بعد انهيار أقرب المترشحين للطرح المغاربي في تمهيديات رئاسيات فرنسا من حزب اليسار مثل جوبي وصعود نجم فييون مع ما لديه من "برودة" كبيرة إزاء الملف المغاربي بصفة عامة والجزائري على وجه الخصوص تبقى الجالية الجزائرية في فرنسا – وهي تشكل وعاء انتخابيا ضخما يقدر بما بين 4 إلى 6 ملايين صوت – لا تدري ماذا ستصنع في أمر الحسم لصالح أحد المترشحين. أما اليمين فأوراقه مشتتة مبعثرة وحظوظه ضئيلة مع انسحاب فرانسوا هولاند ليبقى اليمين المتطرف التي تقودة مارين لوبان الحل الأمثل للكثير من الفرنسيين الذين يرون جدوى "الحسم بالطريقة الأمريكية". في هذا السياق تراقب الجالية الجزائرية في فرنسا مسار الانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسي، فقضايا الإسلام والهجرة أصبحت عرضة لمزايدات المرشحين. كما أن صعود اليمين المتطرف هو في وقت واحد انهيار لليسار ولليمين الفرنسيين. ورأينا كيف نجح حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف في فرنسا في تحقيق اختراق تاريخي في الجولة الأولى من الانتخابات الإقليمية، فهو بهذا يعبد الطريق لمعركة الرئاسيات المقبلة عام 2017، وربما قد يؤهل زعيمته مارين لوبان لتحقيق حلمها في الوصول إلى قصر الإليزيه. وهذا ما يطرح تساؤلات حول كيفية تحول "الجبهة الوطنية" من حزب هامشي، إلى قوة سياسية ضاربة قوّضت ثنائية المشهد السياسي الفرنسي بقطبيه التقليديين، الاشتراكي من جهة واليميني من جهة ثانية؟. هذا وتبرز أسباب متشابكة يختلط فيها الذاتي بالموضوعي والإيديولوجي بالاقتصادي. السبب الأول ذاتي صرف، تمثل في الاستراتيجية الذكية التي انتهجتها لوبان في تغيير صورة الحزب وتجديده بالموازاة مع مجهود شخصي جبّار تمثّل في قيامها بالتخلّص من أبيها جون ماري لوبان وطرده هو ورجاله من قيادة الحزب. وبطرد الأب قطعت مارين شوطاً كبيراً في عملية الجراحة التجميلية السياسية التي أخضعت لها الحزب المتطرف منذ تسلّمها مقاليد رئاسته عام 2011 بهدف جعله حزباً عادياً وحديثاً قادراً على القيام بأدوار طليعية في المشهد السياسي الفرنسي. والمقربون من الحزب يقولون أن مارين لوبان حضرت استراتيجية لجلب أصوات الجالية العربية والمسلمة بانتهاجها نهجا وسطا ومد يد التعاون والتفاهم والابتعاد عن صورة الحزب المتطرف العنصري الذي لا يرضى لفرنسا إلا الفرنسيين.