استنكر الجمع القليل الذي حضر خلال الوقفة التكريمية، المنظمة من طرف المسرح الوطني محي الدين بشطارزي، ترحما على روح شهيد الفن "عز الدين مجوبي"، الحضور المحتشم لاستذكار مناسبة مماثلة، ذات قيمة كبيرة في نفوس الفنانين الجزائريين رغم الألم الذي تسببه. أكد الفنانون الحاضرون، خلال الوقفة الترحمية، التي شهدها مدخل مبنى مسرح "محي الدين بشطارزي"، بالعاصمة أمسية الأربعاء، أن شخص مجوبي، وأعماله القديرة تحتم على كل واحد من الأسرة الفنية عامة والمسرحية على وجه الخصوص، الالتحاق بمكان اغتياله لتكريم الذكرى ال18 لرحيل قامة من أهم قامات الفن التي أنجبتها الجزائر، كما اعتبروا عدم الحضور بمثابة إهانة وعدم وفاء لشخص كرس حياته لخدمة مسرح مات من أجله. تطرق عبد الحميد رابية، لفاجعة اغتيال مجوبي في شهر رمضان بالجهة الخلفية للمسرح، وقال أن الوفاء الحقيقي لمجوبي يكون بإتباع مسيرته الفنية وإتمام مشروعه الذي لم يكتب له إتمامه بسبب أيدي الغدر التي سلبت روحه قبل تحقيق هدفه المتمثل في إعادة الحياة للمسرح الذي عرف حينها تقهقرا وانحطاطا كبيرا بسبب الأوضاع الأمنية. وأضاف المتحدث بالقول:"من واجب الجيل الحالي إكمال ما بدأ به المرحوم وتحقيق مشروعه المتمثل في إعطاء نفس جديد للمسرح...لدينا طاقات شابة لا بأس بها، كما أن الإمكانيات متوفرة خاصة وأننا نملك أكثر من 17 مسرحا جهويا، ولا ينقصنا سوى التكوين لإنشاء جيل ينعش المسرح الذي يشهد تقهقرا نوعا ما". أما الفنان القدير سعيد حلمي، فتحدث من جهته عن مناقب مجوبي وخصاله التي أكسبته حب كل من عرفه وأحاطته بجمهور، أدرك فعلا قيمة ما كان يصنعه، وبعيون تملأها الدموع استذكر المتحدث، مشواره الفني رفقة مجوبي الذي وصفه بالرجل الخلوق المؤدب، وقال أنه "بعيدا عن المجال الفني يعد مجوبي رجلا بكل ما للكلمة من معنى، كان قمة في التربية ولا يحق لأحد أن يشهد فيه بعكس ذلك". ومن جهته، تحدث الممثل ياسين زايدي، عن الراحل الذي يعتبره قامة من قامات الفن التي يجب الاحتذاء بها، وأكد أنه رغم توقف أنفاسه بسبب أيدي الغدر إلا أن روحه مازالت حاضرة في المسرح من خلال أعماله الخالدة التي تعد مرجعا هاما وقاموسا ثريا يزخر به المسرح الوطني، وقال:"دورنا كمدعين شباب الوفاء لمجوبي ولغيرهم ممن بذلوا أرواحهم في سبيل إنعاش المسرح والفن عامة، ومحاولة السير على خطاهم ومواصلة ما بدأو به" مشيرا إلى حرصه خلال أعماله على الرجوع إلى أرشيف أعمدة الفن لكسب خبرة أكبر باعتبارهم مرجعية فعالة، ومن جهة أخرى تحدث زايدي عن الإمكانيات المتاحة والطاقات الشابة المتوفرة التي من شأنها إنعاش الحركة المسرحية، أما عن إمكانية استرجاع ثقة الجمهور فقال أنه يسعى دائما لإنتاج أعمال تليق بمستوى المتابعة، فعلى كل مبدع الاجتهاد والسعي لكسب رضا الجمهور، مشيرا إلى أن ذلك لن يكون هينا خاصة مع تعدد القنوات التلفزيونية التي أبعدت بدورها الجمهور عن قاعات المسرح "استقطاب الجمهور يتطلب وقتا قد يصل إلى سنين، إلا أنه ممكن التحقق بالتعاون بين الناشطين المسرحيين ووسائل الإعلام التي تلعب دورا هاما في هذا المجال".