في التاسع عشر من شهر جوان2009م رحل عن عالمنا الأديب محمد صالح الجابري الذي ترك سجلاً حافلاً بالمنجزات العلمية والأدبية المتميزة، فقد احتل مكانة مرموقة في الأوساط الثقافية والأكاديمية في الوطن العربي، واشتملت اهتماماته على مختلف مجالات الفكر والأدب واللغة العربية. لقد كان الجابري واحداً من المثقفين الموسوعيين، فهو يعدّ بحق رائداً من الرواد، وعلماً من الأعلام الجادين الذين مازجوا بين شغف البحث العلمي، وجماليات الإبداع الفني، وعمق الرؤية الفكرية، حيث استهوته الثقافة الموسوعية، ولم يجعل قلمه حكراً على جنس أدبي معين، وألف الكثير من الدراسات النقدية، وكتب القصة والرواية والمسرحية، وعمل بجد من أجل التقريب بين أقطار المغرب العربي، وتشييد جسور التواصل بين المشرق والمغرب في عالمنا العربي، وذلك من خلال مشروعه الضخم الموسوم ب:"موسوعة أعلام العلماء والأدباء العرب والمسلمين"، والذي أشرف عليه في إطار أبحاثه لفائدة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التابعة لجامعة الدول العربية، فقضى من أجله ما يربو عن ثلاثين عاماً في البحث والتنقيب خدمة للثقافة العربية، وقد صدر منه تسعة عشر مجلداً. وقد أكد الدكتور سعد بوفلاقة على أن هذا الكتاب يعد أحد الكتب النفيسة التي لا تقل قيمة علمية عن أثمن الأطروحات الجامعية التي تُقدّم للحصول على شهادة الدكتوراه، فقد جمع المؤلف ما كُتب في الموضوع في الصحافة التونسية، وما تفرّق في مختلف المظان والمصادر والمراجع، وقرأها قراءة نقدية، وحلّلها تحليلاً علمياً، وقد سلك في دراسة تلك النصوص الشعرية والنثرية مسلك الحياد العلمي، ممّا جعل الكتاب هاماً قيّماً لا يستغني عنه أي مهتم بالأدب الجزائري الحديث، وتاريخ شمال إفريقيا مُطلقاً، خصوصاً وقد أضفى عليه المؤلف جمالاً ورونقاً بأسلوبه الممتع الشيق، حيث توخى فيه السهولة والسلاسة، الشيء الذي جعل الكتاب ذا قيمة علمية وأدبية وتاريخية، فهو يذكر المصادر والمراجع بكل دقة، ويتعمق في البحث، ولذلك فالكتاب صالح للجمهور والباحثين معاً، وهذا ما جعل جامعة الجزائر وأساتذتها، يقدّرون هذا العمل العلمي حقّ قدره، ويصدرون بشأنه قراراً بدعم طباعته وتعميمه على كل الجامعات والمعاهد العليا بالجزائر، إدراكاً منهم لأهمية ما تضمن من المعلومات والوثائق، واعتزازاً منهم بتراث وطنهم، وتقديراً واحتراماً لصاحب الكتاب الذي أسهم إسهاماً كبيراً في توثيق العلاقات الثقافية بين الجزائر وتونس من خلال هذا الكتاب، ومن خلال ثلاثة كتب أخرى هي: النشاط العلمي والفكري أضف إلى Facebook del.icio.us Digg StumbleUpon Twitter