يذهب المجاهد جلول ملايكة، في هذا الجزء من شهادته، في شرح وتفصيل خلفية بعض الأحداث التي شكلت منعطفات هامة في تاريخ الجزائر المستقلة، إلى حد الكشف عن أسرار ظلت حبيسة صدور من عاصروها، منها ما تعلق بمرحلة الحزب الواحد، ومنها ما واكب بداية التحول نحو الانفتاح أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي، وما تخللها من صراعات وشد وجذب بين مختلف أجنحة السلطة آنذاك، أدت إلى استقالة رئيس المجلس الشعبي الوطني المرحوم رابح بيطاط، ووقوع مشادات بين نواب المجلس بسبب الانتقال المباشر من الاشتراكية إلى الرأسمالية، وأدت لاحقا إلى استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد، وتوقيف المسار الانتخابي . ماهي المناصب التي شغلتها في بداية الاستقلال؟ شغلت منصب نائب في المجلس الوطني التأسيسي، وكنت بالوزارة مع ذلك مسؤولا في الحزب على مستوى ناحية البليدة. وعندما انتهت مهمة المجلس عام 1964، أخذت حريتي لمدة معينة. ألم يستعن بك هواري بومدين، أثناء تحضيره الانقلاب على حكم الرئيس أحمد بن بلة؟ كنا على اتصال به قبل الانقلاب عندما كان وزيرا للدفاع. هل كنتم على علم مسبق بتوجه وزير الدفاع آنذاك، نحو الانقلاب على الرئيس بن بلة؟ لم نكن على علم، ولكننا كنا نشعر بوجود شيء غير طبيعي. إقدام بن بلة على عزل بعض المقربين من بومدين منهم وزير الداخلية أحمد مدغري رحمه الله، وعبد العزيز بوتفليقة من ضمن المؤشرات. كان بن بلة يحضّر انقلابا على هذه الجماعة. وفي تلك الفترة أرسل الرئيس المصري جمال عبد الناصر، المشير عبد الحكيم عامر، للتوفيق بين بن بلة وبومدين لكن كان الأوان قد فات. وفي لقائه مع المشير عبد الحكيم عامر، قال له بومدين: “ليس لديك تقريرا طويلا نقدمه إلى عبد الناصر، قل له في كلمتين: “بن بلة أراد أن يتعشى بنا فتغذينا به”. هل كانت لدى بن بلة تحفظات على بومدين وفريقه؟ طبعا، لأنه اتخذ قرارا بتسمية الطاهر زبيري قائدا عاما للجيش، في غياب هواري بومدين الذي كان في مهمة في الاتحاد السوفياتي، رغم أن حضور وزير الدفاع في تعيين كهذا ضروري وفق تقاليد المتعارف عليها دوليا. ومع ذلك فإن بومدين أحسن التصرف عندما صرح بأن قرار بن بلة جاء بالاتفاق معه.