إرتفعت بالسنوات الأخيرة ظاهرة العنف بالمدارس، حيث بات التلميذ أو الأستاذ على حد سواء ضحية للعنف اللفظي أو الجسدي بالمؤسسات التربوية مما جعل اخصائيي علم الإجتماع يدقون ناقوس الخطر ويبحثون عن أسباب إرتفاع العنف بالمدارس الجزائرية. إحتلت الجزائر صدارة البلدان المغاربية من حيث العنف المدرسي في السنوات الأخيرة، حيث تم تسجيل 65 حالة عنف متبادل بين الأساتذة وتلاميذهم في حين كشف المجلس الوطني لثانويات الجزائر، عن أرقام مروعة بالسنوات الأخيرة بإعتبار أن 60 بالمئة من المتمدرسين اقترفوا تصرفات عدوانية بالاعتداء على ما يقارب 5 آلاف أستاذ، منها 200 حالة صدرت عن تلاميذ بالصف الابتدائي، مع تسجيل 20 ألف حالة عنف بين التلاميذ حيث زرعت تلك الظاهرة الرعب بالكيان التربوي الذي كان بوقت سابق يسوده الإحترام لكنه اليوم تحت تهديد حرب الشوارع بفعل أسباب كثيرة من بينها غياب الإحترام وثقافة الحوار بين التلميذ وأستاذه، ليبقى السؤال المطروح على من تقع مسؤولية إنتشار العنف بالمدارس، هل على عاتق التلميذ أم الأستاذ؟ وللوقوف عند أسباب الإنتشار الرهيب للظاهرة قمنا بجولة ميدانية لبعض المؤسسات التربوية بالعاصمة، فخلال زيارتنا لإحدى الإبتدائيات لاحظنا أنه بفترة الإستراحة تتحول ساحة المدرسة إلى حلبة مصارعة بين التلاميذ تبدأ بخلاف بسيط لكنه ينتهي بتبادل للكمات والشتائم القبيحة وما زاد الطين بلة أن الساحة تكاد تكون خالية من المراقبين حيث إكتفت الإدارة بتوبيخ الطلاب بإستدعاء أوليائهم بالرغم من أن أحد التلاميذ نقل على الفور بسيارة الإسعاف بعد إصابته بجروح خطيرة. تلاميذ وأساتذة تحت وقع صدمة العنف عادت مظاهر العنف المدرسي لتتصدر انشغالات الرأي العام، بعد تسجيل مظاهر عنف مورست ضد تلاميذ وأساتذة في محيط المؤسسات التربوية ورغم تصريحات وزير التربية المتكررة والمهددة باتخاذ إجراءات صارمة وردعية ضد المتسببين، إلا أن نقابات التربية تؤكد عدم كفاية هذه الإجراءات، داعية إعادة النظر في مخططات تأمين المؤسسات التربوية مع التدخل السريع للسلطات الأمنية المختصة حيث تعددت أساليب العنف التي يستخدمها التلاميذ لإحداث الشغب داخل أقسامهم، فبعد الكراسي المكسرة واللكمات أصبح التلاميذ يلجؤون إلى الاعتداء الجسدي، مما يسبب في بعض الأحيان عاهات للأساتذة أو لزملائهم في المدرسة هذا ما دفعنا للتوجه لبعض المؤسسات التربوية بالعاصمة، حيث شاهدنا السلوك العدواني لبعض التلاميذ الذين يتشاجرون مع زملائهم بشتى الطرق حيث إستغربنا أن أحد تلاميذ الثانوية يحمل بيده سكينا تجرأ على تهديد زميله به دون أن يضع له المراقبون حدا. بينما قام أحد تلاميذ الإبتدائيات بدفع زميله على السلالم بعد نشوب شجار بينهما بساحة الثانوية، وحسب قول حارس المؤسسة فإن الطفل الذي لم يتجاوز ال10سنوات كاد أن يفقد حياته. في حين أضاف لنا مراقبون بالمؤسسات التربوية أن بعض التلاميذ باتوا يشكلون عصابات داخل مدارسهم وغالبا ما يتشاجرون مع زملائهم أو أساتذتهم بطرق عنيفة، وأحيانا يصل بهم الأمر إلى تهديدهم بالسكين مما جعلهم لايقتربون منهم، وحسب قول أحد المراقبين فإن أحد التلاميذ أصيب بحالة هستيرية لمجرد أن قام الأستاذ بطرده من القسم فإنهال عليه بالضرب بواسطة الكرسي مما إضطرهم إلى طلب المساعدة من الشرطة، كما أضافوا أن الأستاذ كاد أن يفارق الحياة على يده قبل نقله إلى المستشفى في وضع حرج. أولياء متذمرون من عنف المدارس يشتكي العديد من أولياء التلاميذ من سوء معاملة أبنائهم سواء من قبل زملائهم أو أساتذتهم، خاصة أنهم يخرجون سالمين لكنهم يعودون إليهم بحالة يرثى لها بفعل العقاب الممارس