تعرف السوق الموازية ندرة رهيبة في عملة الدولار، في مشهد جديد يهدّد أكبر سوق موازية، طالما تداولت فيه كتلة نقدية ضخمة تقدّر بالملايير، بسبب تحويل"غير طبيعي" للعملة الوطنية من قبل رعايا أجانب على رأسهم الصينيين، ما يهدّد متعاملين اقتصاديين ممّن يعتمدون على السوق المذكور في تحويل العملة في ظل غياب مكاتب صرف رسمية تابعة للبنوك، والتي تكون قيم التحويل فيها بنسب معينة ومحددة، وبلغ حجم السيولة المتداولة في السوق الموازي 3700 مليار دينار، فيما لا تتجاوز في السوق الرسمي مبلغ 2324 مليار دينار باعتراف رسمي من الوزير الأول عبد المالك سلال . "السلام" حاولت الاستفسار عن سبب نقص عملة الدولار في السوق الموازية خاصة أن المواسم التي يكثر فيه الطلب على العملة الأجنبية قد ولّت على غرار فترة العطل والايجازات ومواسم أداء فريضة الحج، إلا أنّها الدولار مفقود، فبعدما كان أصحاب شركات الاستيراد ورجال الأعمال قادرين على توفير مبالغ مالية معتبرة باتوا عاجزين على صرف مبلغ بسيط لتحويله لموريدهم وتسديد مستحقات مشترياتهم في الخارج، خاصة وأنهم يواجهون عراقيل لتمويل احتياجاتهم من البنوك، وفي محاولة منا للاستفسار عن سبب اختفاء عملة الدولار من السوق كان الجواب يحوم حول اجتياح عدد كبير لرعايا صينيين مقيمين بالجزائر للسوق في الآونة الأخيرة، حيث يعملون على تحويل العملة الوطنية إلى الدولار وتهريبها بمختلف الطرق غير شرعية. وفي نفس السياق، أكّد مصدر أمني ل"السلام" أن الأموال التي يتم تحويلها في سوق السكوار تهرّب خارج الوطن بطريقة غير شرعية من قبل رعايا أجانب بمساعدة موظفين في الموانئ والمطارات مقابل عمولات ورشاوى، حيث سبق لمصالح الأمن أن حجزت مبالغ مالية معتبرة بالعملة الوطنية قدرت بالملايير في عدد من المنازل المستأجرة التي يقيم فيها عمال صينيون بالجزائر، في حين تبقي أسباب الاحتفاظ بهذه الأموال داخل المنازل مجهولة يرجح في الغالب إلى تحويلها للدولار من أجل تهريبها بطريقة غير شرعية، في حين تبقي الأموال التي يتم حجزها لفائدة التحقيق. و تأتي ندرة الدولار في السكوار بعد قرابة ستة أشهر من أزمة مالية ضربت نفس السوق، بعد عملية المداهمة التي طالت السوق في بداية شهر ماي الفارط ،وتم على إثرها توقيف ما يقارب 60 تاجرا مع حجز المبالغ المالية التي بحوزتهم من قبل مصالح الشرطة الإقتصادية والمالية لأمن ولاية الجزائر، في إطار حملة شنتها الحكومة على" تجار الدوفيز" وصفت ب" التمثيلية " التي نسجتها الحكومة للتعبير عن نيتها في القضاء على السوق الموازي، ولكن سرعان ما تم إطلاق سراحهم ليعودوا إلى نشاطهم المعهود. للإشارة، فإنه وخلال السنة الفارطة، قدرت المبالغ المالية التي دخلت سوق السكوار من قبل رعايا أجانب ومغتربين خمسة ملايير دولار، ما رفع حجم الكتيبة النقدية الأجنبية في السوق الوطني، لكنها لم تفد الإقتصاد بعدما تم تحويل مبالغ مهمة منها على مستوى السوق الموازية، التي تبقى غطاءا للمعاملات المشبوهة في ظل غياب منظومة مصرفية ومالية في الجزائر خصوص ما تعلق بمكاتب الصرف البنكية المعمول بها في جميع دول العالم، والتي تلزم الجزائر مراقبة حركة أموالها، حيث تعطي هذه الأخيرة وجها أخرا لهذه المعاملات من خلال فرض الرقابة على قيمة وحجم وحركة العملات من خلال تشديد الرقابة عليها باستحداث آليات جديدة من شأنها ضبط حركة صرف وتحويل العملة الصعبة في الجزائر. بخصوص هيمنة السوق الموازية على سوق العملات، إذ أصبحت السوق السوداء ملاذ الجزائريين لتلبية حاجاتهم، رغم أنها تحمل مخاطر، بإعتبار أنها غير شرعية، ورغم تأكيدات منع شراء وبيع العملة الصعبة خارج الإطار الرسمي والقانوني الممثل بالمصارف ومكاتب الصرف المعتمدة، إلا أن الجزائر لا تحصي أي مصرف قانوني، وهو العامل الذي برر تغاضي السلطة عن السوق الموازية للعملة، خاصة مع غياب البدائل القانونية، الأمر الذي حال دون إصلاح الوضع والتحكم في حركة صرف العملة الصعبة، فالسوق السوداء اليوم تحظي بالحرية في شراء وبيع العملة، وهو ما شجع فئة محددة على احتكار مجال المتاجرة في العملة الأجنبية في الجزائر، بهدف تحقيق أرباح طائلة بالرغم من أن العملية من شأنها تكبيد الاقتصاد الوطني خسائر معتبرة، خاصة وأن عملية تحويل الأموال تتحكم فيه مافيا الدوفيز، هذا وسبق لتقرير مكتب التحقيقات الأمريكية أن صنف سوق السكوار في القائمة السوداء نتيجة خطر الاتجار غير مشروع، والتي يمكن أن توجه في عدة عمليات تبييض للأموال أو لتمويل جماعات إرهابية.