على ذكر حسين آيت أحمد، كيف تم اختياره لرئاسة جبهة القوى الاشتراكية (الأفافاس) وقد كنت أحد أعضائها المؤسسين؟ كنا ضد مبدأ الاستيلاء على السلطة بالسلاح، وجاءت أول فرصة للتعبير عن هذا الرفض مع إلقاء القبض على رئيس المجلس الشعبي الوطني غداة الاستقلال، عباس فرحات، وعلى مجموعة أخرى من النواب وعلى محمد بوضياف وبعض قادة الثورة التحريرية. دخلنا في صفوف المعارضة منذ 62. وعندما كنا بصدد تأسيس حركة الأفافاس، كنا في حاجة إلى تدعيمها بشخصية تاريخية مشهود لها فوقع اختيارنا على حسين آيت أحمد، لأنه ظل محايدا ولم يتخذ موقفا مساندا لجماعة تلمسان أو لجماعة تيزي وزو. لم ينخرط في مؤامرات 62، ولم يقف لا مع جماعة كريم بلقاسم ومحمد بوضياف، ولا مع جماعة أحمد بن بلة وهواري بومدين. قابلنا حسين آيت أحمد لنعرض عليه الأمر فسأل عن الأشخاص المنخرطين في هذا المسعى، وعندما أتينا على ذكر اسم كريم بلقاسم أبدى تحفظه. فما كان منا إلا أن اتصلنا بكريم بلقاسم وطلبنا منه الانتظار إلى حين ظهور الأمر، ووقتها يقرر الالتحاق بنا أو لا. ولم نخبره بتحفظ حسين آيت أحمد تفاديا للإحراج. مضت الأمور وفق ما نشاء، وعندما تفجرت قضية الحدود مع المغرب في 9 أكتوبر 1963، عقدنا اجتماعا قال فيه آيت أحمد إن الحدود الآن مهددة، وقد يعتبر البقاء في المعارضة في هذا الظرف نوع من الخيانة فقررنا الاتصال بأحمد بن بلة، وقابلناه في “لافيلا جولي” وكان مع بعض أعضاء حكومته حاضرا منهم: أحمد محساس، ومحمدي السعيد، وعمر أوزقان ومحمد حربي، واتفقنا على ثلاث نقاط: تحرير السجناء السياسيين بمن فيهم فرحات عباس، إنشاء لجنة لتحضير المؤتمر القادم المزمع عقده في 16 أفريل 1964، وإعادة تشكيل قيادة أركان الجيش الوطني الشعبي، وأن تكون كل الولايات التاريخية ممثلة فيها بعضو عن كل ولاية. وأن يتم إعلان هذا الاتفاق في وسائل الإعلام. وإثر هذا الاتفاق قمت بتنفيذ أمر آيت أحمد بالاتصال بالوحدات المرابطة في الجبل وإنزالها إلى البليدة، ومن ثم شحنها في القطار إلى الحدود في حاسي بيضاء. وفي الغد لم يتم الإعلان عن فحوى الاتفاق كما تعهد بذلك بن بلة، فلمسنا المؤامرة مما حدا بحسين آيت أحمد إلى العودة إلى عزلته في منطقة القبائل قبل أن يلقى عليه القبض أضف إلى Facebook del.icio.us Digg StumbleUpon Twitter