عليهم داخل المؤسسة التربوية، فقد أكدت لنا إحدى السيدات أن إبنتها أصيبت بإنهيار عصبي بفعل عقاب أستاذة اللغة الفرنسية بعدما أهانتها أمام زميلاتها، وحسب قولها فإنها لم تكتف بهذا بل قامت بضربها في جسدها بواسطة العصا، كما أضافت أن إبنتها رفضت الرجوع إلى تلك المدرسة كونها قللت من قيمتها وعن السبب فتقول أن إبنتها نسيت كراس الفرنسية. في حين يرى أحد أعضاء جمعية أولياء التلاميذ، أن تصرفات بعض الأساتذة غير المحترمة من ضمن الاسباب المؤدية إلى إثارة غضب التلاميذ، حيث أكد لنا أحد الأباء أن إدارة المؤسسة لا تتطلع لمشاكل التلاميذ مما يزيد الضغط عليهم، حيث يقول عن تجربة إبنه أن أستاذ الرياضيات قام بإهانته وشتمه بكلام قبيح أمام زملائه مما أخرجه عن شعوره فقام بتوجيه لكمات لأستاذه. بينما يرفض أولياء أخرون الطرق العنيفة التي يستخدمها بعض الأساتذة لتأديب أبنائهم خاصة أنهم يعاملونهم بطريقة سيئة لا تليق بهيبة الأستاذ، حيث أجمع الأولياء أن عقاب التلاميذ أمر لابد منه بشرط أن لا يتضمن العنف، إضافة إلى الإبتعاد عن الإهانة بالشتائم كونها تترك أثارا معنوية خطيرة. ولأساتذة المدارس رأي في الموضوع يرجع العديد من الأساتذة بالمؤسسات التربوية سبب العنف المتفشي في المدارس الجزائرية، إلى عدم متابعة الأسرة لأبنائها المتمدرسين بشكل مستمر مما يزيد الضغط على الأساتذة الذين يتحملون عناء التربية والتعليم في نفس الوقت، إضافة إلى تلك الأمور فإن الظروف التي نشأ فيها التلميذ تلعب حسب رأيهم دورا كبيرا في طريقة تعامل التلاميذ داخل المدرسة، حيث يقول البعض منهم أن التلميذ يأتي إلى المدرسة ولا احد يسأل عنه يفعل ما يحلو له دون أن يوقفه احد، وحسب بعض الأساتذة فإن هناك اعتداءات متكررة على المراقبين داخل المدارس، كما أضافوا أن التربية الأسرية للتلاميذ المبنية على الإحترام تلعب دورا مهما للحد من الظاهرة، حيث أكد لنا أحد أساتذة الإبتدائيات أنه يملك خبرة تزيد عن 20 سنة في الميدان التربوي جعلته يجيد التعامل مع تلاميذه، كما أضاف أن العقاب البعيد عن العنف والإهانة كفيل بإبعاد الطلاب عن التسيب في حين أكد أن الأستاذ لابد أن يكون لديه ثقافة نفسية عن سبل التعامل مع التلميذ ليلعب دور طبيبا نفسيا يحل مشاكل التلميذ داخل قسمه قبل أن يقوم بواجب التعليم. من جهة أخرى يرى بعض الأساتذة أن العقاب في حدود المعقول دون اللجوء للضرب أو إهانة التلميذ بالشتائم كفرض واجبات إضافية هي الأنفع لحث التلميذ على المثابرة والنجاح الدراسي، إضافة إلى تبادل الإحترام الذي يزرع حب التلاميذ للأستاذ. حيث أكد جل من تحدثنا إليهم من الأساتذة أن نسبة كبيرة من الأولياء لا يقتنعون بما يقوم به أبناؤهم، بل هناك من الآباء من يستعمل العنف مع الأستاذ أو رفع دعوى قضائية ضده وذلك لحماية ابنه من العقاب. قضايا العنف المدرسي تدق أبواب المحاكم تتعدد أساليب العنف التي يستخدمها التلاميذ لإحداث الشغب داخل أقسامهم، فبعد اللكمات والكراسي المحطمة أصبح التلاميذ يلجؤون إلى الاعتداء الجسدي بإستعمال الأسلحة البيضاء، مما يسبب في بعض الأحيان عاهات للأستاذ مثلما حدث في إحدى الثانويات بالعاصمة، حيث منع الأستاذ التلاميذ من الخروج وقت الاستراحة حتى إكمال حل التمرين، فأوسعوه ضربا وطرحوه أرضا مما تسبب له في عجز طبي. كما لا تزال إحدى قضايا العنف المدرسي عالقة في أروقة المحاكم، حيث علمنا أن احد أساتذة التربية البدنية ضبط تلميذا في وضع غير أخلاقي فأراد إعادته إلى الحصة، غير أن التلميذ لم يرضخ لأمر الأستاذ واعتدى عليه بالضرب مما تسبب له في عجز لمدة 15 يوما، وقام الأستاذ برفع دعوى