يعد الطلاق واحدا من أبرز القضايا التي تعج بها المحاكم الجزائرية خاصة في السنوات الأخيرة، حيث أصبح الطلاق يحدث لأسباب لا تخطر على البال مثل مشاكل الهاتف النقال التي يلقي فيها كل طرف اللوم على الآخر نتيجة التلاعب بأزرار النقال ونسج علاقات عاطفية تكون بداية لانهيار أسرة بكاملها. حسب آخر الإحصاءات الصادرة عن وزارة العدل الجزائرية فقد تم تسجيل 14 ألف حالة طلاق وقعت خلال العشرة أشهر الأخيرة من سنة 2008 من بينها 1250 حالة خلع خلال الثلاثة أشهر الماضية. ومهما تعددت أسباب الطلاق واختلفت من أسرة لأخرى، يبقى هذا الأخير نتيجة ونهاية حتمية لعلاقات تميزت بالتوتر والبحث عن أبسط الذرائع للتخلص من الطرف الآخر. ترى الأستاذة المحامية حاج آسيا أن أسباب الطلاق متعددة وأن كل طرف يرى أن أسبابه مقنعة للانفصال، حتى وإن رأى الكثير من الناس أن بعض المشاكل التي تدفع الأزواج إلى طلب الطلاق بسيطة ويمكن تجاوزها مثل تلك التي برزت في السنوات الأخيرة وكان المتسبب الرئيسي فيها الهاتف النقال. وتؤكد الأستاذة أن هذا الأخير تسبب في حوالي 40 بالمائة من حوادث الطلاق في بلادنا في الخمس سنوات الأخيرة سواء أكان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وذكرت الأستاذة أن الكثير من وقائع الطلاق التي تشهدها المحاكم يوميا يكون الهاتف النقال طرفا مهما فيها، فالاستعمال المفرط لهذا الجهاز في مجتمعنا مع التطور التكنولوجي الذي شهده هذا الأخير ساهم في انتشار و تفشي العديد من الظواهر الخطيرة التي تسببت في خراب الكثير من البيوت وانهيارها نتيجة تعمد أحد الطرفين اللعب بهذا الجهاز وربط علاقات عاطفية مع أشخاص كثيرين دون حساب للعواقب التي قد تنجر عن أفعالهم تلك. وتضيف الأستاذة أنه رغم تنازل المرأة عن حقها وغفرانها لزوجها حفاظا على استمرارية حياتها الزوجية، إلا أن الكثير من الأزواج لا يبالون بذلك ويعتبرون الأمر مجرد تسلية، لكن ما نراه في المحاكم يوميا من وقائع سببها الهاتف النقال سواء حوادث طلاق أو فضائح البلوتوث وصور الأفلام الخليعة التي يتداولها الشباب فيما بينهم، تدفعنا إلى التنبه من خطورة الاستعمال السيئ لهذا الجهاز الذي قد يعصف باستقرار عائلة بين ليلة وضحاها، وإن كان جيل الأمس أكثر وعيا خاصة النساء إلا أن جيل اليوم لا يتوانى عن تهديم أسرته عند أبسط مشكلة قد تواجهه. النقال.. سلاح ذو حدين يعتبر الهاتف النقال بوابة لكثير من المشاكل فرغم فوائده العديدة التي لا ينكرها أحد إلا أن هذا الجهاز الصغير قد جلب معه الكثير من المشاكل التي نجمت عن سوء استعماله في أغلب الأحيان، وتعمد الناس تمضية الوقت من خلال الحديث وربط علاقات عاطفية مع أشخاص لا يعرفونهم لكنهم يكتفون بتشكيل أرقام عشوائية يستمرون في الاتصال بها إذا وجدوا تجاوبا من الطرف الثاني. ومن خلال ذلك أصبح الهاتف النقال بوابة لأكبر المشاكل التي تعصف باستقرار الأسرة الجزائرية والسيدة ليلى مثال حي وضحية من ضحايا الهاتف النقال الذي أنهى علاقتها الزوجية التي استمرت لأربع سنوات، فرغم أنها لم تكن مستقرة بسبب كثرة الخلافات إلا أن الهاتف النقال كان القطرة التي أفاضت كأس الغضب. تقول السيدة ليلى إن حياتها الزوجية لم تكن جيدة لكنها كانت تمتنع عن إثارة المشاكل في أغلب الأحيان حفاظا على استقرار أسرتها، إلا أن إفراط زوجها في الحديث بالهاتف النقال وربطه علاقات عديدة مع الفتيات لدرجة أن إحداهن لم تتحرج في الحديث معها وإخبارها بأنها على علاقة مع صاحب الهاتف، فجر بيت الزوجية وكان الطلاق نهاية حتمية لاستهتار الزوج وعدم مبالاته باستمرار حياته الزوجية. وتضيف السيدة ليلى أن زوجها لم ينكر الأمر عندما واجهته ''وهذا ما دفعني - تقول - إلى طلب الطلاق والانفصال عنه نهائيا، ورغم أن الكثير لاموني عن سلوكي هذا واعتبروا أن قصص العلاقات الهاتفية منتشرة جدا في المجتمع وما خفي كان أعظم، إلا أنه و بالنسبة لي أرى أن في الأمر تعدٍ على كرامتي ولا يمكنني التساهل مع هذه الأعمال نهائيا». ويرى العديد من الناس أن السبب الأول لحدوث المشاكل التي يسببها النقال أنه كان بداية ووسيلة لربط علاقات عاطفية والجميع يدرك أن الهاتف النقال أداة تمكن مستعملها من الاتصال بأي شخص وفي أي وقت، لذلك يرى الأزواج أن الهاتف النقال في يد أحدهما بداية لمشاكل خاصة إذا تعرف الطرفان على بعضهما البعض عبر هذه الوسيلة، وترى الزوجة أن زوجها لم يتخل بعد عن استعماله للهاتف للحديث مع الفتيات وتقتل الغيرة الزوج إذا احتفظت زوجته بهاتفها النقال ومن هنا يصعب على الطرفين إقناع بعضهما بأن كل واحد منهما قد تخلى عن عاداته السابقة إلى أن يقع الدليل القاطع في يد أحد الزوجين ليحدث أبغض الحلال لأسباب وتراكمات نجمت عن سوء استخدام التكنولوجيا الحديثة والعبث بها الذي هو في نهاية الأمر عبث بمصير المجتمع والأسرة التي هي لبنته الأساسية بحدوث الطلاق.