استفادت دائرة مغنية من برنامج تنموي يشمل مختلف القطاعات ويهدف أساسا إلى تحقيق مستوى مقبول من التوازن داخل المنطقة وتحسين المستوى المعيشي للمواطن، بهذه المنطقة الحدودية التي عرفت منذ سنة 99 إلى غاية يومنا هذا قفزة نوعية من حيث المشاريع التنموية سيما في ظل مواصفاتها الاقتصادية والفلاحية والصناعية الهامة التي تؤهلها أن تظفر بصفة الولاية، غير أنها وبالرغم من كل هذا فإنها ماتزال تسجل بها عراقيل عديدة جعلتها راكدة حضريا، بل الأخطر من ذلك فقد أصبحت معروفة عالميا بالمنطقة الخصبة ل»التهريب» التي نالتها عن جدارة واستحقاق، الأمر الذي يطرح عدة تساؤلات تقفز إلى الواقع والواجهة كلما تأملها بعمق أي مواطن مغناوي يحمل قدرا كبيرا من الفهم، أما الأجوبة عن تلك الأسئلة فليست بالتأكيد مجهولة فإن كل من فكر وقدر وجد جوابا تماما على الأقل، فقد تعتبر أن الوضع الجيوالسياسي للمدينة جعلها عرضة دائما لمختلف الصدمات، هكذا يقول الجميع وعلى لسان كل متحدث من المدينة ومن عامة الشعب، إنهم مدركون، بل ومقتنعون بأن مصلحة واستراتيجية تلمسان هي التي تصيب مغنية. مغنية من بلدية إلى « ولاية « ... حلم منتظر لتعد بنا الذاكرة إلى الملف الملغم، حول مستقبلها وهو ما ذكر سالفا من أجل تحقيق هذا المشروع الذي طالت مدته، وأفقد آمال أجيال تطمح لهذا المستقبل. إن حكاية مشروع الولاية لهذه المنطقة الحدودية يعود إلى حوالي 20 سنة، فمنذ التحضير للتقسيم الإداري الجديد في سنة 1984 تمكن المغناويون المشكلون من مختلف فعاليات حزب جبهة التحرير الوطني في مغنية وعلى رأسهم نواب البرلمان من تمرير مشروع الولاية إلى لجنة الدراسة، فحققوا بذلك فعالية عالية في جدول الترتيب يجعلها مؤهلة ضمن قائمة الولاية الجديدة، لكن في آخر المطاف يوقف المشروع ويدفن في قبر مدة من الزمن، وبعد دخول السنوات الأولى من التسعينات إبان فتح الحدود الجزائرية المغربية، وأثناء مرحلة الرئيس اليامين زروال ظهر تنظيم جديد وأظهر ولاء كاملا أثناء انتخابه، والمتشكل من فعاليات التجمع الوطني الديمقراطي، هذا الأخير الذي تقوى وحمل مشروع الولاية عاليا بعدما دفن خلال سنوات مضت، وحدث التفاهم والتكامل بين تنظيم أعضاء الأرندي فيما يخص مسألة الحدود في انتظار المولود الجديد وبدأ في حمل الشعارات الأساسية من جديد عن وعد الجهات الوصية من قبل بخصوص تحقيق مشروع الولاية في أقرب الآجال، ومن أجل ذلك تم إعادة إنعاش الشروط المطلبية، الاقتصادية منها والحضارية عموما للمدينة ونفض الغبار المتراكم على المشاريع، وفي هذا الإطار وبالرغم من محدودية العمل والمشاكل اليومية المتفاقمة، إلا أن أمورا ومطالب معظمها تحققت في الآونة الأخيرة. ومن بين البرامج التنموية التي تمّ تحقيقها، تلك المتعلقة بتخصيص أراض للزراعة وإنتاج البطاطا، هذا القطاع الإنتاجي الذي شهد تطورا ملحوظا، وشكل في هذا الصدد فرعا سمي «اتحاد الفلاحين الأحرار» في المنطقة استطاع هذا الأخير