تضبط كل الأحزاب السياسية في المعارضة كانت أم في الموالاة، أجندتها على توقيت صدور قانون الأحزاب الجديد الذي سيكون نقطة تحول نحو مرحلة أخرى في تاريخ التعددية الحزبية في الجزائر، لا أحد يجزم على أنها مرحلة إحداث نقلة نوعية في الفعل الديمقراطي، لكن هي الفرصة السانحة لظهور أحزاب جديدة ستشكل بديلا للطيف السياسي والأداء الحزبي الذي ساد الساحة الوطنية منذ أكثر من عقدين من الزمن. وجاء حسم مسألة تطعيم الساحة السياسية بأحزاب جديدة، بقرار صادر هذه المرة من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في لقائه بمجلس الوزراء الأحد الماضي، مبددا مخاوف قيادات الأحزاب الجديدة، سيما منها الواعدة بإحداث حركة سياسية ترقى لمستوى المنافسة وفرض الوجود في المناخ السياسي السائد حاليا، ومن التشكيلات الناشئة التي يحسب لها حساب، جبهة العدالة والتنمية لرئيسها عبد الله جاب الله المرشح لاستقطاب أنصار التيار الإسلامي، وفرض وجوده كقوة سياسية بديلة للدور الذي كانت تؤديه حركة مجتمع السلم، مستفيدا بذلك من تعاطف حزب جبهة التحرير الوطني، الذي أبدى أمينه العام عبد العزيز »بلخادم« استعداده للتعاون مع أي قوة حزبية تمثيلية للإسلاميين قد تفرزها صناديق تشريعيات 2012، كما يحضى حزب »الاتحاد من أجل الديمقراطية والجمهورية« لرئيسه عمارة بن يونس بالتفاف أنصار ما يعرف بالقطب الديمقراطي، ليكون بذلك بديلا محتملا لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية »الأرسيدي«، الذي بلغت فيه الانشقاقات والانقسامات الداخلية مداها، فضلا عن الدور الهزيل الذي لعبه رئيس الحزب سعيد سعدي في التعاطي مع موجة الثورات العربية، واتهامه من طرف الكثير من النخب بسوء توظيفه »أحداث الربيع العربي«، واستغلالها في تقديم وصفة منطقية ومعقولة لإحداث تغيير هادئ ومثمر في منظومة الحكم والممارسة السياسية في الجزائر، كما ستكون ضمن ألوان الطيف السياسي الذي سيلوح في أفق العام 2012، أحزاب جديدة ستحل محل ما يعرف ب»أرانب« السباق الموجودة حاليا، طبعا بعد أن تحزم العديد من »الحزيبات« والتشكيلات المناسباتية أمتعتها، استعدادا للرحيل من المشهد السياسي الذي لم يعد يحتمل وجود كيانات حزبية غير قادرة على إقناع »المواطن«، أو بالأحرى »المنتخب« الجزائري، وحمله على التوجه لصناديق الاقتراع، بغرض تجاوز عقدة ضعف المشاركة الانتخابية التي باتت مصدر إزعاج وقلق للسلطات التي لا تحبذ تكرار تجربة انتخابات 2007، التي أنتجت »برلمانا« و»مجالس منتخبة« فاشلة بامتياز في التكفل بانشغالات المواطنين وتطلعاتهم في شتى المجالات، ولا يستبعد مراقبون لجوء الرئيس بوتفليقة لإجراء تغيير عميق في الجهاز التنفيذي أواخر شهر جانفي القادم، وبدأ احتفالات رأس السنة الميلادية الجديدة بحكومة جديدة قد يطغى على تشكيلتها التحالف السياسي القائم حاليا، لكنها ستكون حكومة شخصيات تحظى بقبول وإجماع كل الطبقة السياسية بشقيها »القديمة« و»الناشئة«، كعربون ثقة من الرئيس بوتفليقة المطالب باتخاذ إجراءات لاستعادت الأحزاب ثقتها في السلطات، على غرار قرار السماح بمراقبين دوليين للعملية الانتخابية، وتأكيده اعتماد أحزاب جديدة، وهو ما قد يكون محورا لخطاب الرئيس اليوم في لقاء افتتاح السنة القضائية، بعدما كان قد أفرد خطاب زيارته الأخيرة لولاية الأغواط للتأكيد على أهمية مشاريع قوانين الإصلاح السياسي المتوصل إليها، رغم ما لقته من انتقادات لأحزاب المعارضة.