حينما يرخي الليل سدوله ويخلد بنو البشر لفسحة سماوية طويلة لراحة الجسد والبال تبدأ حكاية جديدة أبطالها أناس فارق النوم جفونهم وانمحت مرادفات كلمة اسمها الراحة والسكون من قواميسهم فاستحالت حياتهم تواصل دائم من التفكير والبحث والتأمل. في خضم زحمة عالمنا المتسارعة بات من الصعب لأي فرد منا أن ينعم براحة بال تنسيه مكدرات يومه ومنغصات حياته وحتى وان تحصلنا عليها سيكون ذلك بعد أن تنازلنا عن كثير من نعماء دنيانا وترفها إذ أن معادلة السعادة تقتضي تلك الأشياء فالوصول للسعادة المنشودة يمر دوما من بوابة اسمها الصبر والتضحية والكفاح. قلة منا من يستشعر معاني القيم النبيلة والسامية التي تحي فينا الروح وتعطينا ذلك الإحساس بأننا مخلوقات اجتباها رب العزة لتعمير الأرض وعبادته على أحسن وجه يرتضيه الحياة بلا قيم كالجسد بلا روح وكالأرض القاحلة الجرداء عندما تتوافر فينا تلك المعاني حينها فقط ستكون لحياتنا معنى وسندرك سر استخلاف الله لنا لتعمير هاته البسيطة. من أسرار التمكين في الأرض أن يسير الإنسان في الحياة على بصيرة باذلا كل شيء يدخره بغية الحصول على مبتغاه ولكي يحقق مرتبة الرضا الداخلي عن النفس تلك المرحلة التي يتطلب الوصول إليها تضحيات جسام لا يحققها إلا فئة قليلة من البشر ممن باعوا الدنيا وطلقوا شهواتها ومفاتنها كي يستشعروا بصدق تعاملهم مع الله ومع الناس ومع أنفسهم فينعموا بلحظات صفا هي الهدف الذي يرنوا إليه كل من تنفس من نسيم الحياة وعايش أيامها ولياليها. كوننا بشر تلك مسؤولية كبيرة مسؤولية تحتم علينا أن نكون ذلك الكائن الراقي الذي يستخدم نعمة العقل في التفريق بين الخير والشر فيسعى من أجل تكريس المعاني السامية كدستور حياتي للتعامل بين البشر مبتعدا عن كل ما من شأنه أن يتسبب في خراب البشرية ودمارها المهمة صعبة جدا وصعوبتها تكمن في تلك الأجناس البشرية الموجودة بأعداد لا تعد ولا تحصى ممن فقدوا أثمن صفة وهي الإنسانية فصاروا أقرب منهم للحيوانية لكن ذلك لا يعني أنها مستحيلة مادمنا قد تشربنا قيم الحق والعدالة والإخاء وسعينا لنشرها في دنيانا هاته رحلة الصراع بين الخير والشر قائمة منذ بدء الخليقة حتى يرث الله الأرض ومن عليها مامن شك أن النهاية فيها ستؤول لتلك الفئة الخيرة التي نصرت الحق وسعت لإعلاء كلمته.