هي رابطة نبيلة تربط بين زوجين, فليس هناك أفضل من إكمال الشاب نصف دينه ودخول حياة من المفروض أن تكون كلها استقرار في ظل الحب المتبادل والود والاحترام والتفكير في إنجاب أطفال لتكوين أسرة متماسكة, إلا أن ما يحدث يدفع للاستغراب وهو هدم الكثيرين لأسمى رابطة في الحياة لأسباب قد تكون واقعية وقوية, وقد تكون نتيجة لأول مشكل يصادف الطرفين مهما كانت بساطته, والأسوأ في الأمر حدوث الطلاق بعد حياة دامت بضعة أشهر أو لم تتجاوز الأسبوع وهي الفترة التي لم يتم فيها حتى تعرف الطرفين على بعضهما جيدا ومعرفة آمالهما وطموحاتهما, أفكارهما ونظرتهما للحياة والتي قد تكون متوافقة تمكن من تجاوز كل المشاكل التي تعترض طريقهما ولكنهما في لحظة ما يجهل الكثيرون أسبابها وتفاصيلها يقرر بعض الأزواج اللجوء إلى أبغض الحلال عند الله كآخر حل وقد يكون أول ما فكرا فيه. انتشر الطلاق المبكر في مجتمعنا, وبعد أن كان الزوجان يحاولان بشتى الطرق إيجاد حلول لإعادة المياه لمجاريها وضمان استمرار الحياة الزوجية, وفي حال استمرار الخلافات لفترة طويلة يفكرون في الطلاق أصبحنا اليوم نسمع عن حدوث حالات طلاق في ظرف قياسي بعد الزواج يستمر لبضعة أشهر وحتى لبضعة أسابيع. «السلام اليوم» احتكت ببعض العينات تعرضت للطلاق المبكر, حيث لم يتعد الزواج فيها سنة, فكانت البداية مع عائلة من «جسر قسنطينة» لم يدم زواجها سوى ستة أشهر, عندما طلبت «نوال» من زوجها الطلاق بسبب عدم تحملها العيش مع عائلة زوجها خصوصا أمه التي تستعبدها على حد قولها: «قبل الزواج أرتني أمه الجنة الخيالية التي أوهمتني بها, عندما كانت تخبرنا على أنني سوف أحصل على سكن خاص بي مع زوجي وأنها عبارة عن أم ثانية لي, لكن بعد ما تم الزواج أصبحت عاملة في بيتها عليها وعلى بناتها الأربع, هم يشتغلون في الخارج ويبنون مستقبلهم وأنا أطهو وأنظف, وعندما أردت الدفاع عن نفسي في أول شجار وقع بيني وبين إحدى بناتها, زوجي وقف مع أخته بالرغم من أنه كان متأكدا من أنها المخطئة, فلم أتحمل الوضع تركت المنزل وذهبت إلى أهلي, فطلب الطلاق مني في الأخير, فوافقت في بداية الأمر وطلقنا في المحكمة رسميا», وتواصل «نوال» حديثها فتقول: «كان قبل الزواج يقول لي دائما «ما راح يفرقنا إلا الموت», في حين أن أبسط مشكلة صادفتنا فرقتنا, ولكن بعد مرور بضعة أشهر طلب مني الرجوع عند سماعه الخبر بأنني حامل ولكن لم أوافق إلا بشرط توفيره سكنا خاصا بنا, وبما أنه لم يلب طلبي, مازلت أسكن مع أهلي وابني الذي يبلغ من العمر الآن سبع سنوات بالرغم من إصراره المتواصل عليّ». وفي قصة هي الأخرى غريبة, حدثتنا عنها «وسيلة» فقالت: «لقد طلب رجل الطلاق من زوجته, وأعادها إلى بيت أهلها وهي مازالت عذراء, لأنه لم يمسسها قط, وقد كان هذا في أول يوم لزواجهما بسبب اكتشافه أن تلك الأسنان التي كانت تضعها هي ليست أسنانا حقيقية, بل هي عبارة عن طقم, فلم يحتمل