في ظل انتشار جائحة كورونا “كوفيد 9” لم تعد الحياة الاجتماعية تحمل أخبار سارة لأفراد المجتمع نتيجة التعقيدات اليومية التي تتزايد يوما بعد يوم والتي تضيق الخناق على العائلات في مأكلها وملبسها بسبب تراجع القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار وتعويم قيمة الدينار ..، أما عن الترفيه ووسائلها فقد غادرت فضاء المواطن البسيط منذ سنوات وغاصت في اعماق الاحلام وفقدت واقعها الملمسي إلى وقت قد لا يكون قريبا، وأصبح المجتمع أسير شؤون حياته اليومية بحثا عن الرخاء وتوفير ما يحتاجه من ضروريات ومغذيات أساسية التي تلبي حاجيات أفراد العائلات التي تنتظر بزوغ شمس في يوم جديد يحمل بين طياته حسن الخاطر والعيش الكريم، إن الظروف الاجتماعية الصعبة لا تتيح لأي فئة كانت من الطبقة الكادحة وحتى المتوسطة أن تحقق أحلامها وآمالها المرتبطان ارتباطا وثيقا بضروريات العصر الحديث المبني على السرعة والتكنولوجية واللتان تجعلان شريحة الشباب مولعة بالموضة والربح السهل والسريع، مما يجعل الواقع اليوم يسير في اتجاه متشابك يحتاج إلى تدبير ودراية وحسن التفكير، والبحث عن السبل التي تساعد على تخفيف الأزمة وإعادة الأمل إلى النفوس، فالجبهة الاجتماعية في الوقت الراهن وتزامنا مع انتشار جائحة كوفيد 9 ، تعاني من عدة جوانب نفسية واجتماعية واقتصادية، اما النفسية فهي متعلقة بالناحيتين الثانية والثالثة، كون الغلاء يزيد من صعوبة تمكّن الاسر من اقتناء ما تحتاجه من مستلزمات يومية، فالأسعار التي تفرض نفسها بقوة تؤثر سلبا على نفسية العائلات التي تقف حائرة مجسدة عليها ما يقال عن العين البصيرة واليد القصيرة، وأما الناحية الاقتصادية فتلك هي جوهر استمرار المجتمع في الحياة حيث من خلالها يتم توفير مناصب الشغل من جهة وتساهم في تحريك عجلة التنمية الشاملة في المجتمع من جهة أخرى. وعلى ضوء هذه المعطيات تتجلى حقيقة أن عصر الاتكال والتواكل قد ولى وانه قد حان الوقت للتشمير عن السواعد وتفعيل الملكات والمواهب وتشجيع العقول العالمة والذكية لتفجير طاقاتها الخلاقة حتى تنتج ما تأكل وتصنع ما تلبس وتضمن للأجيال القادمة قاعدة حياة مبنية وفق أسس سليمة وبأوتاد صلبة ضاربة جذورها في عمق الأرض وعالية في السماء، وهذه الأمور بديهيا لا تحتاج الى معجزة ولا إلى قوة خارقة .. بل تتطلب تثمين العمل وإعادة الاعتبار له والاستثمار في عنصر الشباب الذي يجب ان يعوّل عليه ليقود قطار الحياة ويشارك في بناء صرح هذا الوطن الحبيب والغالي، شريطة ان يتم توجيهه توجيها سليما يحمل في جنباته ملامح البناء والتشييد بصورة إيجابية مقرونة بالإرادة المتينة والروح المعنوية السامية الممزوجة بالإخلاص والوفاء، وفي خضم هذه التغيرات السريعة لا تبدو الأمور معقدة الى درجة التجميد والكبح عن التفكير والعمل. بل ان مثل هذه الأوضاع تحتاج الى مجهودات جماعية هادفة تأخذ بالمصلحة العامة كسبيل يحقق الغايات المنشودة لوضع قطار التنمية على السكة وفي الاتجاه الذي يمضي الى تأسيس حضارة إنسانية راقية تجمع بين تحقيق عناصر القوة، الاستقرار، الازدهار والتطور، تلك هي ملامح البناء المستقبلي التي يطمح اليها المجتمع ليصنع لواقع حياته عنوانا ساطعا بالأمل والحب وواجهة متألقة تنير درب الحضارة البشرية وتجعل منها فلسفة حكيمة تقود سفينة الحياة الى بر الامان.