ميناء بوهارون بولاية تيبازة واحد من أهم موانئ الصيد البحري في الجزائر، نظرا للأهمية الاقتصادية الكبيرة التي يحظى بها إضافة إلى أنه قطب سياحي يستقطب آلاف الزوار على مدار السنة من مختلف ولايات الوطن ومن خارجه، إلا أنه خلال السنوات الأخيرة أصبح يواجه جملة من المشاكل التي من شأنها المساس بسمعة الميناء.. ولمعرفة أهم المشاكل التي تواجهه اتجهنا إلى ميناء بوهارون من أجل الوقوف على أهم هذه المشاكل التي يتخبط فيها واقتربنا من الصيادين لمعرفة طبيعة عملهم وانشغالاتهم ليكشفوا لنا معاناة الصياد الجزائري خاصة خلال فصل الشتاء. فصل الشتاء كابوس يلاحق الصيادين: خلال زيارتنا لميناء بوهارون بولاية تيبازة اقتربنا من بعض الصيادين أثناء عودتهم من رحلة الصيد، والذين لم يمتنعوا من التحدث إلينا ونقل مشاكلهم وانشغالاتهم لنا وكان "عبد القادر" واحدا من الصيادين القدامى في الميناء والذي أكد لنا أن أهم مشكل يمكن أن يواجهه الصيادين عموما هو عدم اعتماد نظام من طرف الجهات المعنية للتكفل بهم وأخذ وضعيتهم بعين الاعتبار خصوصا فترات توقفهم عن العمل أثناء فصل الشتاء، إذ يقلّ العمل في هذه الفترة وينعدم أحيانا، وبهذا يجد الصياد نفسه عاطلا عن العمل خاصة الصيادين أصحاب المراكب الصغيرة المختصة في صيد السردين بسبب العواصف وسوء الأحوال الجوية وبرودة الطقس التي تدفع بتجمعات السمك إلى الابتعاد من المياه القريبة من السواحل، يضيف عبد القادر" بالقول إنني صياد وأب لخمسة أطفال قضيت حياتي بأكملها في البحر وأعرف حق المعرفة خبايا هذه المهنة والمشاكل التي يعاني منها الصياد، نحن الصيادون نعمل فقط في فصل الصيف تحسبا لفصل الشتاء، كما أن الدخل الذي نجنيه خلال هذا الفصل ندفع به الديون التي تتراكم علينا خلال فصل الشتاء حيث ندفع لمحلات المواد الغذائية وحدها مايقارب 20.000 دج شهريا"، في حين عبر العديد من الصيادين من عدم وجود نقابة تضم الصيادين وتدافع عن حقوقهم وتتكفل بهم خلال الفترات التي يقل فيها العمل بالخصوص في فصل الشتاء الذي يواجه فيه الصياد جملة من المشاكل التي لا تكاد تنتهي إلا بانقصاء هذا الفصل. وخلال استفسارنا عن ما إن حاولوا تشكيل هيئة خاصة بهم تدافع عن حقوقهم وتتكفل بانشغالاتهم أجابنا أحد الصيادين الكبار السن أنهم قدموا عدة طلبات من أجل ذلك إلا أن الأمر لم يُجد نفعا، كما أن معظم الصيادين أكدوا لنا أن الحاجة والأوضاع المزرية التي يواجهونها تدفعهم إلى القيام ببعض التجاوزات كعدم احترام المواعيد المخصصة للصيد وكذا عدم احترام الراحة البيولوجية للأسماك التي تتكاثر بين شهري ماي وأكتوبر، حيث يمنع القانون منعا باتا صيد السمك خلال هذه الفترة، غير أنهم يضطرون إلى القيام بهذه التجاوزات لأن تفكيرهم الوحيد متوجه للكسب خلال هذه الفترة قوت العام الكامل لعلمهم بما ينتظرهم خلال فصل الشتاء، ولو كانت هناك إجراءات للتكفل بالصياد في الفترة التي يقل فيها العمل لما اضطروا لممارسة هذه التجاوزات التي تردع في معظم الأحيان من قبل حراس السواحل، بإرجاع الأسماك التي لا يتعدى طولها أربع سنتمترات إلى البحر وإحالة القضية إلى العدالة التي تلزمهم في أغلب الأحيان إلى دفع غرامة مالية، حيث قال لنا أحد أصحاب مراكب الصيد أنه عقب بدفع 10 ملايين دج كونه اصطاد السمك المختلط الصغير والكبير كما أنه أجبر على إعادة رميها في البحر، وأضاف أن الصياد صاحب الموكب الصغير يعمل 6 أشهر في السنة في حين يبقي عاطلا طوال الأشهر الباقية ولا يوجد لديه أي دخل آخر غير الصيد، كما أكد لنا أنه لو وجد نظام للتكفل بهم في الفترات التي يقل فيها العمل لما مارسوا هذه التجاوزات. ميناء بوهارون قطب سياحي يغرق في