تعد قضية الاستغلال الجنسي للأطفال في الجزائر، واحدة من أهم القضايا التي طرحت نفسها على أجندة العاملين بمجالات حقوق الإنسان، وخاصة المهتمين بحقوق الطفل مما فرض على النشطاء في الفترة الأخيرة ضرورة الاشتباك الفاعل مع هذه الظاهرة، مما يجعلنا نتأمل الظاهرة بالرصد والتحليل والوقوف عند الانتهاكات الواقعة على الأطفال وخاصة الاعتداءات الجنسية والإتجار بالأطفال واستخدامهم في الترويج للمخدرات برغم الصعوبات الكبيرة التي يواجهها الباحث في هذا المجال، فالسنوات الأخيرة فجرت هذه القضية بقوة وكشفت الضوء على الانتهاكات الجنسية للأطفال. حيث تفاقمت معدلات استخدام شريحة سنية غير كاملة الأهلية في عمل إجرامي، يقف على عتبته علماء النفس والاجتماع، كما شهدت السنوات الأخيرة بروز قضايا بيع الأطفال لأغراض لم تعد تنحصر في شبكات إجرامية لخطف الأطفال، بل أصبحت تجارة شبه منظمة قائمة على الطواعية أكثر وذلك بمحاولة عدد من الأسر الفقيرة بيع أبنائها من أجل توفير المأكل والمشرب لأطفالها الآخرين الذين ينتظرون من سيسد رمقهم وبأي طريقة؟ نقول أن ناقوس الخطر قد دقّ، وإن مواجهة هذه الظاهرة ضرورة حقيقية، قبل أن تتحول إلى ورم سرطاني خاطف يصعب اقتلاعه من جسد المجتمع العصري. نزوات جنسية ظاهرة بدت تفكك خيوط المجتمع الجزائري المبني على قيم وتقاليد يصعب اختراقها، فممارسة الجنس مع الأطفال والقصر سواء في صورة طبيعية أو في صورة شاذة دخل فئات اجتماعية خاصة همها الوحيد إرضاء نزواتها ورغباتها التي لا تنتهي، استمعنا إلى “م.ح” الذي كان ابنه ضحية هذا العمل البشع، يقول أن ابنه تعرض إلى هذا الفعل الإجرامي وهو ابن الخامسة، خرج من المدرسة متجها إلى بيته، فإذا به يجد نفسه بين يدي رجل لا يحمل أي سمات الرجولة بعدما داعبه وراوغه وفعل فعلته وتركه حبيس العزلة والانهيار “محمد” اليوم حسب شهادة والده فاقد للثقة، وحسب طبيب نفساني لا يعيش كبقية الأطفال العاديين ولا يحظى بالأمان بالرغم من وجوده في كنف عائلته. اتجار بالأطفال إن الاحتياج المادي ومتطلبات الحياة دفعت فئة معينة إلى امتهان تجارة الأطفال والإتقان فيها، فهذه الحرفة التي اجتاحت مجتمعنا تجسدت في استخدام الأطفال في التسول وكذا بيعهم لنساء الطبقات الغنية اللواتي لا يستطعن الإنجاب (العاقر)، وكلها تعكس غياب أدنى مفاهيم حقوق الطفل وسيادة ثقافة تتعامل مع الطفل على أنه وسيلة للربح المادي عن طريق البيع، بالرغم من أن القانون الجزائري يجرم الإتجار بالأطفال إلا أنه يقف عاجزا عن تحقيق الحماية اللازمة لهم. حينما تستغل البراءة في المخدرات! على صعيد آخر، تعكس القضايا فيما يتعلق بتجارة المخدرات تدنيا واضحا للمستوى الاجتماعي والثقافي للمتهمين في هذه القضايا، فترويج المخدارات غدا حدثا خطيرا يستغل الأطفال وتلاميذ المدارس، الإكمالية والثانوية، كما أن لتجار الأحياء يد غليظة في زحزحة شخصية الأبرياء، فكثير هم الذين ينتحلون صفة التجار وما هم بتجار، يختبئون وراء سجلها ويكسبون الأموال التي تثريهم وتحد من فقرهم، إن ظاهرة المخدرات عمت أوساط الأحياء الشعبية التي تكاد تفتقد إلى فئة المثقفين والذهنيات العصرية، وما يلاحظ عليها تشتت الأسر وانغماس أطفالها في متاهات المخدرات التي تعد بالنسبة لهم ملجأ لفض همومهم ومعاناتهم اليومية، فكيف لنا أن نحمي أطفالنا، ففي حي غابة الصنوبر بحيدرة، أصبحت مسرحا لهذه التمثيليات التي تنتهي بموت أبطالها عكس ما اعتدنا رؤيته من أن البطل يصمد ولا يموت. حاجة الوالدين لفهم لغة الأطفال قد يشكو الطفل لوالديه من عدم ارتياحه لشخص ما بلغته الخاصة، فلا يفهم الوالدان ما يقصده الطفل، حيث يفسران شكواه عن طريق الخطأ بأنها دلال زائد يجب التعامل معه بحزم وصرامة، كما قد يحكي الطفل موقف الاعتداء كاملا، مفصلا بلغته أيضا ولا تولى له أية أهمية، وذلك بعدم الانتباه لما يقصده الطفل، فنصيحة بعض الأطباء للوالدين تكمن في الإنصات للطفل ومحاولة الفهم والاستفسار وطرح الأسئلة حين يتلفظ طفلهم عبارات فيها نوع من الغرابة، وتتبع سلوكاتهم خارج وداخل البيت وهذا يتسنى لهم ضمان أمنهم وسلامتهم، ولا بد أن يعلم الأب والأم أنه مهما كان المكان الذي يعيشون فيه فإنهما مسؤولان عن أمن أطفالهما وعن تأمين كافة الأنشطة التي يقومون بها، ولا بد أن يعلم كل من الأب والأم أن متابعة أطفالهم متابعة مستمرة طريقة ناجعة ومنفذ للسكينة والارتياح، كما أن كيفية التصرف في مختلف المواقف، خاصة تلك التي تتطلب منهم اتخاذ قرار ما، من هنا ينبغي عدم إخفاء الحقائق عن الأطفال، كما ينبغي أن نناقش معهم الأمور المتعلقة بأمنهم وأمن الأسرة عامة، كما أن الأطفال يمضون معظم وقتهم في المدارس، فإن علينا أن نجد لهم مدرسة لا تقدم لهم التربية الجيدة ، وإنما توفر لهم أمنا جيدا كذلك، وينبغي الاتفاق مع إدارة المدرسة على عدم السماح للتلميذ بمغادرتها، إلا بعد الإتصال بوالديه أو الشخص الذي يحدده الوالدان لاستلام التلميذ من المدرسة خلال ساعات الدراسة، وعلى إدارة المدرسة أن تتأكد من شخصية أي إنسان يطلب من خلال الهاتف السماح لتلميذ معين بالخروج قبل انتهاء اليوم الدراسي، وإذا راود الإدارة أي شك، فعليها ألا تسمح بخروج التلميذ بأي حال من الأحوال، وعلى الآباء أن ينصحوا أطفالهم باتخاذ خط السير الذي يرونه أكثر أمنا من وإلى البيت والمدرسة.