يبرز معرض هوس الزجاج للفنانين التشكيليين المتخصصين في تحويل الزجاج جيجيغا حاكم وخالد سعدي الذي تتواصل فعاليته إلى غاية 15 نوفمبر بقصر الرياس بالجزائر العاصمة, مدى قدرة الإبداع البشري انطلاقا من مادة هشة وشفافة كالزجاج. وتؤكد مختلف الأشكال المستعملة من قبل الفنانين المتخرجين من المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة (فن الخط وصور ظلية بشرية وأشكال أخرى مجردة) الاستعمال المتنوع والمختلف للزجاج خارج مجاله الصناعي التقليدي. ويتم تذويب الزجاج والرسم الفسيفسائي عليه عن طريق الحرارة حسب تقنيات متميزة تتراوح من الرسم البسيط على أو تحت الزجاج. و تعطي التحف الخمسون تقريبا المعروضة بقصر 17 من القصر نظرة جديدة للزجاج الذي غالبا مع يعرف بأداة ذات فائدة محدودة كمزهريات, نوافذ, أكواب, قارورات الخ. وتنجز هذه القطع التي تحمل أشكالا متنوعة تميزها ألوان باهية ومشرقة لتزيين داخل المنازل على وجه خاص. تحول هذه القطع الجانب القاطع والشفاف للزجاج ولونه الأصلي الشفاف من خلال إعطائها أشكالا مبتكرة تكون في بعض الأحيان فريدة من نوعيها. تحمل التحف المعرضة الزوار إلى رحلة بين الحقيقة والخيال في قلب منظر طبيعي من أساطير وأفلام رائعة مشهورة بشخصياتها الأسطورية وغاباتها المخضرة ومخلوقاتها الخرافية. وتمكنت القطع المعروضة التي صنعت في ورشة «فيمانيا» لجيجيغا وخالد من جعل الزجاج مادة تزيين مميزة للداخل و الخارج وسيلة لإثارة الخيال بفضل الأشكال المختلفة التي تكون واقعية ومجردة في نفس الوقت بفضل تزاوج ألوانها. وتتمثل أول قطعة تجلب نظر زائر المعرض «حديقتي المزهرة» في حوض مملوء بالرمل وأزهار كبيرة من الزجاج الأزرق والأصفر و البرتقالي والبنفسجي مشدود بطريقة غير مألوفة في أعناق من حديد. وينبعث من هذه القطعة الفنية المستلهمة ربما من قصص أطفال قديمة مثل «آليس في بلاد العجائب» و»بيضاء الثلج والأقزام السبعة» التي وضعت وسط بهو القصر رائحة الربيع وتعكس جمال الطقس بفضل أزهارها ذات الأشكال الواسعة والمتفتحة. وحتى و إن كانت الأعمال التي عرضها الفنانان تختلف عن بعضها البعض فإنها تتقاسم نقطتين مشتركتين تتمثلان في أصالة الأشكال ولمعان الألوان وروعتها. ومن بين الأعمال المعلقة على الجدار التي تثير حتما انتباه الزائر من حيث شكلها نجد سمكة ضخمة حمراء من الزجاج مزية بأشكال قريبة من فن المنمنمات ونسخ ضخم يذكر بالكتابة الصينية أطلق عليه عنوان «جنون أسود». و تعتبر زيارة هذا المعرض عودة إلى زمن ماض مع لمسات معاصرة مفعمة بالإبداع, حيث أن كل الأعمال المعروضة سواء كانت مجردة أو واقعية جذابة من حيث بساطتها واقتراحها أفكارا فريدة من نوعها لكل من لديه رغبة في التزين.