النفايات: وأنت تتجول بميناء بوهارون يشد انتباهك تلك المناظر المنفرة، للقاذورات والنفايات الجافة المنتشرة حول أرصفة الميناء، زيادة على الرائحة الكريهة التي ترافقك طيلة تجوالك وكلما اقتربت من الحوض، إذ إضحى ميناء بوهارون خاصة خلال السنوات الأخيرة عرضة للتلوث، وانتشار مختلف الروائح الكريهة الناتجة عن بقايا الأسماك وتدفق المياه القذرة من مختلف الجهات إلى أرصفة الميناء، إذ يفتقر لأدنى شروط النظافة الأمر الذي قد يشكل تهديدا على الحياة والبيئة والبحرية والتي من شأنها المساس بصحة المستهلك، كما يواجه الميناء خطر تلوث الحوض نتيجة تدفق زيوت البواخر إليه، وكذا تدفق المياه القذرة من مختلف الأماكن المحيطة به، والتي يكون مصدرها المؤسسات الصناعية الموجودة بالمنطقة والتي جعلت من البحر مكانا للتخلص من فضلاتها الكميائية السامة، كما يلجأ البعض إلى رمي مخلفات الأسماك والنفايات والقارورات البلاستيكية بطريقة عشوائية، والتي تكون عرضة للتعفن مع مرور الوقت وبالتالي انتشار الروائح الكريهة في مختلف أرجاء الميناء، زيادة على زيوت البواخر التي من شأنها التسبب في كارثة تهدد الثروة الحيوانية، وتأثر على المردود السنوي لإنتاج السمك وتشكل خطرا على صحة المستهلكين، كما أن هذه المناظر من شأنها المساس بالطابع السياحي للمناء كونها تشوه منظرا طبيعيا يستقطب آلاف الزوار يوميا، كما يؤثر على صحة الصيادين وعمال الميناء، وتشكل خطر على حياتهم بالنظر إلى الكم الهائل من القذورات المنتشرة في الحوض وعلى أرصفة الميناء، حيث عبّر لنا العديد من الزوار عن استيائهم من الوضعية الكارثية التي آل إليها الميناء خاصة غياب شروط النظافة وانتشار الروائح الكريهة التي تدفعهم إلى النفور من مكان اعتادوا التردد إليه منذ زمن. المطاعم بميناء بوهارون وجهة لمحبي السمك: يعدّ ميناء بوهارون بتيبازة قبلة للعديد من محبي السمك بمختلف أنواعه، إذ تنتشر الكثير من مطاعم شواء السمك على الجمر كالسردين والسمك الأحمر والجمبري الذي يعتبر من أكثر الأطباق التي تلقى إقبالا كبيرا من طرف الزبائن رغم غلاء ثمنه، وتستقبل هذه المطاعم الكثير من الزبائن يوميا من مختلف ولايات الوطن ومن خارجه هذا ما يؤكده ترقيم السيارات التي تصطف قرب هذه المطاعم، ويرجع هذا الإقبال الكبير حسب ما أكده لنا بعض الزبائن الذين تقربنا منهم إلى موقعها غير البعيد من مواكب الصيد وكذا الطريق التي تعرض وتطبخ بها الأسماك، رغم الغلاء الفاحش الذي تتميز بها هذه الأطباق، إذ يبلغ ثمن الطبق الواحد من السردين المشوي حوالى 300 دينار في حين يبلغ ثمن طبق الكروفات رويال 1500دج، إلا أن هذ لا يمنع زوار الميناء من الدخول إلى هذه المطاعم وتذوق الأسماك المطهوة على الجمر والتي تثير شهية المارة بسبب رائحتها المتميزة، ونحن نتجول بميناء بوهارون صادفنا "محمد" رفقة زوجته القادمين من ولاية البليدة خارجين من أحد المطاعم وعبرا لنا عن مدى رضاهما بالخدمات التي يقدمها المطعم وحسن الإستقبال والنظافة التي يتميز بها، حيث إعتاد زيادة الميناء كلما أتيحت لهما الفرصة، وكانا في كل مرة يترددا فيها إلى الميناء يقصدون المطعم من أجل تناول طبقهما المتمثل في الكروفات الذي يتميز حسبهم بمذاق مميز خاصة على شاطئ الميناء، أما "أمين " من مدينة بوهارون فقد قال لنا أنه إعتاد زيارة المطعم لما يقدمه من أطباق السمك المشوي فهو يتردد إلى هناك لتناول والاستمتاع بطبق السردين المشوي الذي يتميز بمذاقه اللذيذ كونه يأتي مباشرة من البحر إلى الجمر حسبه، ولمعرفة سبب الإقبال الكبير للزبائن على هذه المطاعم، اقتربنا من إحداها فأخبرنا صاحبه أنه قد يرجع إلى حسن استقبالهم للزبائن وطبيعةsp