تتواصل مساعي أحزاب فرنسية لتكوين جبهة موحدة لمنع اليمين المتطرف من الحصول على مكاسب أكثر في الجولة الثانية من انتخابات المناطق، بعد تصدر الجبهة الوطنية بزعامة مارين لوبان نتائج المرحلة الأولى والتي اعتبرت الفوز تمرينا لانتخابات الرئاسة. وقالت لوبان في تصريحات صحفية إن "الشعب الفرنسي يؤكد -في انتخابات بعد انتخابات- ثقته في الجبهة الوطنية، وأعتقد أن الفرنسيين يرغبون في إعطاء فرصة للجبهة الوطنية". ومن جهته قال النائب عن الجبهة الوطنية جيلبير كولار "لدينا الآن فكرة عما ستؤول إليه الأمور.. أعتقد أن مارين ستصل إلى السلطة، وسيأتي يوم يكون لنا فيه امرأة رئيسة للجمهورية". وأجمعت الصحافة الفرنسية في تغطياتها على الاستنتاج ذاته، وخرجت صحيفة "لوباريزيان" الشعبية في صفحتها الأولى بعنوان "الجبهة الوطنية على أبواب السلطة"، واتفقت صحيفتا "لومانيتي" الشيوعية و"لوفيغارو" اليمينية على اختيار عنوان واحد هو "الصدمة". ورأت صحيفة "ليبراسيون" اليسارية أن فوز اليمين المتطرف يقترب، معتبرة أنه "بعدما كانت غير واردة حتى الآن، فإن فكرة السيطرة على السلطة تتبلور بالنسبة إلى هذا الحزب الذي يكسب خمس نقاط في كل انتخابات". وقالت صحيفة لوفيغارو إن "الجبهة الوطنية تتموضع بصخب في قلب مشهدنا السياسي.. إنه فشل ذريع لليسار كما لليمين". وفي مسعى لتفادي نجاح أكبر للجبهة الوطنية، أعلن الحزب الاشتراكي الحاكم في فرنسا انسحابه من منطقتين رئيسيتين على الأقل في الدورة الثانية من انتخابات المناطق، بهدف تشكيل "سد جمهوري" لمنع اليمين المتطرف من الفوز بها. وقال الأمين العام للحزب الاشتراكي جان كريستوف كمباديليس إنه "في المناطق المهددة بالسقوط بيد اليمين المتطرف حيث لا يتقدم اليسار على اليمين، قرر الحزب الاشتراكي تشكيل حاجز جمهوري"، وخصوصا في "نور بادو كاليه باكاردي" و"بروفانس آلب كوت دازور" الواقعتين على التوالي في شمال البلاد وجنوبها. وأكد كمباديليس أن حزبه سيسمح للاشتراكيين بتأييد الجمهوريين في المنطقتين خلال جولة الانتخابات الثانية الحاسمة التي تجرى الأحد المقبل. وتخوض المعركة الانتخابية في "نور بادو كاليه باكاردي" زعيمة الجبهة الوطنية اليميني المتطرف مارين لوبان، في حين تشارك في "بروفانس آلب كوت دازور" ابنة شقيقتها ماريون ماريشال لوبان، وقد حصلت كلتاهما على نحو 41% من الأصوات في الدورة الأولى بحسب التقديرات، وهي نتيجة تكفيهما للفوز بهاتين المنطقتين إذا ما تكررت في الدورة الثانية. ويأتي قرار الحزب الاشتراكي إثر حلول حزب الجبهة الوطنية في الطليعة في ست مناطق على الأقل من أصل 13 في الدورة الأولى من انتخابات المناطق، جامعا نسبة أصوات قياسية بلغت 28% على الصعيد الوطني، بحسب وزارة الداخلية. واستبعد "الجمهوريون" بزعامة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي أي انسحاب أو تحالف مع الحزب الاشتراكي الحاكم لقطع الطريق أمام اليمين المتطرف خلال الدورة الثانية، وهذا رغم دعوات الاشتراكيين بضرورة "تشكيل جبهة جمهورية" في وجه "الجبهة الوطنية" التي حلت أولا في الدورة الأولى.