أبقى كلود غيان، وزير الداخلية الفرنسي على حالة الغموض التي تخيم على مسار العلاقات الثنائية بين الجزائر وباريس، جاعلا من زياته إلى الجزائر أول أمس مجرد تسجيل حضور، بعدما لم تتخط المهمة عتبة الوعود تحقيق الصداقة المتميزة بين البلدين . وحملت زيارة الوزير الفرنسي للشؤون الداخلية كلود غيان ما يكفي البراهين الدالة على تراجع الإليزيه عن مسعى توقيع اتفاقية الصداقة والشراكة المتميزة مع الجزائر، حيث قال كلود غيان في ندوة صحفية مشتركة مع نظيره الجزائري دحو ولد قابلية أول أمس بإقامة الميثاق بالعاصمة، أن الصداقة سلوك وفعل قبل أن تكول اتفاقية بين الجزائروفرنسا. ولم تنفصل تصريحات كلود غيان عن طابع زيارته إلى الجزائر في هذا الظرف المتسم بهيجان بحر العلاقات الثنائية بين الجزائر وباريس، وعودة الطرفين إلى حلبة تراشق الاتهامات بشأن الماضي الاستعماري، وطغيان مسائل التاريخ وترسباته على مصلحة البلدان في شراكة اقتصادية براغماتية. ولم يستطيع ممثل الحكومة الفرنسية إخفاء حالة التململ التي تتخبط فيها باريس في رسم علاقتها مع الجزائر، متحدثا عما يشبه بالعودة إلى نقطة البداية من خلال تنصيب الطرفين أفواج عمل مشتركة بين وزارتي داخلية البلدين لدراسة وتحديد الأهداف والأولويات التي تهم المستقبل المشترك بين الجزائر وباريس. وقال المسؤول الفرنسي إن زيارته إلى الجزائر كانت بدعوة من نظيره الجزائري دحو ولد قابلية، وقد مكنت الزيارة من تعميق التشاور حول مسائل الصداقة المتميزة بين البلدين، كما سمحت بالتطرق للأهداف المشتركة في جميع القطاعات وبحث قضايا جديدة لم تكن مطروحة في السابق. من جهته وزير الداخلية والجماعات المحلية دحو ولد قابلية أكد في تصريح مقتضب بالمناسبة أن الجزائروفرنسا يعتزمان توفير الجو المناسب لإحياء العلاقة الثنائية، ومضي كلا البلدين نحو تحقيق شراكة نوعية، معتبرا المحادثات التي أجراها مع ضيفه الفرنسي بالمثمرة سيما في مجال الأمن وحركة تنقل المواطنين، دون أن يعطي مزيدا من التفاصيل. المسألة التي أشار إليها الوزير الفرنسي كلود غيان في مستهل تصريحه متحدثا عن الاتفاقية الجزائرية الفرنسية الموقعة سنة 1968 بشأن حركة العمالة وإقامة الأشخاص الجزائريينبفرنسا، ستكون موضوع لقاء عمل في قادم الأيام بين السلطات الجزائرية والفرنسية. هذا وأثنى كلود غيان على إعلان الجزائر القيام بإصلاحات سياسية في أعقاب أحداث الشغب التي حصلت مطلع السنة الحالية، مشيرا إلى رجاحة الموقف الجزائري بخصوص الأزمة الليبية وما تشهده الأقطار العربية من أحداث. وكشفت الزيارة عن تحضير الجزائر وباريس لرزنامة زيارات متبادلة الهدف منها إذابة ركام الجليد الذي يجمد العلاقة الثنائية بين البلدين، سيما مع قدوم ذكرى تبني الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان الفرنسي) على سن ما عرف بقانون العار (قانون 28 فيفري 2005) الممجد للفعل الاستعماري الفرنسي في الجزائر والقارة الإفريقية، والذي شكل انقلابا خطيرا في مسار العلاقات الثنائية، وفتح الباب على مزيد من التشنج الذي بلغ أوجه بإقدام فرنسا على اعتقال دبلوماسي جزائري رفيع بدعوى تورطه في اغتيال علي لمسيلي.