أكملت المفتشية العامة للمالية منذ أشهر، التحقيق في حسابات ومستندات وزارة التضامن الاجتماعي، غير أن المطلعين على الملف في وزارة المالية يقولون أن النتائج المكتشفة بقيت في أدراج القائمين على التحقيق ولم تعلن بعد لأسباب لا يعسر فهمها. ومست هذه التحقيقات حسابات الوزارة ومنح " فيها نظر " قامت بها الوزارة في عهدة جمال ولد عباس لصالح بعض التنظيمات والجمعيات. وبحسب وثائق برلمانية موثوق بصحتها، فإن وزارة التضامن الاجتماعي هي الوزارة الوحيدة التي تستهلك سنويا جميع الميزانية التي تمنحها إياها الدولة من خلال قانون المالية والقانون التكميلي، إلى درجة أن الوزارة كانت تستهلك الميزانية أشهرا قليلة بعد إدراجها في حساب الوزارة الخاص. ففي حين كانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أنفقت 6 ملايير دينار من ميزانية 36 مليار دينار في سنة 2012، كانت وزارة التضامن الاجتماعي التهمت كل الميزانية في وقت لم يتعد الستة أشهلا إلا بقليل. في الحقيقة إن الوزارة الوحيدة التي كانت تستهلك كل مال الميزانية في كل سنة هي التضامن الاجتماعي. وهذا أمر جيد لو أن النفقات كانت مبررة غير، أن الواقع على خلاف ذلك، فقد سجل تقرير مصالح المالية أن وزارة المالية استكملت سنة 2012 كل الميزانية، ولكن مع منح تدعيمات مشبوهة لصالح تنظيمات طلابية وجمعوية بدافع التأثير السياسي، وأكثر هذه التدعيمات المالية التي بلغت 22 مليار سنتيم لم تكن مبررة ولا موفقة، في حين بقيت أهداف الوزارة الكبيرة مثل منح حافلة لكل بلدية توضع لصالح التلاميذ حبرا على ورق. وكان مجلس المحاسبة، فتح قبل سنوات تحقيقا حول الميزانية التي استفادت منها وزارة التضامن خلال فترة توليها من طرف الوزيرين السابقين جمال ولد عباس والسعيد بركات، بعد ورود تقارير رسمية من جهات تابعة لوزارة المالية تتحدث عن عقد صفقات مريبة أو على الأقل " تفتقر إلى الوضوح والشفافية" وتتسم بتضخيم الفواتير، وعن صرف أموال ضخمة لأغراض لا صلة لها ب"التضامن". وقيل حينها أن التحقيق الذي سيمس عهدتي وزيري القطاع سابقا "جمال ولد عباس" و"السعيد بركات"، تمت مباشرته بناء على معلومات تم تسريبها، تكشف وجود ثغرة مالية في ميزانية التسيير تقدر بمليارات الدينارات، بالإضافة إلى صرف أغلفة مالية ضخمة تحت غطاء التضامن الوطني.