الوضع, وأخبرها بأنها قامت بخيانته, لأنها لم تخبره بالحقيقة رغم أنه سألها قبل الزواج في أحد الأيام عنها, في حين أنه أخبرها مرارا بأنها هي أول شيء لفت انتباهه وجذبه إليها». الأفلام الإباحية والزواج الإجباري من بين الأسباب مهما كانت أسباب الطلاق المبكر, إلا أن العديد من الأشخاص الذين التقت بهم «السلام اليوم» عند نزولها إلى الشارع, أجمعوا على أنها تتمحور في نقاط عديدة متباينة في الرأي, فيرجع «كريم» 33 سنة, مطلق, هذا الطلاق المبكر بين الزوجين إلى اختلافهما في الثقافة المكتسبة وطريقة التفكير والتكافؤ المادي, ويستند في قوله على تجربته الشخصية التي مر بها فيقول: «بعد تجربتي في الطلاق الذي لم يدم أكثر من سنة, وجدت أن السبب الرئيسي الذي أدى إلى ذلك هو عدم التكافؤ وغياب الاحترام المتبادل بيننا, لأن هذا حسب اعتقادي هو السبيل الوحيد لضمان الاستمرار لهذا الارتباط بين الزوجين, فإذ لم يتوفر هذا الجو فسوف يأتي الطلاق لا محالة», ويضيف قائلا: «حتى اختلاف الزوجين في طريقة التفكير والثقافة المكتسبة يضع الحواجز بين الزوجين في الكثير من الحالات, فيحتقر أحدهما الآخر ولا يظهر له أدنى مستويات الحب والعطف, لدرجة أن الزوج مثلا يعتبر زوجته شخصا يحقق له المتعة فقط, وهذه الأخيرة لا تقل أهمية عنه, إذ أنها تنظر إليه على أنه رجل بدون مستوى, وقد تحاول فرض سيطرتها عليه, لتلغي شخصيته في المستقبل, فهذا التصرف يؤدي إلى الطلاق في النهاية مهما طالت مدة الزواج بينهما». وفي نفس السياق يؤكد «وليد» 27 سنة, أن الطلاق المبكر في بعض الأحيان يرجع إلى سوء اختيار الطرف الآخر فيقول: «هناك من يتسرع عادة في اختيار الطرف الآخر, فيقع في الأخير في عدم تكافؤ المستوى التأهيلي بينهما, خصوصا في العديد من الأمور الجوهرية بالأخص إذا كان الرجل هو الأقل في الكفاءة من المرأة». في حين ترجع «نعيمة» 22 سنة, طالبة جامعية, هذا الطلاق إلى عدم توعية الشباب المقبل على الزواج من قبل الأسرة: «أعتقد أن السبب الرئيسي المؤدي إلى الطلاق هو عدم تأهيل وتوعية الشباب المقبل على الزواج من خلال تنشئته اجتماعيا من طرف الأسرة وأيضا غياب دور منظمات المجتمع المدني في نشر هذا الوعي لتحمل كل شخص مسؤولية الزواج, من خلال نصحهم وإرشادهم للأسس الصحيحة في الحياة الزوجية, خاصة وأن الكثير من الشباب, خاصة الجنس اللطيف متأثر بالمسلسلات والأفلام التي تقدم نظرة عن العلاقات الزوجية لا علاقة لها بالواقع,ليجدوه في نهاية المطاف مختلف تماما عما يحدث في الحياة اليومية», لتضيف أيضا: «حتى من كثرة مشاهدة الأفلام تستنبط مثلا الفتاة وترسم صورا خيالية عن الزوج من طريقة تمثيل الفنانين في بعض المسلسلات وكيفية تعاملهم مع زوجاتهم,لتبني بعد ذلك صورة للزواج بأنه حياة جميلة بدون مشاكل ولا عراقيل ومحورها هو الحب الكبير الذي يربط بين البطلين». كما تتسبب متابعة الأفلام الإباحية في هدم العلاقة