتهيئة محطة تصفية المياه القذرة ببني مراد التي توقفت عن الخدمة منذ أزيد من 7 سنوات التي تعد المحطة الوحيدة على المستوى الولائي، من جهته أعلن محمد وشان والي البليدة عن إحصاء أزيد من 93 مصب للمياه القذرة عبر تراب الولاية وتسجيل مشروع لإنجاز محطة التصفية ببوفاريك، كما يهدف المشروعان حسب القائمين على القطاع إلى حماية الطبقة الجوفية واستعمال المياه بعد التصفية في السقي الفلاحي.