قضائية على التلميذ وهي الأن في أروقة المحاكم لم يفصل فيها بعد. حوادث عنف غريبة في مؤسسات تربوية يجمع المواطنون من أولياء التلاميذ والأسرة التربوية بباتنة، على أن العنف المدرسي قد استيقظ بشكل ملفت للانتباه خلال السنوات الثلاث الأخيرة عبر مختلف المؤسسات التعليمية بالولاية، وأصبح من غير المبالغ فيه أن تصنف باتنة كأول ولاية تسجيلا لحوادث العنف داخل الوسط المدرسي، والاعتداءات التي تطال التلاميذ والأساتذة وتتجاوزهم إلى المدير في بعض الأحيان، وقد تنتهي وقائعها إلى أروقة العدالة أو مصلحة الاستعجالات بالمستشفى مثلما حدث مؤخرا بثانوية الجزار، التي تحولت إلى حلبة صراع بين التلاميذ لم تفلح مجهودات الأساتذة في إنهائه، ما استدعى تدخل عناصر الأمن والحماية المدنية التي نقلت الجرحى البالغ عددهم 17 شابا إلى المصلحة المختصة بمستشفى بريكة لتلقي الإسعافات الأولية، وهي الأحداث المشابهة لما وقع بثانوية “علي النمر” بسبب قيام المدير بإغلاق الباب الخارجي للمؤسسة قبل 10 دقائق من بداية الدوام، ما سبب احتجاج التلاميذ الذين عبروا عن ذلك برشق الفناء بالحجارة ما أدى إلى إصابة ثلاثة تلاميذ بجروح متفاوتة الخطورة، كما أصيبت تلميذة إصابة بليغة على مستوى الفك والفم ما أدى بالإدارة إلى الاستنجاد بمصالح الشرطة التي تنقلت لتهدئة التلاميذ وردعهم فيما نقل الجرحى من قبل عناصر الحماية المدنية إلى مستشفى باتنة الجامعي لتلقي الإسعافات الأولية. تلميذ يعتدي على مديره بعد فصله تولت محكمة بريكة، معالجة قضية الاعتداء على مدير ثانوية من طرف تلميذ مفصول بداية هذا الموسم، ما تسبب له في جروح خطرة حررت له إثرها شهادة عجز عن العمل، وقد أدانت المحكمة المتهم بعامين حبسا نافذا، حيث مثل أمام قسم الجنح بتهمة الضرب والجرح العمدي في حق مدير ثانوية، كما اقتحم مجموعة من الغرباء المتوسطة وهم مدججون بالأسلحة البيضاء والهراوات بغية الاعتداء على أحد الأساتذة، وبدائرة بريكة تحديدا شهدت مؤخرا إحدى الابتدائيات واقعة ضرب تلميذ يدرس السنة الرابعة من طرف أستاذة اللغة الفرنسية التي أصابته في مناطق متفرقة، حيث حررت له شهادة طبية عند طبيب مختص أثبتت عجز التلميذ 21 يوما، ليباشر الولي إجراءات إيداع شكوى لدى مصالح الأمن التي فتحت تحقيقا في الموضوع. من عنف إلى جريمة قتل وإنتقام بمدارس غليزان يتخذ العنف المدرسي بولاية غليزان، أشكالا مختلفة فمن الاعتداء الجسدي، والسبّ والشتم، تحول في مطلع الموسم الدراسي الجاري إلى القتل، وهي الحادثة التي هزت متوسطة سطال بعاصمة الولاية، تؤكد الأرقام المستقاة من محيط مديرية التربية بولاية غليزان، أنّ العنف المدرسي يفرض نفسه كمظهر جديد وسط المتمدرسين رغم حملات التوعية والتحسيس، التي باشرتها الجهات المعنية ووسائل الإعلام المختلفة، فمع بداية الموسم الدراسي الجديد اهتز القطاع على وقوع جريمة نكراء، راح ضحيتها تلميذ في السنة الرابعة متوسط، يدعى “ع.ي” 16 سنة، قتل على يد زميله في الصف نفسه، وهما يتابعان دراستهما في متوسطة سطال بغليزان، وهي الحادثة التي استنكرتها الأسرة التربوية واعتبرتها سابقة خطيرة في القطاع، رغم أنّ مسرح الجريمة وقع على بعد أمتار من المتوسطة. فيما تمثلت الحادثة الثانية والتي وصفت بالغريبة، شهدتها ثانوية شارع الشهداء بوادي ارهيو، عندما أقدمت تلميذة في الثالثة ثانوي على رش زملائها بمادة الغاز المسيل للدموع، حيث تم نقل المصابين إلى المستشفى. في حين تعرضت أستاذة تشتغل في إحدى المؤسسات التربوية بحي خرازة لاعتداء وسرقة حقيبتها اليدوية فور خروجها من العمل من قبل تلميذها بعد قيامها بطرده من القسم.