حذر عنصر فرنسي بتنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» الإرهابي الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، من «كارثة إنسانية» في حال تدّخل عسكريا في مالي. ودعا عبد الجليل الجهادي الفرنسي في شريط مسجل باللغة الفرنسية بثته مواقع محسوبة علىالتيار الجهادي، الشعب الفرنسي إلى الوقوف بشدة في وجه أي اعتداء على مالي، مؤكدا أنه لن يكون في مصلحة الشعب الفرنسي. وقال موجها خطابه إلى كل من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والأمريكي باراك أوباما والأمم المتحدة، إن التدخل العسكري في الساحل (الإفريقي) وخصوصا في شمال مالي سيكون كارثة إنسانية، مشيراً إلى أنه سيحول مقاومتهم المشروعة إلى مثيلاتها في أفغانستان وفلسطين. وعبر الجهادي الفرنسي عن استغرابه لتحفز السلطات الفرنسية والأمريكية والأمم المتحدة لمحاربة من وصفهم بالمجاهدين في الساحل بسبب تطبيق الشريعة الإسلامية،أكثر من محاربة القاتل والمجرم بشار الأسد في سوريا. وكانت صحيفة لوموند الفرنسية كشفت أواخر سبتمبر الماضي عن رصد فرنسيين إثنين في صفوف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، وذلك في تحول ملفت حيث كانت أجهزة الاستخبارات الفرنسية ترصد مثل هؤلاء الفرنسيين في دول إسلامية أخرى مثل البوسنة والعراق أو على الحدود الباكستانية - الأفغانية. ونقلت الصحيفة عن مصدر وصفته بالمقرب من الملف، قوله أن أحد الفرنسيين شارك في استجواب رهائن فرنسيين خطفوا في منطقة الساحل الإفريقي، وشارك أحدهما في الثورة الليبية قبل الانضمام إلى كتيبة القاعدة في مالي. وموازاة مع ذلك شدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في حوار مع وكالة الأنباء الفرنسية أن أي تدخل عسكري إفريقي في مالي يتطلب أولا مفاوضات سياسية، لذلك أعلن أن عملية تقوم بها دول غرب إفريقيا لن تحصل غدا. وسئل بان كي مون عن موعد هذا التدخل الذي تطالب به رسميا باماكو وتبرمجه المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، فلم يقدم أي موعد، مذكرا بقرار اتخذته الدول الاعضاء في مجلس الأمن. وقال: «يجب توضيح كل الأمور، ما هي الاهداف والمهمة؟ يجب أن يوافق مجلس الأمن على هذا الموضوع». من جهته الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قال في مؤتمر صحافي مع بان كي مون في الاليزيه أن الهدف واضح، وهو «استئصال الإرهاب» الذي يهدد استقرار هذه المنطقة من العالم. وأضاف هولاند أن أيا من البلدان الاعضاء في مجلس الأمن لن يعارض عملية تطالب بها باماكو والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا. وقال بان كي مون أنه من الضروري درس مسالة إنتشار القوات بعناية. وشدد على القول أن «موقفي بصفتي أمينا عاما هو أنه قبل أي عملية عسكرية، يجب إجراء مفاوضات سياسية وحوار». إلى ذلك، طالب هولاند بوضع خطة تفصيلية خلال 30 يوما قصد التدخل العسكري الدولي في مالي، متجاهلا بذلك المساعي الجزائرية الحثيثة التي يقودها عبد القادر مساهل الوزير المنتدب للشؤون الإفريقية والمغاربية مؤخرا، خلال جولة لقاءاته مع رؤساء دول الساحل لتغليب الحوار بدلا من قوة السلاح. ووفقا لما أكدته مصادر إعلامية، إقترحت فرنسا مشروع قرار على شركائها في مجلس الأمن، بخصوص الوضع المالي يقول بضرورة استجابة الدول والمنظمات المعنية من بينها الاتحاد الأوروبي لطلب تقديم المساعدة للسلطات المالية، في تكوين قواتها المسلحة وإيجاد حل سياسي للأزمة في من خلال إقامة حوار حقيقي بين السلطات المالية وجماعات المتمردين غير الإرهابيين، إذ لم يحدد موعد للتصويت على هذا القرار، الذي أجمع دبلوماسيون على موافقة المجلس عليه، في خطوة تدل على فشل أهداف الزيارة التي يقودها مساهل رفقة ضباط من الجيش الشعبي الوطني إلى كل من نواكشوط ثم النيجر ومالي، بهدف إتخاذ إجراءات منسقة ذات طابع سياسي وأمني أمام الوضع الذي صار ينبأ بحتمية نشر قوات إفريقية في شمال مالي برعاية أممية. وقال الرئيس الفرنسي على هامش لقاءه مع بان كي مون: «فرنسا مستعدة لتقديم دعم في النقل والإمداد والدعم السياسي والمادي لأي قوة دولية»، مستبعدا في المقابل احتمال إرسال قوات فرنسية إلى مالي، هذا في وقت قال بان كي مون: «نحن بحاجة إلى مزيد من الإيضاحات بشأن النماذج والصيغ المتعلقة بالطريقة التي يمكن للمجتمع الدولي أن يساعد بها الاتحاد الإفريقي والتجمع الاقتصادي لدول غرب إفريقيا «إيكواس»، فيما يتعلق بخطة التدخل العسكري في مالي»، في إشارة واضحة منه إلى الجزائر التي التزمت برفض التدخل المسلح في البلاد، إذ لم توافق على السماح لقوات كموندوس فرنسية باستعمال إحدى القواعد العسكرية المتاخمة للحدود المالية، وكذا استعمال المجال الجوي الجزائري من أجل مراقبة نشاط الحركات الإرهابية من أجل التسلل للأراضي المالية. وفي خضم تطور أحداث الملف المالي الذي بدأت تتضح بوادر حتميات التدخل العسكري في البلاد تحت الرعاية الفرنسية، أبدى مراقبون ومتتبعون للقضية تخوفا كبيرا من تداعيات الأمر على استقرار الأمن الداخلي الجزائري، الذي سيكون عرضة لعمليات متهورة قد تنجم جراء همجية وعدم توحد الأطراف المتناحرة في مالي، على غرار جماعة الجهاد والتوحيد وكذا جماعة أنصار الدين، فضلا عن حركة تحرير أزواد بحكم المساحات الكبيرة التي تجمع حدود البلدين.