أن يدعم اقتصاد الولاية وأصبحت مغنية من بين أهم المناطق المشهورة في إنتاج البطاطا على مستوى الوطن في الجزائر، حتى خصّص الفاتح أوت من كل سنة يوم عيد سمي «يد البطاط» وتمكنت جمعية «راسين» أنذاك من الاهتمام به، ومن جهة أخرى، تم تنفيذ مشروع سد حمام بوغرارة الذي انتهت به الأشغال، والذي تم تدعيمه بمحطة تصفية المياه، بالإضافة إلى التحويلات والتعديلات التي طرأت على شبكة الطرقات، ومن أهم كذلك ما تحقق في الآونة الأخيرة، التحكم والتكفل التام بدواليب الحركة الرياضية على منطقة مغنية، خاصة في ميدان كرة القدم وكرة اليد، وكذا الاهتمام الأكبر بمشروع المركز الجامعي الذي عاينه وجسده مسؤولون أكفاء والذي كان أبناء المنطقة يعلقون عليه آمالا كبيرة للخروج من دوامة البعد والتخلف، خاصة وأن هذه المنطقة كانت تضم آلاف الجامعيين ينتقلون يوميا إلى ولاية تلمسان، ومرت سنوات 95 و96 و97، تحت معاناة لالة مغنية، وقد تكون جزءا من مأساة الجزائر، فللحاجة روايات لا تكاد تنتهي، بعضها إبان العهد الاستعماري، وبعضها خلال حقبة الاستقلال الوطني وأثناء العشرية الأخيرة التي أنهكتها سموم المغرب، فالرئيس الراحل هواري بومدين نزل بها ضيفا في زيارات ميدانية خلال السبعينات، أما الرئيس الشاذلي بن جديد كانت له زيارات مماثلة في تدشين مرافق عمومية خلال الثمانينات، وكذا الرئيس الأسبق السيد اليامين زروال الذي خيب آمال الذين تمنوا رؤيته، إلى غاية سنة 99 حيث نشط رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة مهرجانا من أجل الوئام المدني الذي دعا إليه، فحضر إلى تلمسان ليلتقي بآلاف المواطنين الآتين من كل الحدود طالبين دعمه ونصره والالتفات إلى قضيتهم فيسألهم: «ماذا تريدون يأهل مغنية»؟»، فيرد الجميع: «غنية ولاية»، لتقوده الزيارة مرة ثانية للمنطقة يوم 07 ماي 2002، والتي كانت حدثا تاريخيا بالنسبة للسكان الذين لم يحظوا كما زعموا بأية زيارة لمسؤول من هذا المستوى من زمن بعيد، حيث كانت هذه الزيارة إلى مغنية، تعتبر ضرورة إستراتيجية أملتها الظروف المعقدة التي شهدتها المنطقة، ولكن مع دخول الألفية الجديدة على هذه المنطقة الحدودية تصاعدت موجة التفاؤل المتفاوتة لدى المواطنين المغناويين والتي تزداد يوما بعد يوم، في انتظار موعد وضع مولود الجديد، الذي ينتظره الكبير والصغير، من نساء وشيوخ ورجال وشباب، لكن كلما حان موعده إلا ويختنق مع أول بداية ولادته فلم يتمكن من الخروج ليكتشف أن هذا المولود لو وضع وتحقق، سيأخذ أهم الدوائر الواقعة في مواقع إستراتيجية، سواء على الشريط الحدودي، أو السواحل رغم أنها مدينة تستجيب للمقياس من الناحية الاقتصادية كغيرها من ولايات الحدود (تندوف، تبسة، اليزي). نهب العقار.. فوضى العمران موروث متواصل لكن في الوقت التي تتطلع، لأن تصبح ولاية منتدبة في حال الإعلان الرسمي عن قائمة الولايات المعنية بهذه الترقية حسب ما تداولته بعض تصريحات المسؤولين في