على هامش معرض التراث الشفهي وغير المادي للبلدان الإسلامية، والذي انطلق السبت الفارط بمتحف تلمسان إلتقينا بمحمد جحيش رئيس دائرة المعارض بتظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، ومدير المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر، فخصنا بهذا الحوار الذي تطرق فيه إلى جملة من المعطيات والمتغيرات الحاصلة في مجال التراث المادي والشفهي وتجربته في هذا المجال. بصفتك كنت منسقا بدائرة المعارض للجزائر عاصمة الثقافة العربية، وبعدها بالمهرجان الإفريقي فبحكم كل هذا كيف ترى تجربة تلمسان مقارنة بالتجارب الأخرى؟ أولا أود شكركم على هذه الإلتفاتة الطيبة، أما فيما يخص المشاركة في تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية بكوني رئيسا لدائرة المعارض فلقد وجدت كل الأمور تسير بشكل حسن، فالتجارب السابقة علمتنا كيفية التعامل مع التظاهرات الكبرى فبالتالي اكتسبنا تجربة كبيرة في إدارة المعارض. أبقى معك في نفس الموضوع هل يمكنك أن تصف لنا هذه التجربة مقارنة بالتجارب السابقة من حيث النجاح والصدى الذي وصلت إليه؟ لابد أن يكون هناك المزيد من الوقت للحكم على التظاهرة فنحن نظمنا 11 معرضا من أصل 15 وأظن بأن الوقت كان ضيقا، بحيث لم يتسنى لنا حتى متابعة الأنشطة الأخرى في إطار التظاهرة، لكن يمكنني القول بأن دائرة المتاحف حققت نجاحا كبيرا من حيث عدد الزائرين في المعارض المنظمة، حيث بلغ عددهم 60 ألف زائر في مدة لا تتعدى الشهرين. على ذكر عدد الزوار كيف ترى اهتمام الناس بالتراث المادي مقارنة بالتراث الشفهي؟ تطرقت إلى نقطة حساسة وهي مدى الإهتمام بالتراث اللامادي، وهنا أقول لك بأن الناس تهتم بالتراث المادي لأنه يعبر مباشرة عن الحضارات بالأشياء الملموسة، أما التراث اللامادي والشفهي فهو في طريق التطور، واليونيسكو أخذت قرارات لتسجيل التراث غير المادي، والجزائر ممثلة بفرقة أهل الليل التي ساهمت في إبراز صورة الجزائر في المعارض الدولية. أريد أن أحدثك عن رقصة معروفة عند أهل تيارت وهي عبارة عن رقصات تجمع بين قبيلتين يتساءل كثير من الناس عن عدم إدراجها ضمن التراث اللامادي لمنظمة اليونيسكو؟ في هذا الإطار أريد أن أكشف لك بأن وزارة الثقافة تبذل قصارى جهدها لإدراجها بمنظمة اليونيسكو المتعلقة بالتراث الغير مادي، لهذا يجب توفير ملف مكتمل إن لم نقل من العيار الثقيل لأن اللوائح التي تبنى عليها هذه الهيئة تتطلب عدة وثائق وتسجيلات من أجل عملية الإدراج ضمن لائحتها، فمثلا هناك بلدان حاضرة بسبع تمثيلات كتركيا، لكن نحن نسعى إلى تمثيل الجزائر أكثر. ماذا تقول عن تنظيم معرض دولي للتراث اللامادي خصوصها بعد كل هذه التجارب المكتسبة في هذا الميدان؟ في هذا الخصوص أريد أن أقول لك بأن الجزائر أول دولة إسلامية تنظم معرضا مخصص للتراث الغير مادي والشفهي بهذا الحجم، وتخصيص معرض بهذا الحجم للبلدان الإسلامية. على حد علمي هناك 31 دولة إسلامية ضمن لوائح اليونيسكو لكن إذا رأينا عدد الدول المشاركة لا نجد إلا 11 دولة فكيف تبرر أسباب غياب البلدان الأخرى؟ اقتصرت المشاركة على 11 دولة لعدة أسباب فهناك الكثير من الدول تعاني من عدة أزمات، أهمها الأزمة الاقتصادية التي أضرت بالعديد من البلدان جعلتها تمتنع عن المشاركة بهذا المعرض. من خلال حديثنا عن الأزمة الاقتصادية العالمية كيف لها أن تؤثر على القطاع الثقافي في البلدان المتضررة من هذا الجانب؟ الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم ساهمت في عرقلة الكثير من المعارض والفعاليات الثقافية، على غرار ما حدث مع موريطانيا التي اعتذرت آخر مرة عن تنظيم تظاهرة موريطانيا عاصمة الثقافة الإسلامية، بسبب الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها. أعود بك إلى المعرض المنظم بتلمسان هل يمكن أن ينتقل هذا المعرض إلى ولايات أخرى داخل الوطن؟ هذا المعرض لا يمكن أن ينتقل بسبب التوصيات التي تلقيناها من طرف البلدان المشاركة، لكن هذا لا يمنع من تنقل جميع المعارض المنظمة في إطار هذه التظاهرة، فمثلا معرض بني حماد الذي تنقل كلية إلى قلعة بني حماد فكل المعارض الأخرى تم نقلها إلى أكثر من ولاية، من أجل إحياء التراث كما ساهمت هذه المعارض أيضا في إحياء التراث المادي واللامادي بمتاحف تلمسان كمتحف المخطوطات بسيدي بومدين وغيرها. هل تفكرون في إقامة معارض أخرى للتراث اللامادي؟ نحن نسعى إلى إعادة بعث التراث بكل أشكاله لذلك سنقوم بإقامة معارض وطنية ودولية للتراث الغير مادي والشفهي، فلقد سبق لنا خوض المغامرة ونجحنا فلماذا لا نحلم بتنظيم معرض دولي للتراث في العالم. ماذا عن الجهود المبذولة من دائرة البحث عن التراث؟ هناك جهود مبذولة من أجل البحث عن تسجيلات فالوسائل العلمية الآن تسمح لنا بإجراء الدراسات وجمع المعلومات المتعلقة بالتراث اللامادي، وأريد أن أضيف بأن عملا كبيرا يجري في الخفاء لإعادة بعث التراث اللامادي وحفظه من التلاشي، لأنه من أحد المكونات الأساسية لهوية الإنسان على وجه الأرض. في الأخير نشكرك على سعة صدرك ولك المجال في قول كلمة أخيرة؟ أنا من يود شكرك على هذه الإلتفاتة وفي أي وقت أنا في الخدمة، وفي الأخير أود أن أتوجه بكلمة إلى الناس بضرورة الحفاظ على التراث الذي تركه الأجداد.