البلوتوث من أكثر الظواهر ارتباطا بالأوساط الشبابية في الآونة الأخيرة وهي الأكثر خطورة عليهم خلال هذه المرحلة بالذات، بالرغم من أنها من أحدث التقنيات التي يحملها الجيل الثالث من الهاتف النقال والذي يمتلك وسائط متعددة كعرض الأفلام والصور وتحميل الأغاني، ولكنه في ذات الوقت أصبح خطرا يهدد المجتمع.لا ينكر أحد منا أن البلوتوث يعد نقلة نوعية في عالم التكنولوجيا، ولكن العديد من الشباب للأسف لا يدرك منفعته وأصبح يستعمله في أمور تنم عن تخلف فادح، لذلك كان علينا الوقوف عند هذه القضية لمعرفة مدى تفشيها وكيفية التعامل معها لتصبح خدمة فعالة. شباب يستعملون البلوتوث لتبادل صور خليعة إن هذه حقيقة على أولياء الأمور إدراكها وهذا باعتراف بعض الشباب أنفسهم أو باكتشاف ذلك عن طريق الصدفة، فقد فزع العديد من الأولياء لما وجدوه في هواتف أبنائهم النقالة. خالد، طالب جامعي، أكد لنا أن أكثر ما يتم تبادله بين الكثير من الشباب عبر البلوتوث هو مختلف الصور والأفلام على اختلاف محتوياتها وأغراضها من أجل المتعة، وتأخد الصور الإباحية حصة الأسد فيها، وكثيرا ما تكون هذه المقاطع الفيلمية مشفرة في هاتف المعني خوفا من أن يفتضح أمره، ويقوم كثير من الشباب بتبادل هذه الصور فيما بينهم بدون حرج، كونهم من جنس واحد ويفهمون بعضهم أكثر، ولكن هذا لم يمنع أن تدخل في نطاق هذا التبادل بعض المراهقات. إن هذا التدوال للصور الخليعة عبر تقنية البلوتوث أصبح عادة بالنسبة للكثير منهم، غير مبالين بنتائج وخلفيات هذا الموضوع الذي يشكل خطرا يواجههم، خاصة فئة المراهقين والأطفال الأكثر عرضة لهذه الأضرار، كونهم في سن لا تسمح لهم بالتمييز بين النافع والضار، خاصة في ظل غياب رقابة الأهل. فحتى صغار السن هم من الفئات الأكثر تعرضا لمساوئ البلوتوث، لذلك لابد أن يكون لهم رأيهم بالرغم من أن الأمر محرج لبعضهم، الشيء الذي منعهم من الحديث عن الموضوع،وفي هذا السياق تحدثنا مع سفيان، 13 سنة، تلميذ في المرحلة الإكمالية، قال أن لديه هاتفا نقالا يحمل تقنية البلوتوث، أما عن الملفات التي يقوم بتحميلها فهي التي تحتوي على الفكاهة والمواقف الطريفة والأغاني، وأنه مهتم بها، فهو يحمل على قدر ما استطاع، ويتبادلها مع أصدقائه، ويضيف أنه كثيرا ما شاهد صورا جنسية في هواتف أصدقائه تخدش الحياء، ولكنه لم يحملها خوفا من أن ينكشف أمره أمام أهله.أما فتيحة، فحدثتنا عن نفس الموضوع، معبرة عن درجة الغضب الشديدة التي انتابتها عندما شاهدت تلك المقاطع التي حملها ابنها، حيث تقول «ابني صغير السن، ولم أكن أظن انه يشاهد هذه الصور الخليعة التي أكد أنها أرسلت له لأول مرة، قد ندمت، لأنني اشتريت له هاتفا نقالا رغم معارضة أبيه للأمر». نادية هي الأخرى اكتشفت بالصدفة ما كان يحمله أخاها في هاتفه، فزال الاستفهام الذي كانت تطرحه حول الساعات التي كان يقضيها وهو يتأمل ذلك الهاتف، حيث تقول «لقد فزعت للأمر، وقمت بمسح كل تلك المقاطع المخلة بالحياء دون علم منه ودون أن أخبر أحدا، ولكنه عاد لتحميلها وتشفيرها«. وفي هذا الصدد يعتبر أحد المختصين في علم النفس أن مشاهدة الطفل لمقاطع جنسية يؤثر على سلوكاته، فقد يصبح مدمنا على مثل هذه المشاهد المخلة بالحياء، كما أن المشهد الجنسي الأول يبقى راسخا في ذهن الطفل ولا ينساه حسب ما أكد لنا في وقت سابق، مما يجعل الطفل يثير العديد من التساؤلات لا تتناسب مع سنه، خاصة إذا كانت تحمل مشاهد جنسية مثلية، والفضول قد يدفع العديد منهم للتجربة. لقد أصبح البلوتوث وسيلة يستعان بها في نشر فضائح وإساءات وأخطاء الغير، وقد تضرر من ذلك كثير من الناس على اختلاف سنهم وجنسهم، فهذا رجل ضبط مع فتاة وأصبحت صورهم تتناقل من جهاز لآخر، وتلك صورت في وضع محرج وأصبحت صورها مصدر لابتزازها وهذه محادثات هاتفية سجلت بين الشباب وأصبحت محط سخرية الجميع. إن تقنية البلوتوث ظاهرة اجتماعية يمكن أن نستفيد منها إذا ما أحسنا استغلالها وهذا ما أكده لنا بلال طالب جامعي، قائلا «يمكن استخدام هذه التقنية في أغراض تعليمية تخدم اهتمامات الطالب، كما يجب التركيز على الجوانب المفيدة، وهذا ما تفعله بعض الدول الغربية، فالبلوتوث يستعمل عندهم في عدة أمور ايجابية من بينها إرسال معلومات حول حركة السير في الطرقات لتجنب المزدحمة منها«. وفي هذا الصدد، يشير العديد من المواطنين إلى ضرورة وجود رقابة على البلوتوث خوفا على أولادهم الذين ما لبثوا يصلون إلى سن معين حتى يصبح الهاتف النقال ضروري بالنسبة لهم ولا مجال لرفض الفكرة، ولكن الرقابة يجب أن تكون ذاتية بالدرجة الأولى، تنبع من الفرد نفسه، وهذه هي بداية المعالجة السليمة والصحيحة للوضع، وهو النهاية الأكيدة لمثل هذه الآفة الاجتماعية، دون أن ننس دور الأسرة و المدرسة في التوعية الحقيقية للأطفال والمراهقين حتى نقنعهم بضرورة حماية أنفسهم بأنفسهم من هذا الغزو التكنولوجي.