الدولة، خصوصا وأنها تتوفر على جميع المؤهلات التي حددتها السلطات العليا في البلاد كأن يتعلق الأمر بعدد السكان الذي تجاوز ال 113 ألف نسمة حسب الإحصائيات الأخيرة 2008، أو بعدها عن مقر الولاية حاليا والتي تفوق المسافة بينهما ال 65 كلم مربع، تبقى المنطقة تعرف من يوم لآخر تزايدا مذهلا في عدد البنايات الفوضوية المنجزة دون تراخيص رسمية من طرف السلطات العمومية وذلك بكل من حي عمر، حي الحمري، وحي الجرابعة، وغيرها من الأحياء الفوضوية، التي أضحت فيها السكنات غير المكتملة الإنجاز ديكورا يشوّه عمرانها، وهي من بين الأخطاء الفادحة التي أظهرت سوء تسيير السلطات المحلية، ومن بين المواضيع التي يرفض فيها المسؤولون الحديث، خاصة وأن ملف العقار تحوّل في الآونة الأخيرة إلى حديث للعام والخاص، وأصبحت تجاوزاته بادية أمام الرأي العام، وهو الأمر الذي أكده «الاتحاد الولائي للفلاحين الأحرار» في عدة مناسباته، موجها بذلك عدة رسائل تنديدية وطالب تدخل من السلطات المركزية، لأجل قطع الطريق أمام مرتكبي جرائم العقار ومستغلي النفوذ والمناصب عن طريق تحويل الملف على التحقيق والعدالة، لإنهاء مهازل التلاعب بأملاك الدولة، متسائلين في الوقت ذاته عما يمكن أن تفعله السلطات في حالة استفادتها من مشاريع وهياكل عمومية. ولعل ظاهرة البنايات الفوضوية بمغنية لم تكن وليدة العهدة الانتخابية الحالية، وإنما هي موروث عن العهدات السابقة بحيث في الوقت الذي تتكتم فيه السلطات المحلية والمؤسسات الرسمية عن العدد الحقيقي للمنجزات الفوضوية، يبقى العدد ذاته مرشحا للزيادة بحكم عدم وجود إستراتيجية واضحة المعالم والأبعاد بإمكانها القضاء النهائي على هذه الظاهرة التي في حال استمرارها ستخرب النسيج العمراني لبلدية مغنية. شباب بطّال ومحلاّت الرئيس ملاذا للمنحرفين من جهة أخرى تعتبر قضية «شوماج» التي طفت إلى السطح في المدة الأخيرة، من بين أخطر القضايا التي يعيشها الشباب البطال، فقد تم حرمان العديد من شباب بلدية مغنية من إيجاد فرص للعمل بالمشاريع الكبرى وبعض المؤسسات العمومية والاقتصادية، باعتبار العديد منهم يحمل شهادات عليا في الدراسة، ورغم المناصب التي فتحت في وجه هؤلاء الشباب، إلا أنها تبقى ضئيلة مقارنة بعدد الملفات المودعة لدى وكالة التشغيل ومصالح البلدية، خاصة على مستوى مصلحة الشؤون الاجتماعية. وفي الوقت الذي وجهت فيه وزارة الداخلية والجماعات المحلية برقية مستعجلة إلى كل ولاة الجمهورية عبر التراب الوطني تأمرهم من خلالها بإجراء تحقيقات معمّقة مع المستفيدين من المحلات التجارية المنجزة عبر كامل بلديات الوطن في إطار برنامج 100 محل تجاري في كل بلدية، الذي أقرّه رئيس الجمهورية منذ أكثر من ست سنوات، وتخص التحقيقات حسب نص البرقية معرفة الأسباب الحقيقية التي دفعت المستفيدين إلى عدم استغلال محلاتهم التي استفادوا منها عبر مختلف البلديات في أي نشاط مهني أو تجاري. وحسب بعض المصادر المؤكدة فإن هذه