هناك بعض الأغذية التي تتفاعل سلباً أو إيجاباً مع بعض الأدوية، بل وقد تبطل مفعولها في بعض الأحيان، فقد جُعل الدواء لمساعدة المرضى على اجتياز آلامهم، كما أن الأصناف الغذائية على اختلاف أنواعها أيضاً تحتوي على عناصر ومركبات مفيدة للجسم، ليس هذا فقط فبعض هذه العناصر تفيد في علاج الكثير من الأمراض، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في العلاقة الخطرة التي تنشأ من تفاعل بعض ما نتناوله من طعام وشراب مع المئات من أنواع الأدوية، وبالذات تلك المخصصة لعلاج العديد من الأمراض الرئيسية كأمراض القلب والسرطان وغيرهما. أضرار أكثر من الفوائد لا أحد ينكر الفوائد الصحية للأصناف الغذائية المذكورة فهي غنية بالفيتامينات، لكن الأبحاث الطبية الحديثة أكدت أن أضرار بعض هذه الأصناف أكثر من فوائدها إذا كان من يتناولها مريضاً. أي أن فوائدها تقتصر على الأصحاء. وطبقاً لدراسة حديثة ففاكهة الغريب فروت أو عصيرها على سبيل المثال تتفاعل سلباً مع عشرات الأنواع من العقاقير المعروفة في الأسواق، والتي تستخدم في علاج أمراض رئيسية. الباحث ديفيد بيلي، من معهد لوسون الطبي في أونتاريو الكندية، يقول إن المعلومات التي كانت سائدة قبل أربع سنوات فقط كانت تشير إلى أن الغريب فروت، يتفاعل سلباً مع سبعة عشر نوعاً من العقاقير الموجودة في السوق، لكن الأمر مختلف تماماً الآن فقد تبين أن عدد العقاقير أكثر من ذلك بكثير إذ يبلغ ثلاثة وأربعين عقاراً. مشاكل كثيرة يضيف حسب صحيفة “القبس” أن السبب هو احتواء الغريب فروت على مركبات “الفورانوكومارين” التي تعطل عمل عدة أنواع ضرورية من الأنزيمات التي تعمل أصلاً على مساعدة الجسم على امتصاص المركبات الدوائية. ويمضي قائلاً إن تناول عصير الغريب فروت قد يؤدي إلى نزيف في الجهاز الهضمي واضطرابات كلوية ومشاكل في التنفس وقد يصل الأمر إلى الموت. لكن هذا لا يعني الامتناع عن أكل ثمار الغريب فروت أو شرب عصيرها، فالأطباء ينصحون من يرغب بتناول الثمار أو العصير قبل ساعتين على الأقل من أخذ الدواء. اللفت ليس اللفت وحده، فالبروكولي والخس ذو الأوراق الحمراء والسلق، جميعها غنية بالألياف والمغذيات والفيتامينات وبالذات الفيتامين “ك”، وهي مكونات مضادة للأكسدة تساعد على تقوية العظام، بل تساعد الدماغ على العمل بصورة أفضل. المشكلة مع هذه الأصناف أنها تساعد على تجلط الدم أيضاً، وبالتالي فمن الضروري جداً بالنسبة لمرضى القلب الذين يعتمدون على عقاقير لتخفيف كثافة الدم “Blood Thinners” تجنب هذه الأصناف قدر الإمكان. الألبان إذا كنت ممن يتناولون أي نوع من المضادات الحيوية، يتعيّن عليك الحذر الشديد حين تناول الأصناف الغنية بالكالسيوم كالألبان بجميع أشكالها، فهي تتدخل وتؤثر سلباً في قدرة الجسم على امتصاص المضادات الحيوية خاصة تلك المرتبطة بعلاج التهابات المجاري البولية أو الالتهاب الرئوي أو التهاب الشعب الهوائية. اللحوم المقددة والأجبان المطبوخة المقصود باللحوم المقددة المرتديلا والسجق والسلامي، أما الأجبان المطبوخة، فأنواعها كثيرة ومنها أقراص الجبنة الصفراء والبارمازان التي تضاف إلى السباغيتي والصلصة والجبنة الزرقاء والشنكليش.. جميع هذه الأصناف تحتوي على مادة حامضية تسمى “تيرامين” تعمل على تعطيل عمل العقاقير المضادة للاكتئاب. ومن المعروف أن هذه المادة الحامضية التي يفرزها الجسم بصورة طبيعية تعمل على تنظيم سكر الدم، ويمكن في حال ارتفاع نسبتها أن تسبب