بعد سنوات طويلة من السرية، نشرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ما يقرب من 13 مليون صفحة من وثائق سرية على الإنترنت. أتحفت الجرائد العربية بهذه الوثائق بحسب استفادتها منها. ولم تتساءل ما هي للمخابرات الأمريكية من إطلاق مثل هذه الوثائق مع اعتلاء الرئيس الجديد ترامب سدة الحكم؟ إن واشنطن لا تعطي وائقها السرية بالمجان لأنها لا تعبث بالسياسة. فإذا عرفت هذا فهمت أن كل شيء له هدفه وكل أمر قد ضبطت له نتائجه مسبقا. لن نزعم أننا سنأتي على حل المقفلات وفك الألغاز المتعلقة بإطلاق الوثائق السرية بالمجان ولكننا سنأخذ عينات من القضايا التي تهم الأمة العربية والاسلامية واللبيب يفهم من تلقاء نفسه خبايا الزوايا. هذا ما يقوله متحدث باسم الوكالة : "الوثائق لم يتم انتقاؤها بل إنها التاريخ الكامل، بمحاسنه ومساوئه" وكان الوصول إلى هذه الوثائق متاحاً فقط من خلال 4 أجهزة كمبيوتر في الأرشيف الوطني، في كوليج بارك، بولاية ماريلاند. تسلط الوثائق الضوء، بحسب وكالة CNN الأمريكية، على أنشطة الوكالة في حروب فيتنام، وكوريا، والحرب الباردة، وتتضمن قضايا تتعلق بمزاعم مشاهدة بعض الأجسام الطائرة، وبرنامج Sky Gate، الذي أطلقته الوكالة لإجراء بحوث تتعلق بامتلاك بعض الأشخاص قدرات على التنبؤ وكيفية الاستفادة منهم، ومن بين السجلات الأكثر غرابة وثائق من مشروع (ستارغايت)، للتعامل مع القوى النفسية واللاوعي. وقال جوزيف لامبرت، مدير إدارة المعلومات في وكالة المخابرات المركزية، إن "الوصول إلى هذه المجموعة التاريخية المهمة لم يعد محدوداً جغرافياً". ويسلط الأرشيف الضوء على تاريخ وكالة المخابرات المركزية الواسع كمنظمة منذ إنشائها. وبحسب ما قال متحدث باسم الوكالة، فالوثائق لم يتم انتقاؤها، بل "إنها التاريخ الكامل، بمحاسنه ومساوئه". ويتكون الأرشيف الكامل من نحو 800 ألف ملف، كانت سابقاً في الأرشيف الوطني في ولاية ماريلاند وحدها. في إحدى الوثائق التي تتناول حقبة الحرب الباردة، والمنشورة بتاريخ يوليو/تموز 1985، تحت عنوان: "دور الاستخبارات في الحرب الباردة"، تتوقع الوثيقة تحولاً في دورها المستقبلي، ونوعية الحروب، والمعلومات التي سيتم جمعها. إذ تقول الوثيقة: "في عالم ينفق أكثر من 6 تريليونات دولار سنوياً (في ذلك الوقت؛ أي عام 1985) على التسلح، ما بين أسلحة وأنظمة متطورة، منذ الحرب العالمية الثانية، فإننا سنكتشف أن معظم الحروب تندلع في بلدان العالم الثالث بسبب الإرهابيين، في وقت نلحظ فيه أن إمكانية اندلاع حرب بين القوى العسكرية الكبرى لم تعد كبيرة". وتؤكد الوثيقة أن "سلاح القنبلة الهيدروجينية قد أسهم إلى حد بعيد في تضاؤل إمكانية اندلاع الحروب بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفييتي، ما يعني أن الاستراتيجية المستقبلية سوف تبنى من قبل رجال المخابرات في كل من CIA وKGB، وعملائهما في بقية بلدان العالم".
كما تحتوي هذه الملفات على وثائق عن هنري كيسنجر، الذي شغل منصب وزير الخارجية في عهد الرئيسين؛ ريتشارد نيكسون، وجيرالد فورد، فضلاً عن عدة مئات من آلاف الصفحات من دراسات للاستخبارات في مجال الأبحاث والتطوير.