التعليمات تهدف إلى إحصاء عدد المحلات التجارية التي كلّف إنجازها خزينة الدولة مبالغ مالية باهظة دون استغلالها من طرف الشباب العاطلين عن العمل من جهة، وكذا حصر المشاكل والعوائق التي اعترضت طريقهم لممارسة نشاطاتهم التي تعهدوا بها أمام المصالح المكلّفة بتوزيع هذه المحلات، وكان الشباب الذين استفادوا من هذه المحلات عبر العديد من بلديات الوطن، قد اشتكوا من جملة من المشاكل، خاصة ما يتعلق منها بسوء اختيار أرضيات تنفيذ مشاريع إنجاز هذه المحلات التي تم بناؤها في مناطق نائية وبعيدة عن التجمعات السكانية عبر أغلب بلديات الوطن من جهة، وكذا ضيق مساحتها من جهة ثانية بالنسبة لبعض المستفيدين المتخصصين في ممارسة نشاطات حرفية أو مهنية. الجدير بالذكر فقط أنه وفي الوقت الذي تم توزيع الآلاف من المحلات المنجزة ضمن برنامج رئيس الجمهورية على الشباب لم تحظ سوى نسبة قليلة بالإستغلال الفعلي، في حين تحوّلت المئات منها في مناطق عديدة من الوطن إلى ملاجئ حقيقية للمنحرفين من متعاطي الخمور والمخدرات وممارسي مختلف أشكال الرذيلة، بينما لازالت نسبة معتبرة منها مجرد مشاريع على الورق فقط دون تجسيد. فببلدية مغنية يبدو أن الأمر انقلب على عكس ما كان مسطرا له، إذ تحولت المحلات المتواجدة بحي بلال والمحاذية للمسبح شبه أولمبي والمقدرة بحوالي 11 محلا تجاريا، إلى وكر وملجأ للشباب المنحرف الذي يقوم بعمليات إجرامية، وتناول المشروبات الكحولية وتعاطي المخدرات، كما تم تكسير البعض منها أبوابها إلى جانب تحويلها إلى أماكن لرمي الفضلات والأوساخ، وكذا ملاذ للمتشردين والكلاب الضالة، وعقب استفسارنا حول عدم استغلالها من طرف المستفدين أكدوا ل»السلام اليوم» أن ثمن كرائها شهريا يقدر بحوالي 3000 دينار، لكن بعد رفض المستفدين دفع هذا المبلغ تم تخفيضه إلى 1000 دينار شهريا، وبالرغم من ذلك تبقى المحلات على وضعيتها، في الوقت الذي برر الآخرون أن المكان الذي تتموقع فيه هذه المحلات بعيدة عن الأحياء والتجمعات السكنية التي من المفروض أن تعطي حركة تجارية واستقطاب الزبائن. محلات أخرى لا تقل خطورة توجد أمام محطة نقل المسافرين وهي محلات محاذية للأروقة حي الشهداء، هي الآن مخربة ومنزوعة الأبواب والنوافذ ودون حراسة، وتحولت هي الأخرى أيضا للمنحرفين، كما أضحت أوكارا للدعارة، والكلاب المتشردة وملجأ للمتشردين، وهو الأمر الذي بات يؤرق سكان حي بلال خاصة عندما يسدل الليل ستاره ويثير مخاوفهم، مما دفع بهم إلى مناشدة السلطات المحلية في ضرورة التفكير في حلّ عاجل قصد استغلال هذه المحلات ومنحها للشباب العطل، فيما شرعت السلطات المحلية مؤخرا في عملية واسعة لإنجاز عشرات من المحلات التجارية ببلدية مغنية، والتي تدخل في إطار برنامج فخامة رئيس الجمهورية والخاص ب 100 محل تجاري لكل بلدية من أجل توفير نشاطات تجارية للشباب البطال، كالمحلات التي تنجز بكل من ساحة الوئام ومحلات أخرى مقابل ثانوية بوعزة الميلود.