زيادة خطيرة في ضغط الدم إذا كان المرء يتناول عقاراً مضاداً للاكتئاب. الكافيين تتقاطع مادة الكافيين الموجودة في القهوة والشاي والكولا والشوكولاطة ومشروبات الطاقة مع العديد من العقاقير، كما أن بعض أنواع العقاقير تؤثر في طريقة استجابة الجسم للكافيين. فعقار “كوينولون” على سبيل المثال وهو مضاد حيوي، يمكن أن يعطل قدرة الجسم على توزيع الكافيين مما يؤدي إلى آثار جانبية مثل العصبية المفرطة وتسارع ضربات القلب. كذلك تعمل مادة الكافيين على عرقلة عمل هرمون الإستروجين وأدوية الربو والمضادات الحيوية المستخدمة لعلاج القلق. ليس هذا فقط، فمادة الكافيين تعرقل وتعوق تخثر الدم، وبالتالي فالمرضى الذين يتناولون مضادات التخثر كثيراً ما تنزف دماؤهم بسبب الكافيين في القهوة والشاي والمياه الغازية. العرقسوس توصي الجهات الطبية مرضى القلب بتجنب العرقسوس بكل أشكاله، لأن هذا المشروب يمكن أن يسبب لهم التسمم. كذلك الأمر بالنسبة للمصابين بارتفاع ضغط الدم ممن يعتمدون على عقار “أنجيوتينسين” فالعرقسوس يعمل على ارتفاع نسبة البوتاسيوم في الدم بصورة خطيرة. تضارب الأدوية تقول دراسة إن اثنين من بين كل ثلاثة مرضى في الولاياتالمتحدة، يغادران عيادة الطبيب وهما يحملان وصفة طبية توصي بتناول دواء أو أكثر. وتشير الدراسة التي أصدرها معهد السلامة الطبية إلى أن 40 في المئة من الأمريكيين البالغين يتناولون يومياً أربعة أنواع أو أكثر من الأدوية، وبالتالي فاحتمالات التضارب والتفاعل السلبي بين هذه الأدوية تزداد بصورة كبيرة. المكملات الغذائية تشير دراسة حديثة أعدها المركز الوطني الأمريكي للدراسات الصحية، وتم عرضها على إحدى لجان الكونغرس إلى أن أكثر من خمسين في المئة من الأمريكيين البالغين يتناولون المكملات الغذائية بصورة منتظمة. وتعرف الدراسة المكملات الغذائية بأنها مركبات أو أعشاب طبيعية لتزويد الجسم بما يحتاج إليه من الفيتامينات والمعادن والألياف والأحماض الدهنية والأحماض الأمينية التي يمكن أن يكون الجسم في حاجة إليها.بعض الدول تعتبر المكملات الغذائية نوعاً من الطعام، في حين تعتبرها دول أخرى أدوية أو منتجات صحية طبيعية. تقول الدراسة إن الكثير من هذه المكملات الغذائية تتفاعل سلباً مع العشرات من الأدوية الموجودة في الأسواق. فيتامين E على سبيل المثال، إذا تم تناوله مع أي من الأدوية المخففة لكثافة الدم يمكن أن يزيد النشاطات المضادة للتخثر وبالتالي يزيد مخاطر النزف. “الجينسينغ” مثال آخر، فهذه النبتة التي توصف بأنها نبتة سحرية لكثرة فوائدها على أكثر من صعيد، يمكن إذا تم تناولها مع بعض الأدوية أن تسبب الصداع والأرق والعصبية والنشاط المفرط. الدواء والطعام من الضروري بالنسبة لبعض أنواع الأدوية أن يتم تناولها على معدة خاوية، لأن الطعام يمكن أن يقلل فاعلية الدواء أو يعطله تماماً، في حين أن أنواعاً أخرى يجب أخذها مع الطعام لمنع تهيج المعدة. مفيد أحياناً التفاعل بين الطعام والشراب من جهة والأدوية من جهة أخرى ليس سلبياً دائماً، فبعض هذه التفاعلات يؤخر أو يعطل أو يسرّع أو يحسّن امتصاص الجسم للدواء. عوامل مؤثرة هناك العديد من العوامل التي تؤثر في طبيعة وقوة التفاعل السلبي بين الأصناف الغذائية والأدوية، أو بين المكملات الغذائية والأدوية أو بين الأنواع المختلفة من الأدوية نفسها. ومن هذه العوامل: العمر والجنس والتاريخ الطبي وتكوين الجسم والحالة الصحية وعدد الأدوية التي يتناولها المرء.