الزوجية على حد تعبير «جمال» 28 سنة, ندما قال: «من وجهة نظري أظن أن السبب الرئيسي في الطلاق المبكر لدى بعض الأزواج والذي لا يتعدى السنة تقريبا يرجع بالدرجة الأولى إلى تأثر أحد الطرفين حتى لا نتهم الرجل فقط بمشاهدة الأفلام الجنسية قبل الزواج وتركيب صورة وهمية عن هذه العلاقة الافتراضية التي يشاهدوها والتي يصعب عليهم تطبيقها بعد الزواج, فيتهمون الطرف الآخر بالضعف الجنسي, وهنا قد تبدأ أولى خطوات نهاية الزواج بالطلا», وأيضا «حكيمة» تساند رأي «جمال» هذا فتقول: «حسب اعتقادي فإن من بين أسباب الطلاق في مجتمعاتنا هي الإدمان على الأفلام الإباحية بالإضافة إلى الخيانة الزوجية بمختلف مظاهرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت, وأيضا المكالمات الهاتفي,ة لأنها بوابة نهاية الزواج». أما «حسينة» 30 سنه, موظفة بمؤسسة عمومية, فترجع هذا الطلاق إلى عدم التكافؤ في العامل المادي عندما قالت: «ربما يكون من أهم أسباب الطلاق هو العامل المادي, فمثلا عندما لا يتحمل الزوج الفقير أعباء الحياة تجده يفرغ جل غضبه على أقرب الناس إليه كزوجته, وعندما لا تتحمل هذه الأخيرة تطلب الطلاق في النهاية», وتضيف «وحتى الغنى قد يسبب الطلاق عندما يتبع الشخص شهوات النفس, ففي بعض الأحيان يذهب الرجل لإشباع حاجته خارج المنزل في خيانات متعددة تكتشف الزوجة أدلتها», وتواصل محدثتنا قولها: «وأيضا قد يرجع إلى الحب الزائد للدنيا ونسيان وجود الآخرة, لأن البعض يريد أن يسير كل شيء حسب هواه ورغباته, لدرجة أنه يصل إلى مرحلة التكبر فيحتقر الطرف الآخر ويفضل نفسه عليه, رغم أن القرآن الكريم والسنة النبوية يؤكدان على أنه واجب علينا أن نحب لأخينا المسلم ما نحب لأنفسنا وليس العكس, وهذا ما يتجلى بين بعض الأزواج في حب النفس والأنانية, والباقي كثير». \ توعية الشباب وحسن اختيارهم الطرف الآخر من الحلول وفي الأخير فقد أجمع العديد من هؤلاء الأشخاص الذين التقت بهم «السلام اليوم» أن الحل يكمن أولا في توعية الشباب والبنات المقبلين على الزواج بما يريده الدين الإسلامي منهم وليس تقليد الغرب وطريقة سيرهم في الحياة, وأيضا إخبارهم بالواقع أن الزواج مهما كان لابد له من مشكلات وعوائق تصادفه, لذلك يستحسن التنبؤ بوقعها في عقول شبابنا وشاباتنا حتى لا يصدمون بوقوعها بعد الزواج ويتمكنوا من التعامل معها باهتمام دون أي ضرر, وثانيا في حسن اختيار الطرف الآخر بدراسة كل الجوانب المتعلقة به قبل الزواج, وهذا بعدم فرض الزوج على البنت من طرف أهلها أو العكس, لذا على الأهل أن يتركوا لهم حرية الاختيار دون قهر أبنائهم وإرغامهم على شيء لا يرغبون فيه, وبهذا القهر يعتقد محدثونا أنه تترتب حالات خيانة زوجية وحالات فشل الزواج في الأخير, كما دعوا إلى ضرورة البحث عن السبل التي تعالج المشاكل وتساهم في استمرارية العلاقة لا اللجوء إلى الطلاق وجعله آخر حل حتى لا يقع الضرر.